اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة السابعة والأربعون05 أبريل 2019 - 27 برمهات 1735 ش     العدد كـــ PDFالعدد 13-14

اخر عدد

القداسة ولباس العُرس

نيافة الأنبا بنيامين أسقف المنوفية

05 أبريل 2019 - 27 برمهات 1735 ش

لعل هذا هو جوهر خبرة الحياة الروحية، أن نتقدّس ونقتني لباس العُرس الذي هو شرط دخول الملكوت الأبدي. ومفهوم القداسة هو الالتصاق بالله القدوس لأن القداسة هي صفه في الله، ففي (خر15: 11) «مَنْ مثلك في الآلهة يارب.. مَنْ مثلك معتزًا في القداسة مخوفًا بالتسابيح صانعًا عجائب»، فالله قدوس يكره الشر والمعصية، وخلق الإنسان على صورته ومثاله «نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا» (تك1: 26). ويقول القديس يعقوب السروجي: "خلق الله الإنسان أعظم من كل الخليقة، وأعطاه إمكانية التقديس، لذلك أوصى الإنسان أن يتقدس «إني أنا الرب إلهكم فتتقدسون وتكونون قديسين لأني أنا قدوس، ولا تنجسوا أنفسكم بدبيب الأرض» (لا11: 44)"، فالقداسة هي طبيعة الحياة مع الله «نظير القدوس الذي دعاكم كونوا أنتم أيضًا قديسين» (1بط1: 15).

والقداسة عطية من الله باختيار الإنسان الذي خُلِق على مثال الله في كل سيره في حياته، وفي حالة حرص الإنسان على القداسة في كل سيرة يقتني ثوب العرس الذي هو شرط الدخول الى الملكوت الأبدي، الذي وُصِف بأنه "عرس ابن الملك" (مت22: 1-3) «يشبه ملكوت السموات إنسانًا ملكًا صنع عرسًا لابنه، وأرسل ليدعو عبيده المدعوين إلى العرس". وفي قول الأب غريغوريوس الكبير: "يمكننا القول أن الآب صنع لابنه الملك العرس خلال سر التجسد حيث التصقت به الكنيسة المقدسة مزيّنة بلباس العرس، بدءًا من العذراء القديسة مريم، ليتحد بعروسه المقدسة كنيسته المتزينة بلباس العرس في كل الأزمنة بقديسيه". وهنا نتساءل: ما هو ثوب العرس؟ إنه الحياة الداخلية المقدسة، والمُعلَنة من خلال السيرة العطرة بالتصرفات العملية والسلوك المسيحي، وأساسه ما نلناه في المعمودية بإيماننا المسيحي من إمكانية السلوك بوصايا الله، بقيادة الروح القدس العامل فينا دائمًا كنتيجة للتقديس بالميرون المقدس بعد المعمودية. ويؤكد القديس جيروم ذلك بقوله: "ثوب العرس نناله بتنفيذ وصايا الرب وتتميم ناموسه المقدس بعمل روح الله الذي يقودنا «فالذين ينقادون بروح الله فهم أبناء الله» (رو8: 14). والقديس أغسطينوس يوصي قائلًا: "ليكن لكم الإيمان العامل بالحب الإلهي فإن هذا هو ثوب العرس.. يا مَنْ تحبون المسيح، وتحبون بعضكم بعضًا، وكذلك الأصدقاء، بل حتى الأعداء. ولا يكون هذا ثقلًا عليكم". بل يرى الأب غريغوريوس الكبير أن ثوب العرس يُنسَج بين عارضتين هما: محبة الله ومحبة القريب، لأن الحب المقدس هو طبيعة النفس التي لا تقدر أن تفصل محبة الله عن محبة القريب. ولخطورة هذا الأمر نقتني المحبة المتكاملة لله وللناس، ونسهر عليه بالصلوات كما في نصف الليل: "ها هوذا الختن يأتي في نصف الليل، فطوبى للعبد الذي يجده مستيقظًا، أمّا الذي يجده متغافلًا فإنه غير مستحق المضي معه. فانظري يا نفسي لئلا تُثقلي نومًا فتُلقي خارج الملكوت، بل إسهري..."

إننا جميعًا نشتاق إلى دخول العرس السماوي في الملكوت الأبدي، وشرط الدخول هو اقتناء ثوب العرس، لئلّا يأتي مَنْ يقول: «يا صاحب كيف دخلتَ إلى هنا وليس عليك لباس العرس؟.. فسكت» (مت22: 12).

لذلك نحذر من أن تكون لنا صورة التقوى لكن ننكر قوتها، ولا أن نكون كالجاهلات نحمل مصابيح ليس لها رصيد في زيت الآنية، لأن زيت المصباح ينفذ لكن خزين زيت الآنية لا ينفذ مطلقًا.




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx