اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة السابعة والأربعون22 مارس 2019 - 13 برمهات 1735 ش     العدد كـــ PDFالعدد 11-12

اخر عدد

حوار مع المهندس إبراهيم سمك
أحد رواد الطاقة النظيفه في الاتحاد الأوروبي
وعضو المجلس الاستشاري الرئاسي
لكبار علماء وخبراء مصر
أجرى الحوار الأستاذة بربارة سليمان

22 مارس 2019 - 13 برمهات 1735 ش

مقدمة:

المصري، ابن الأقصر، خريج جامعة أسيوط.. استطاع بعلمه وإنجازاته أن يضع نفسه ضمن أشهر العلماء والمخترعين في العالم. بعد أن هاجر إلى ألمانيا منذ أكثر من ٣٠ عامًا، الدولة التي كانت تعاني من ضعف في موارد الطاقة، وتُحرّم استخدام العديد من الموارد في توليد وتوفير الطاقة، فاخترع اللمبة الذكية، التي تعمل لمدة خمسة أيام دون إعادة الشحن، وأصبح العالم المصري المهندس إبراهيم سمك هو من استطاع مساندة الدولة الألمانية في التغلب على نقص الطاقة لديهم من خلال إضاءة ألمانيا بأقلّ التكاليف بالطاقة الشمسية.

تشرفنا بلقاء العالم المخترع المهندس إبراهيم سمك، وكان لنا معه هذا الحوار الشيِّق:

ونحن نتحدث عن مخترع، يهمّنا أن نتعرّف عن نشأتكم وأسرتكم، فهل كان منذ الصغر ما قد ساعدكم على الوصول إلى ما حققته من إنجازات اليوم؟ وماذا عن أسرتكم الصغيرة؟

باتضاع شديد تحدث المهندس سمك عن نشأته، وأنه وُلِد في الأقصر عام 1939، في أسرة قبطية ميسورة الحال. كان والده مديرًا لتليفونات الوجه القبلي، وكان يهتم كثيرًا بتعليم أبنائه الستة. حصل المهندس سمك على شهادة الثانوية العامة من الأقصر عام 1957، ثم التحق بجامعة أسيوط كلية الهندسة وتخرج عام 1963. وأثناء الدراسة الجامعية كان يشجّعه والده للسفر إلى ألمانيا والتدريب في فترة الإجازة الصيفية. ومنذ الصغر كان يحلم بالاستفادة من الطاقة الشمسية التي تتميز بها بلادنا مصر لموقعها الجغرافي المتميز.

تعرّف على زوجته الألمانية في رحلته الأولى إلى ألمانيا عام 1959، ودعاها إلى الأقصر لتتعرف على عائلته ورحبوا بها، وبعد التخرج تزوجها. وأشار المهندس سمك إلى الدور الكبير الذي قامت به زوجته في مساندته، حتى أنه أشار إليها بأنها شريك أساسي في كل ما قد تم إنجازه، حتى رحلت عن عالمنا الفاني في عام 2013.

بالنسبة للحياة العملية: عمل بعد التخرج لدى العديد من المراكز البحثية التي تهتم بمجال الطاقة الشمسية، وبعد أن اكتسب الخبرة في هذا المجال، سافر للعمل في ليبيا لمدة عامين، وتدرّج هناك فى وظائف وزارة الشئون البلدية حيث شغل منصب مدير الادارة الهندسية فى مجلس التنمية.

و فى عام 1974 قرر العودة إلى ألمانيا لاستكمال تجاربة وابحاثه في مجال الطاقة الشمسيه. وعمل في العديد من المراكز البحثية المتخصصة في الطاقة، حيث تعلم في تلك المراكز أصول البحث والابتكار. وفي اوئل الثمانينات أسس شركته إنجكو في مدينة شتوتغارت، متخصصة في مجال الطاقة البديلة.

وكان يعمل منذ وصوله إلى المانيا حوالي 12 ساعة يوميًا دون الحصول على أيّة إجازات، وهذا غير معتاد في ألمانيا.

وقد شغل منصب رئيس المجلس الأوروبي للطاقة المتجددة لفترتين على التوالي.

ولديه ثلاثة أولاد نجحوا فى تحقيق طموحاتهم، يتحدثون اللغات العربية والإنجليزية والألمانية والفرنسية، وهذا ما ساعدهم على النجاح.

حدثنا عن شركتكم Engcotec التي أسستها في شتوتغارت فور عودتكم إلى ألمانيا عام 1974؟

بعد عودتي إلى المانيا عام 1974 قمت بإنشاء شركة Engco في شتوتغارت للأعمال الهندسية (كهربائية وزراعية)، ثم في عام 1987 قمت بانشاء شركة إنجوتك Engcotec للطاقة الجديدة والمتجددة، تعمل على تصميم وتطوير وإنتاج الخلايا الضوئية، اللازمة لتحويل الطاقة الشمسية إلى طاقة كهربائية. وكان مبنى الشركة وكذلك منزلي من أول المباني في شتوتغارت مغطاة باللوحات الشمسية، وكان ذلك حديث للجامعات والمدارس والصحافه في المنطقة، حيث أصبحت Engcotec تحوز على القوة العالمية في مجال الطاقة البديلة.

قد أنجزنا في ألمانيا مشروعًا لإضاءة أكبر شارع في العالم بالطاقة الشمسية في منطقة لايبزغ وطولة ثلاثة كيلومترات. هذا بالإضافة إلى تنفيذ مشروع الإضاءة بالطاقة الشمسية في مبنى الرئاسة الألمانية، والبرلمان الألماني، ومحطة قطار برلين، ومطار شتوتجارت. وقد قمت باختراع اللمبة الذكية المعتمدة على الطاقة الشمسية، وتم تنفيذها في ٢٥٠ مدينة بألمانيا.

ومن أجل هذه الجهود في مجال الطاقة البديلة في إضاءة ألمانيا، قام الرئيس الألماني هورست كولر بتكريمي ومنحي أعلى وسام "صليب الاستحقاق"، ولُقِّبت بـ"الفرعون الذي أضاء أوروبا".

أمّا في البلدان العربية: فلدينا مشروعات كثيرة في مصر أهمها إضاءة قرية أولاد الشيخ بوادي النطرون بكاملها بالطاقة الشمسية، أي البيوت وشوارع القرية، ومحطات الضخ، ومركز الشرطة والمستشفى وآبار المياه. إلى جانب مشروع مركز معادن شبرا الخيمة التابع لوزارة الصناعة. وفي الإمارات العربية، ركّبنا وحدات إنذرات الطائرات على الأبراج العالية لشبكات الضغط العالي. وفي ليبيا نقوم بإنارة الشوارع عن طريق أعمدة خاصة تتزوّد بالطاقة الشمسية أثناء النهار لتعمل في الليل.

وعن المشروعات المستقبلية للشركة: نعمل حاليًا على تطوير مشروع تحلية مياه البحر بالطاقة الشمسية، وقد وصلنا إلى نتائج جيدة جدًا، ونحن نتعاون مع جامعات ومؤسسات علمية منها جامعة شتوتغارت ومعهد فراونهوفر الذي يُعتبَر أكبر مركز يهتم بالطاقة الشمسية في البلاد.

وتقوم الشركة حاليًا بإضاءة بعض الوحدات للمعسكرات الأمريكية في شتوتجارت.

في الوقت الذي يبحث فيه العالم عن طرق لمواجهة ظاهرة تغيير المناخ، تخطط أوروبا إلى الوصول في عام ٢٠٢٠ إلى أن يكون ٢٦٪ من الطاقة هي الطاقة المتجددة، وبالطبع حضرتك شريك أساسي في تلك الإنجازات التي وصلت إليها أوروبا، في حين أن مصر تقع في الحزام الشمسي ولم تصل إلى ما وصلت إليه أوروبا. فما رؤيتكم من أجل نهوض وطننا في هذا المجال؟

بالطبع مصر تستطيع التفوق على العالم أجمع في هذا المجال. فالشمس تطلع في مصر ما يتراوح ما بين ٣٠٠ إلى ٣١٠ أيام في السنة، على الرغم من أن الأمر في ألمانيا يقتصر على ١٤٠ يومًا فقط. أيضًا مصر من أكثر الدول التي تتمتع بقوة إشعاع في العالم، حيث يصل الإشعاع من ٨ إلى ١۰ ساعات في اليوم، مقارنة بأوروبا التي يستمر فيها الإشعاع الشمسي حوالي ٥ ساعات. وفي مصر الإنتاج للساعة خلال العام يبلغ ما بين١٨٠٠ إلى ٢٠٠٠ كيلو وات ساعة في السنة، بينما المتوسط في أوروبا يبلغ حوالي ١٠٠٠ إلى ١٢٠٠ كيلو وات. ورغم هذا الفارق الكبير إلّا أن مصر لم تهتم في السنوات الماضية بهذا الملف: الطاقة المتجددة.

ولكن الوضع الآن يختلف كثيرًا، حيث أن الرئيس عبد الفتاح السيسي مهتم جدًا بهذه القضية، وقد قمنا بالفعل بعرض المعوقات التي تواجهنا عليه، وهو يحاول بكافة الطرق إزالة تلك المعوقات، انطلاقًا من ثقته الشديدة في أن الاعتماد على الطاقة المتجددة لا يسهم فقط في تحقيق التنمية المستديمة، ولكن يدعم أيضًا جهود تحقيق آمن الطاقة، كما يدعم الجهد الدولي لاحتواء الآثار السلبية لظاهرة تغيُّر المناخ. لذلك أتوقع أن تحقق مصر الفترة القادمة طفرة كبيرة، وأنا دائمًا في خدمة وطني. وكمستشار للرئاسة، أقوم دائمًا بإبداء رأيي العلمي في كل ما يُطلَب مني، ولم أقصّر يومًا تجاه مصر.

كيف يمكن أن نقوم في مصر بنشر ثقافة إنتاج الطاقة الشمسية حتى نستطيع الوصول إلى النجاح المبهر الذي وصلت إليه ألمانيا في هذا المجال؟

في ألمانيا مشاركة الشعب في هذا المشروع كان أهم اسباب النجاح، فالدولة الألمانية أطلقت مشروع يمكن ترجمته "تُغذّي الشبكة بالطاقة الشمسية، تأخذ نقودًا"، وهذا كان بدء توعية المواطنين بأهمية الطاقة المتجددة، ومن خلال هذا المشروع استطاعت الدولة نشر ثقافة هذا المجال.

من خلال هذا المشروع حصل المواطنيين على بيانات الشركات المتخصصة في الطاقة الشمسية عبر الإنترنت، ويختارون ما بين العروض المتاحة، ثم يقوم المواطن بطلب تمويل من البنك لإنشاء ألواح الطاقة الشمسية فوق سطح بيته لإنتاج الطاقه التي يغذّي بها شبكة الحكومة، وذلك بضمان المشروع فقط، ويحصل المواطن من أول يوم على مقابل مادي كبير دون أيّة تكاليف، ويحصل البنك منه على نسبة لمدة ٨ إلى ١٠ سنوات، حتى يغطي تكاليف المشروع الذي يستمر التعاقد معه لمدة عشرين عامًا. وهذا المشروع حصل على إقبال كبير من قِبَل المنازل والشركات والمدارس والمكاتب والمؤسسات، ومن خلال تغذية الشبكة الرئيسية بالطاقة، حيث وصل اليوم عدد المشروعات المغطاة بلوحات الطاقة الشمسية في ألمانيا إلى ١٬٦٥٠٬٠٠٠ مشروع.

رغم سفركم وإنشاء شركتكم وابتكاراتكم خارج مصر، ورغم النجاج الباهر الذي حصلتم عليه، يسعدني جدًا أن أرى ارتباطكم بوطننا الغالي مصر، واهتمامكم بتنفيذ مشروعاتكم وإنجازتكم بها لتفيد بلادنا. كيف ترى إمكانية توليد الطاقة الجديدة فيى مصر، وهل الشخص البسيط يستطيع التعامل مع تكلفتها؟

في حالة ملكية المواطن المصري لبيت أو محل تجاري له سطح خالي، فيمكنه أن يضع الخلايا الشمسية ومولّد الكهرباء عليه، ثم يقوم بتوصيلها بالشبكة الرئيسية. ويتم إبرام عقد لمدة 25 عامًا مع الحكومة، وبذلك يحصل المواطن على تكلفة أقل. هكذا المستثمرون الألمان والحكومة الألمانية يفعلون، فمشروع الطاقة الشمسية في ألمانيا ليس ملكًا للحكومة بل ملكًا للشعب الألماني.

استطاعت ألمانيا حتى عام 2018 توليد 45,9 جيجا وات من الطاقة الشمسية، ومصر تستطيع توليد ضعف هذه الطاقة لأنها تمتلك صحراء وأراضى خالية شاسعة مناسبة لهذا المشروع. بجانب أن مصر لديها أنواعًا متميزة من الرمال التي تدخل فى صناعة الخلايا الفوتوفلطية التي تقوم عليها أنظمة تحويل الطاقة الشمسية إلى الطاقة الكهربائية.

ارتباط المهندس سمك بوطنه مصر، خلق داخله إحساسًا بالمسئولية تجاه وطنه والقارة الأفريقية، فلذلك قرّر إنشاء جمعية علمية تهدف إلى دعم الطلاب الذين يرغبون في الدراسة في ألمانيا. حدثنا عن أهداف الجمعية.

بالفعل قمت في عام 1998 بتأسيس جمعية خيرية مُسجّلة لأفريقيا African Hope تعمل على زيادة: (1) الأمل في التعليم. (٢) الأمل في الصحة. (٣) الأمل في الطاقة. (٤) الأمل في العمل. (٥) الأمل في الشباب.

فمثلًا في التعليم تتيح الجمعية الفرص للبعثات الدراسية للطلبة الأفارقه المتميزين في الدول الأوروبية للحصول على درجات علمية، وتوفير مجال لإشراف علمي مصري-ألماني مشترك على رسائل هؤلاء الدارسين، وتنظيم محاضرات في الجامعات والمدارس المحلية لمحاضرين متخصّصين متبرِّعين.

أما بالنسبة للصحة، تعمل الجمعية على رفع مستوى بعض المستشفيات في أفريقيا عن طريق:

+ إرسال حاويات الأجهزة الطبية والأدوية والمواد الغذائية.

+ إرسال الأطباء والعاملين بالصحة المتبرِّعين.

+ دعم العلاج الطبي الذي يُقام في أوروبا.

+ حملات الوقاية من الأمراض (خاصةً برامج الإيدز).

أمّا الطاقة، فتقدم الجمعية المساعدة للطلّاب المميزين في الدول الأفريقية الذين ليس لديهم طاقة كهربائية من خلال تزويدهم بلمبة كهربائية تعمل بالطاقة الشمسية، التي من خلالها يستطيع الطالب استكمال مذاكرته في المساء.

أمّا بالنسبة للعمل، تقوم الجمعية بتزويد معدات التدريب المهني في بعض الإيبارشيات وقرى أفريقيا.

بالنسبة للشباب، يتم ترتيب مؤتمر سنوي في إحدى الدول الأوروبية، وذلك بهدف جمع الشباب المصري بأوروبا للتعارف وتبادل الخبرات. وقد شرّفنا قداسة البابا تواضروس الثاني بمباركة ورئاسة المؤتمر الرابع عشر عام 2014 في هولندا، وحضوره مع الشباب فترة المؤتمر بالكامل، وذلك كان له الأثر الطيب في قلوب الشباب، ويتذكرون حتى اليوم هذه الأيام المباركة التي قضوها مع قداسة البابا.

وما عن ارتباطكم بكنيستنا القبطية الأرثوذوكسية؟

انا خريج مدارس الأحد بالأقصر، ومنذ الصغر كان ارتباطي شديدًا بالكنيسة. حاليًا أنا رئيس مجلس إدارة كنيسة العذراء ومار جرجس بشتوتغارت، وعضو مجلس إدارة دير الأنبا أنطونيوس بفرانكفورت. وأحب كنيستي كثيرًا، وأصلي دائمًا من أجل الخدمة ومن أجل قداسة البابا تواضروس الثاني والآباء الأساقفة أعانهم الرب وأطال لنا في عمرهم ومتعهم بالصحة وأزمنه هادئة مديدة.




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx