اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة السابعة والأربعون22 مارس 2019 - 13 برمهات 1735 ش     العدد كـــ PDFالعدد 11-12

اخر عدد

تذكارات مباركة في شهر مارس

قداسة البابا تواضروس الثانى

22 مارس 2019 - 13 برمهات 1735 ش

عظة قداس الذكرى السنوية السابعة لنياحة مثلث الرحمات قداسة البابا شنوده الثالث

يوم السبت 16 مارس 2019م، بالكاتدرائية المرقسية الكبرى بالعباسية

نحتفل في هذا الشهر -شهر مارس، والمقابل له شهر برمهات- بتذكارات مقدسة ومباركة، فضلًا عن التذكارات التي نحتفل فيها في كتاب السنكسار الذي نقرأه يوميًا، نحتفل أيضًا بآباء أحباء علّمونا وأرشدونا، وكانوا بمثابة شموع في طريق وفي حياة الكنيسة.

خلال شهر مارس في هذا العام (2019)، نحتفل بمرور 48 سنة على نياحة البابا كيرلس السادس، الذي اعترف به المجمع المقدس قديسًا منذ حوالي 6 سنوات. ونحتفل أيضًا بمرور 7 سنوات على نياحة البابا شنوده الثالث. ونحتفل أيضًا بمرور 43 سنة على نياحة أبونا ميخائيل إبراهيم، أحد الآباء في القاهرة، والذي كان له خدمة واسعة. ونحتفل أيضًا بمرور 40 عامًا على نياحة أبونا بيشوي كامل، أحد كهنة مدينة الإسكندرية. هذه التذكارات وغيرها من الكثير، ولكنني أتكلم عن هؤلاء الذين خدموا، الذين كانوا بمثابة شموع تنير الطريق، وتسلّم الوديعة من جيل إلى جيل. هؤلاء كلهم نحتفل بهم لأنهم خدمونا وخدموا الكنيسة، وحفظوا الإيمان، وعاشوا نورًا كل واحد في الجيل الذي عاش فيه.

تعلمون أيها الأحباء أنه من طقوس كنيستنا استخدام الشمع. والشمعة لا نستخدمها مجرد كطقس، ولكننا نستخدمها أيضًا لأنها تحمل معانٍ كثيرة. من ضمن هذه المعاني أن الشمعة لها ملمس شمعي لطيف، وهذا يعبّر عن السلوك الرقيق الذي يجب أن يسلك فيه الإنسان المسيحي. كما أن الشمعة لا تتكلم، إنها تخدم وهي صامتة، هي تنير ولا نسمع لها صوتًا ولا ضجيج حولها، الشمعة تنير في هدوء وصمت. كما أن الشمعة عبر حياتها تسكب دموعًا، وهذه الدموع التي تسكبها من عمق قلبها، كمثل النفس التي تتعرض لمتاعب كثيرة وتسكب دموعًا أمام الله. كما أن الشمعة تظل تخدم إلى آخر يوم في حياتها، حين توجد شمعة، تجدها منيرة، حتى آخر لحظة في حياتها تقدم هذا النور.

الآباء الذين نحتفل بهم هم كانوا بمثابة شموع في حياة الكنيسة، وخلال الخمسين عامًا الأخيرة كانت أنوارهم تضيء جنبات الكنيسة، وهذا لا يعني أنهم هم فقط الذين ينيرون، ولكن كان هناك أيضًا إعداد كبيرة من الآباء والخدام والخادمات لهم دور في الكنيسة، ولكن هؤلاء الأربعة أحب أتوقف عند سيرتهم ولو قليلًا.

الشمعة الأولى: القديس البابا كيرلس السادس

والذي خدم كبطريرك لهذه الكنيسة حوالي 12 سنة، وقبلها سنين طويلة في الرهبنة، وأيضًا في الخدمة هنا في القاهرة وفي الطاحونة. وكانت شمعتة المتميزة هي شمعة الصلاة المستمرة. وكان يحمل فضائل كثيرة، ولكن كانت الفضيلة المتقدمة هي الصلاة المستمرة. كان محبًا للصلاة، ومحبًا للتسبيح، ومحبًا لهذا النوع من الحياة. وكان في حياته يقضي وقتًا طويلًا في الصلاة، سواءً في القداسات العشيات أو الاجتماعات. وكانت هذه هي الصلوات صلوات حيّة، أحيت الكنيسة، وكانت سببًا في تدفق الروح وتدفق الحيوية في الكنيسة. وكان جيله جيلًا منيرًا بهذه الشمعة، شمعة الصلاة المستمرة.

الشمعة الثانية: البابا شنوده الثالث

وخدم وقتًا طويلًا في البطريركية، أكثر من 40 عامًا، وقبلها حوالي 10 أعوام في الأسقفية العامة للتعليم، وخدم هنا في القاهرة وامتدت خدمته. وكانت له فضائل كثيرة، وكانت الفضيلة المتقدمة هي فضيلة التعليم. كان معلمًا قديرًا، وأعطاه الله نعمة التعليم بأشكال كثيرة: في العظات، والكتب، والاجتماعات، واللقاءات، وفي مناسبات عديدة داخل مصر وخارجها. وعلى يديه امتدت الكنيسة وانتشرت في مواضع كثيرة. وعمله كان قويًا من خلال التعليم الذي قدمه. وكان موهوبًا، ليس فقط في التعليم، ولكن في المواهب الأدبية أيضًا، فكان موهوبًا في إلقاء الشعر وحفظه، موهوبًا في تقديم الأمثال وشرحها، وله طرائف عديدة في بعض المواقف كان يقولها. كانت هذه الشمعة -شمعة التعليم- في جيله، وقدّمها لنا بأمانة، ومازلنا نستضيء بهذه الشمعة حتى اليوم: نقرأ في كتبه، ونتعلم من عظاته، ونستمع إلى صوته؛ وكل هذه يثري الكنيسة ويثري العمل فيها. ومن خلال التعليم جعل هناك نهضة في التعليم في بلادنا مصر وفي كنائسنا، وامتدت هذه النهضة أيضًا إلى الكنائس الأخرى، وامتدت أيضًا إلى الكنائس في المهجر في بلاد كثيرة.

الشمعة الثالثة: القمص ابونا ميخائيل إبراهيم

وكان أبًا روحيًا ذا فضائل كثيرة، وكانت فضيلته المتقدمة هي الاتكال الدائم وحياة التسليم. الذي يقرأ سيرته ويعرف ويطلّع على خدمته، يرى أنه كان في حياة تسليم كامل ليد المسيح، منذ أن اختير كاهنًا، وبعد أن صار خادمًا في وسط إخوته الكهنة. وفي الخدمة كان أبًا روحانيًا، ولذلك تمتع أن يكون أب اعتراف لكثيرين، وكان يعلمهم الحياة المسيحية في عمقها، والحياة المسيحية في عمقها هي حياة التسليم وحياة الطاعة لله، فعمق المسيحية هو أن الإنسان يملك القلب المطيع، ويضع قلبه في يد المسيح في حياة تسليم، وهذا لا يأتي إلّا من قلب تشبّع بالإيمان المستقيم، وتشبّع أيضًا بحضور المسيح في حياته وفي خدمته. وكلنا نتذكر كتابًا وضعه البابا شنوده عن هذا الأب الكاهن، وجعل اسم الكتاب "مثلًا في الرعاية"، جعل هذا الكتاب نموذجًا للراعي الحقيقي الذي يبدأ خدمته بالاتكال الكامل على الله والتسليم الكامل لله في كل ما يصنعه في حياته.

الشمعة الرابعة: القمص بيشوي كامل

وكان كاهنًا في الإسكندرية، وإن كان عبير سيرتة قد امتد لكل الأرجاء. وكان هذا الكاهن المبارك في سيرته وخدمته يتمتع بفضائل كثيرة ظهرت في خدمته في الكهنوت، في مصر وخارج مصر. كانت فضائله كثيرة، ولكن الفضيلة التي تتقدم هي فضيلة الرعاية بالعمل الفردي، بل أنني أتجاسر وأقول إن خدمة العمل الفردي ربما ظهرت على يديه.. كان يهتم بالنفوس الفردية، ربما قرأتم كتبًا كثيرة تشرح في مواقف وقصص كيف كان يهتم بالأفراد وبالافتقاد، وهذا ما جعل سيرته تملأ كل الاسكندرية بل وكل الكرازة. وصارت هذه الشمعة المضيئة نموذجًا لكثيرين.

نحن كنيسة تتمتع بنعم كثيرة يعطيها الله لنا من خلال آباء خدمتنا، وعندما نجتمع في هذا الصباح المبارك يا أحبائي لكي ما نقف أمام الله ونشكره على نعمه الكثيرة التي يسكبها علينا كل صباح وفي كل جيل، وأنه يعطينا هذا التنوع الجميل في آبائنا الأحباء. حين نرى البابا كيرلس والبابا شنوده وأبونا ميخائيل وأبونا بيشوي، نجدهم متنوعين، وهذا التنوع هو غنى الكنيسة المقدسة، ونجد أن الله استخدمهم، وأنهم خدموا هذه الكنيسة المقدسة كلٌّ بطريقته، وكانوا كلهم ناجحين وفي تقدم وفي تدبير الكنيسة المقدسة.

احتفالنا في هذا اليوم ومشاركتنا جميعًا هو تعبير عن وفائنا للآباء الذين تعبوا واجتهدوا بحسب ما أعطاهم الله من نعمة، وبحسب ما أعطاهم الله من فهم، وبحسب ما أعطاهم الله من جهد ومن صحة. نحن نقف أمام الله ونحن في هذا القداس، ونتذكر هؤلاء الأحباء، ونتذكر جهادهم، وننظر إلى نهاية سيرتهم ونتمثل بإيمانهم، فهم مرشدينا الذين كلمونا بكلمة الحق، وكانوا بمثابة شموع وأنوار في حياة الكنيسة. احتفالنا ليس مجرد احتفال تاريخي، وليس على سبيل التذكار فقط، ولكنه بالأحرى احتفال روحي يربط الأرض بالسماء. هؤلاء الآباء الأحباء الذين نتكلم عنهم هم في السماء الآن ونحن على الأرض، هم ينظروننا ونحن نتطلّع إليهم ويعطوننا روح التشجيع كي ما نكمل حياتنا في مخافة الله.

نحن أيضًا ننظر إليهم ونطلب شفاعتهم وصلواتهم ومساندتهم، فهم كانوا يحيون من وقت قريب معنا على الأرض، يعرفون كل ظروفنا، ويعرفون كل أحوالنا وكل ضعفاتنا، ويعرفون الكنيسة المقدسة التي خدموا فيها؛ لذلك يؤازروننا بقوتهم وبصلواتهم وشفاعتهم. نحن في هذا القداس الإلهي، يرفع كل واحد فينا قلبه إلى الله، يطلب صلوات وشفاعات هؤلاء، ويطلب أن تكون هذه الصلوات تملأ الكنيسة.

نحن نشكر الله على نعمه وعلى محبته، ونعلم أن الله يعطينا دائمًا في كل جيل من يخدمنا بالروح والحق. وليباركنا الله بكل بركة روحية ونحن نتذكر آباءنا الأحبار، ونتذكر جهادهم ومحبتهم. نشكر الله على نعمته التي يسكبها علينا، ويبارك الخدمة في كل مكان، ليس فقط مصر ولكن امتدادًا إلى كل المواضع التي بها كنيسة قبطية تخدم من مشارق الشمس إلى مغاربها.




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx