اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة السابعة والأربعون19 أبريل 2019 - 11 برمودة 1735 ش     العدد كـــ PDFالعدد 15-16

اخر عدد

أسبوع الآلام - الجمعة 26 مارس 2010 –  العددان 9، 10

مثلث الرحمات البابا شنوده الثالث

19 أبريل 2019 - 11 برمودة 1735 ش

أسبوع الآلام هو أقدس أيام السنة كلها. ولذلك فالصوم فيه هو أكثر الأصوام نُسكًا. والكنسية في خلاله تلتحف السواد حزنًا. وألحانها أيضًا هي ألحان مؤثرة ولها نبرة الحزن.

ولأن السيد المسيح صُلب خارج المحلة باعتباره ذبيحة إثم، لذلك فإن الكنيسة تكون خلال أسبوع الآلام خارج المحلة أيضًا. تترك الخورس الأول خورس القديسين وتكون كل صلواتها في الخورس الثاني.

والسيد المسيح خلال ذلك الأسبوع كان مُضطهَدًا من قادة الشعب اليهودي، سواء من الكهنة، أو الكتبة والفريسيين، أو الناموسيين والصدوقيين. وذلك لغيرتهم منه من أجل شعبيته الكبيرة، ومن أجل معجزاته التي لم يحدث لها مثيل من قبل، وأيضًا من أجل تعاليمه التي كشف بها جهلهم بالشريعة.

وحرصًا من السيد على حالة تلاميذه وكل المؤمنين به، وإنقاذهم من الشك فيه في وقت آلامه، لذلك سبق أسبوع الآلام معجزتان عجيبتان هما: منح البصر للمولود أعمى، الأمر الذي لم يحدث إطلاقًا من قبل. وإقامة لعازر من الموت في اليوم الرابع، وهذا لم يحدث أيضًا من قبل. فكلٌّ من إيليا النبي وإليشع النبي أقام ميتًا، ولكن كان ذلك في نفس يوم الوفاة، ولم يحدث أن أُقيم ميت في اليوم الرابع، حتى أن لعازر قالت عنه أخته إنه «قَدْ أَنْتَنَ».

وفي بداية هذا الأسبوع المقدس نصلي قداس أحد الشعانين وفي وسطه نصلي قداس خميس العهد، وهما من أهم القداسات، نحب أن يستعد لهما الشعب من اليوم.

في يوم أحد الشعانين (أحد السعف) نستقبل السيد المسيح كملك، وهو ملك منذ الأزل، ولكنه يجلس هنا على كرسي داود أبيه. ونسميه ملك السلام في لحن أبؤورو. ونقول عنه في المزمور إنه "مَلَكَ على خشبة"، أي على خشبة الصليب.

أمّا اليهود فأرادوه ملكًا أرضيًا يخلصهم من حكم الرومان، وليس ملكًا روحيًا يخلصهم من خطاياهم. هو يريد مُلكه على القلب، أمّا هم فيريدونه ملكًا على عرش، لذلك فقد رفض هذا النوع من المُلك وتضايق اليهود من هذا.

وأنت يا أخي الحبيب في يوم أحد الشعانين قدم للسيد المسيح قلبك ليملكه، ولا تفرح بمجرد حملك للسعف.

وفي يوم أحد الشعانين طهّر السيد المسيح الهيكل. وطرد منه الباعة، وقلب موائد الصيارفة..ووبخهم قائلًا: »بَيْتِي بَيْتَ الصَّلاَةِ يُدْعَى. وَأَنْتُمْ جَعَلْتُمُوهُ مَغَارَةَ لُصُوصٍ!«. وفي ذلك اليوم دخل إلى أورشليم وديعًا وفي نفس الوقت كان حازمًا في تطهير الهيكل.

أما عن خميس العهد فهو أقدم وأهم قداس في السنة كلها. وينبغي الاستعداد له بالتوبة، وبالصلح مع الناس، وبتنقية القلب لأن بولس الرسول يقول في (1كو11) »إِذًا أَيُّ مَنْ أَكَلَ هذَا الْخُبْزَ، أَوْ شَرِبَ كَأْسَ الرَّبِّ، بِدُونِ اسْتِحْقَاق، يَكُونُ مُجْرِمًا فِي جَسَدِ الرَّبِّ وَدَمِهِ«.

على أننا في أسبوع الآلام علينا أن نتذكر قول بولس الرسول »لأَعْرِفَهُ، وَقُوَّةَ قِيَامَتِهِ، وَشَرِكَةَ آلاَمِهِ، مُتَشَبِّهًا بِمَوْتِهِ« (في3: 10). ولذلك إن كان السيد قد تركه الناس وقت صلبه ما عدا مجموعة قليلة كانت حوله، فإننا نتبعه في هذا الأسبوع خطوة خطوة، قائلين له تلك التسبحة "لك القوة والمجد والبركة والعزة يا عمانوئيل إلهنا وملكنا". ونحن نركز طول الأسبوع حول آلامه: فلا أجبية ولا رفع بخور (إلّا يوم الخميس)، ولا صلوات طقسية. ونختار قراءات معينة تناسب كل يوم، ومن العهد القديم أيضًا.

نرجو لكم جميعًا أسبوعًا مقدسًا مؤثرًا فيكم.


عظة الأربعاء ٣ أبريل ٢٠١٩م من كنيسة التجلي بمركز لوجوس البابوي بدير الأنبا بيشوي

أتريد أن تبرأ؟

في معجزة مريض بيت حسدا (المخلع - الوحيد- المفلوج)، نجد أحد الأسئلة الأساسية. والإنجيل يدور كله حول سؤال واضح مباشر وموجّه وقصير. جاء المسيح ووجد شخصًا له سنون كثيرة، وسأله هذا السؤال الجوهري، وهو لم يسأل المفلوج فقط، لكنه يسألنا نحن هذا السؤال... فالسؤال موجه لنا.

الأسبوع الماضي كان السامرية، والأسبوع بعد القادم المولود أعمى، وهؤلاء الثلاثة آحاد مرتبطون بالماء (المسيح يقابل السامرية عند بئر الماء – والمخلع عند بركة بيت حسدا – وفي أسبوع المولود أعمى يذهب يغتسل في بركة سلوام). ولأن الصوم الكبير كان مجهزًا كبرنامج لإعداد الموعوظين، لذلك فأحد المولود أعمى يُسمى أحد التناصير، لأنهم ينالون نعمة المعمودية في الماء، ولذلك اختارت الكنيسة الآحاد مرتبطة بالماء.

عندما خلق الله الإنسان خلق له الإرادة والحرية، وكل واحد منا يفعل ما يريد، والله أعطانا هذه الحرية لنستخدمها بطريقة صحيحة. وكانت أول وصية هي وصية الصوم، عندما تكلم الله مع اَدم قايلًا: تأكل من كل الأشجار ما عدا هذه الشجرة. لكن اَدم لم يستطع أن يضبط صومه وكسر الوصية، وكانت إرادته ضعيفة، وهذا الإرادة الضعيفة هي التي تضيّع الإنسان.

الله لا يتدخل في إرادة الأنسان، فأنت حر، لكن هل خلال مشوارك الروحي إراداتك حاضرة وموجودة؟

1) بلا رحمة:

عندما قابل،المسيح هذا الإنسان قال له: أتريد أن تبرأ؟ وهو سؤال غريب لأنه إنسان مريض وملقى على البركة فماذا يريد؟!

ولكن قد يكون عنده شيء اَخر يجده أفضل له، مثل شخص يستعذب الخطية، ووصل لدرجة من درجات الكسل الشديدة والناس تعطف عليه. أو شخص اهتم بأمور أهم من صحته ويفرح بعطايا الناس البسيطة، وهذه العطايا جعلته ينسى مرضه. أو قد يكون فقد رجاءه في الشفاء ووقع في اليأس ووصل إلى فكرة أنه سيعيش لأيام قليلة ثم يموت ويترك الأرض ولا يحتاج أن يبحث عن شيء آخر.

يسأل المسيح هذا السوأل وينتظر الإجابة، الإجابة التي نتوقعها "نعم لديّ إرادة، أريد أن أقوم"، ولكن هذا الإنسان المريض أجاب إجابة إنسانية بالغة «يا سيد ليس لي انسان يلقيني في البركة» وهذا المنظر يحكي حال الإنسانية.. هذا الإنسان الملقى ليس له أقارب، ليس له معارف أو جيران أو أسرة أو أحد من نفس بلده... لا يوجد أحد، وهنا يحدث تعارض بين أمرين: المكان الموجود فيه اسمه بيت حسدا (بيت الرحمة)، والناس الموجودون بالمكان لا يوجد عندهم رحمة! انظر إلى بساطة احتياجه «ليس لي إنسان يلقيني في البركة»، احتياحه هو مجرد دفعة!!

القساوة تملّكت على قلب الإنسان.. فربما يكون إنسان منّا ممن يعبرون أمام احتياج إنسان آخر، ولا يعيره اهتمامه. ونلاحظ اننا لا نتكلم عن مريض بيت حسدا فقط، بل عن الناس الموجودة هناك أيضًا. وهنا تظهر صورة قوية جدًا لطبيعة الإنسان، لا يوجد إنسان عبر ٣٨ سنة رأى هذا الرجل الملقى على الأرض ويدفعه إلى البركة؟! هل اختفت الرحمة من قلوب البشر؟! هذا هو السؤال، وهو سؤال لنا...

أتريد أن تبرأ؟ أنت في احتياج أن تنال شفاءً؟ هل تفكر في الصحة؟ أحيانًا عندما نزور مريضًا نتكلم معه عن المرض ولا نتكلم عن الشفاء.

بيت حسدا كان بيت الرحمة كان بلا رحمة، بل سادت فيه روح الأنانية.

هل أنت أحد الناس الذين يترددون على البركة دخولًا وخروجًا وهم بصحتهم ولكن لا تتأثر مشاعرهم؟

2) بلا فرح

حدثت هذه المعجزة وقت صعود السيد المسيح لأورشليم، وقابل الرجل بعد ٣٨ سنة، ٣٨ سنة بلا شفاء وبلا فرحة.. ويُقال إن هذه البركة كان الملاك يأتي إليها ويحرك المياه فيعطيها قوة شفاء. وبعض المفسرين يقولون إن هذه البركة كان بها نبع ماء باطني يثور كل فترة، وفي فورانه يخرج بعض المواد الكيمائية التي تساعد على شفاء الأمراض الجلدية، ولكن حسب تعبير الكتاب أن الملاك يأتي ويحرك الماء ويمنحها قوة علوية تساعد في الشفاء.

فكان هذا الرجل بلا فرحة وفي حالة ميؤوس منها. لا يوجد لديه أمل وفشل الأطباء في علاجه.

3) بلا صُحبة

الأمر الأخطر أن هذا المريض كان متروكًا، لا أحد يعيره التفاتًا. أحيانا نقع في خطية، لا نلتفت إلى الإنسان البعيد أو الإنسان الخاطئ المتروك. لذلك تسميه الكنيسة "الوحيد" إذ لا أحد معه. وأحيانا نسميه "المخلع".. يرقد من ٣٨ سنة ولا يوجد حركة...فكان هذا الرجل بلا أمل، بلا صُحبة، لا يوجد أحد معه، ولم يكن هناك في ذلك الوقت نظام التمريض والورديات.

قلب الصوم الكبير هو الأربعة آحاد (الابن الضال – السامرية – المخلع – المولود أعمى)، وقلب الصوم قصة واحدة ولكن على أربع مشاهد:

المشهد الأول – الاختيار – الابن الضال

المشهد الثاني – التكرار- السامرة

المشهد الثالث- الاستمرار- المخلع

المشهد الرابع – المرار- المولود أعمى

هذه المشاهد تحكي حال الخطية؛ الابن الضال اختار مرة وأخطأ ورجع. السامرية أخطأت عدة مرات ورجعت. هنا ٣٨ سنة ولكن أعلن أن له إرادة في الصحة ويريد، فماذا يحتاج؟ كان يحتاج الإله الذي بلا خطية، ويحتاج لمن يرفع عنه هذه الخطية.

في العهد القديم كانت هناك علاقة بين الخطية والمرض، فإن كانت خطية الإنسان كبيرة يصاب بمرض كبير، وإن كانت خطيته صغيرة يُصاب بمرض بسيط، كأنه تعبير عن طول الزمن الذي عاش فيه الإنسان في الخطية. ويأتي السؤال الذي يرن في أذن وقلب كل واحد «أتريد أن تبرأ؟».

هذا الرجل الذي يمثل الإنسان الذي يطلب التوبة، تميَّز في حياته بثلاث علامات مهمه جدًا:

1- وجود الرغبة والإرادة بداخله

هو يريد ولكن لا يجد الفرصة، لذلك قام المسيح بعمل المعجزة له، وهي معجزة ثلاثية الفعل (قم واحمل وامشِ). من المهم وجود ارادة في حياة الإنسان لكي يكون أفضل باستمرار، وهي ما نسميه "إرادة التغيير". وهناك حكمة يونانية تقول: "إذا أردت إصلاح العالم فابدأ بنفسك". والتوبة هي تغيير النفس. هناك إنسان متجدد، يريد دائمًا أن يكون أفضل. ولذلك تعطينا الكنيسة فترات أصوام، لأن كل فترة صوم هي فترة تتيح لنا التغير وتتيح لنا تقوية الإرادة، وهذه هي الحكمة في كنيستنا في فترات الأصوام الطويلة أو الأسبوعية، وتتكرر حتى لا ينسى الإنسان.

2) الطاعة والتسليم:

بمجرد أن قال له السيد المسيح: «قم احمل سريرك وامشِ»، قام وفعل هذا!

قم... فيها فكر القيامة، مثلما نصلي كل يوم في منتصف الليل: "قوموا يا بني النور..".

احمل... تشير لتمام الصحة، فهو لا يحتاج لأحد بعد.

امشِ... المطروح كل هذه السنين، يمشي!

كان عنده طاعة وتسليم. كان ممكن أن يعتذر ولكنه استمع إلى الأمر الإلهي، وقام وحمل سريره ومشى.

3) كان رجلًا شاكرًا:

ويحمد على وضعه. لم نسمع أنه تذمر أو شكا ضيق الدنيا وضيق الحال وما صنعته به الحياة.. بل برقّة شديدة يقول: «يا سيد ليس لي إنسان يلقيني في البركة، فبينما أنا آتٍ ينزل قدامي آخر».. رجل راضٍ، الإنسان الراضي تكون حياته أكثر سهولة من الإنسان المتذمر.

يجب أن نعلم أن الحياة مشاركة بين نعمة الله من فوق، وإرادة الإنسان من الداخل. إن الإرادة يشبّهونها بالوعاء الذي نأخذ فيه نعمة الله، إذا لم تكن عندك هذه الإرادة لا تتمتع بنعمة الله. لذلك نقول: «ليتقدس اسمك. ليأتِ ملكوتك. لتكن مشيئتك». أريد نعمتك يا رب وانا مستعد لكي أنالها.

المسيح إلهنا هو المتحنن جدًا على الإنسان.. والمتحنن على هذا الإنسان المريض. ولما تحنن عليه صنع المعجزة، وكانت يوم سبت. وبفكر اليهود الضيق لم يهتموا أن الرجل له ٣٨ سنة وهو مطروح على البركة بدون أمل، وتمسكوا فقط بكيف يصنع المسيح شفاءً يوم السبت، فيجب أن يكون خاطئًا! وهذا القلب الضيق يُتعِب الناس. والفريسيون كانوا قادة للشعب، تركوا القصة والإنسان الذي نال الصحة وتمسكوا بكيف يصنع المعجزة يوم السبت. وهنا علامة استفهام كبيرة على هولاء: كيف يقودون، ورؤيتهم للأمور بصورة معكوسة؟!

الصورة التي نراها في شخص ربنا يسوع المسيح وهو يقابل هذا المريض أنه يستجيب على الفور، بل يستجيب بمجرد إعلان احتياجنا. لم يحقق في الأمر. والله يستجيب في التوقيت المناسب لنا، حينما يعبّر الإنسان عن احتياجه، مثل أب بالجسد يطلب منه ابنه شيئًا فيحضره له.

الخلاصة...

العهد القديم كان عهد تحريك المياه بالملاك، كان عهد ناموس موسى وكهنوت هارون، أمّا العهد الجديد فهو عهد حضور المسيح، عهد النعمة والخلاص والحاجة إلى واحد، هو المخلص الذي يستطيع أن يعطي الشفاء والصحة للإنسان.


  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx