اسم المستخدم

 

كلمة المرور

 

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة السابعة والأربعون19 أبريل 2019 - 11 برمودة 1735 ش     العدد كـــ PDFالعدد 15-16

اخر عدد

لا تشته ما لقريبك

نيافة الأنبا باخوميوس مطران البحيرة ومطروح وشمال أفريقيا

19 أبريل 2019 - 11 برمودة 1735 ش

في سفر الملوك الأول، الأصحاح الحادي والعشرون، يكلمنا الكتاب عن قصة أخاب ملك إسرائيل الذي اشتهى كرم نابوت اليزرعيلي الرجل البسيط.. كانت خطية أخاب الملك أنه أراد أن يغتصب نصيب نابوت وميراث آبائه الذي أوصى الرب شعبه ألّا يغنصب سبط أرض سبط آخر لنفسه، بل تعود الأملاك والأراضي لأصحابها في سنة اليوبيل. أمّا أخاب فكان يريد أن يقتني الحقل لنفسه فلا يعود ميراثًا لنابوت، وهو بهذا كان يريد أن يكسر شريعة إسرائيل. وأمّا نابوت فكان متمسكًا بالشريعة ألّا يتنازل عن حقه وميراث آبائه وسبطه.. فصار أخاب الملك كاسرًا للوصية «لا تشتهِ ما لقريبك» (خر20: 17).. وشهوة ما للقريب خطية ليست لأخاب فقط، بل خطية قد تعرض علينا جميعًا، أن تشتهي عيوننا ما ليس لنا.. ربما ما لإخوتنا أو أحبائنا، ليس من المال والأملاك والمواريث فقط، بل من الممتلكات ونجاح الأبناء، أو الأزواج والزوجات، فكما كتب الحكيم «إن العين لا تشبع من النظر» (جا1: 8).

وخطية اشتهاء ما للغير هي إحدى الخطايا الأمهات التي تقود الإنسان إلى خطايا كثيرة.

+ الإنسان عندما يشتهي لا يعود يتمنى لأخيه الخير.. بل لو أتته الفرصة يغتصب حق قريبه.. وتجعل الإنسان يتذمر على الله: لماذا لم تعطني ما لدى الآخرين؟.. كما أنها تقود الإنسان ليحسد الآخرين على ما منحهم الله من عطايا أو نِعَم، بدلًا من أن يدعو لهم أن يزدادوا، فيكسر الإنسان وصية المحبة «المحبة لا تطلب ما لنفسها» (1كو13).

+ كما أن اشتهاء ما للغير يقود الإنسان في خطايا أبشع، يقود الإنسان إلى لخصام مع الآخرين، والنزاعات والقضايا، وربما اللجوء إلى شهود الزور، وفقدان المحبة بين الإخوة.

+ كما أنها تقود الإنسان إلى الانشغال بغيرته من الآخرين والتخلي عن مسئولياته أو رسالته الشخصية. لقد نسي أخاب المملكة والشعب، وحزن ونام ووجهه تجاه الحائط كعلامة على الحزن والضيق. فربما تقوده الشهوة إلى المرض العضوي أو النفسي.

+ شهوة ما للغير قد تقود الانسان للانصياع وراء مشورات غير أمينه تجعله ينجرف في طريق الشر، كما فعلت إيزابل زوجة أخاب عندما كلمته «أأنت تحكم إسرائيل؟»، فكتبت رسائل وختمتها بختم الملك لكي يجدوا شهود زور على نابوت.. وهكذا قد قد تدفع شهوة ما للغير الإنسان إلى أن يقتل أخاه أدبيًا عندما يدّعي عليه ادعاءات باطلة.

+ اشتهاء ما للغير يجعل الانسان يتناسي الوقوف امام الله ويكسر وصية محبة الاخوة، فقد خاف أخاب من إيليا عندما وقف يذكّره بخطيته «هل قتلتَ وورثتَ؟» (1مل21: 19).

+  اشتهاء ما للغير يجعل الانسان يخسر كل شيء، ويعرّضه للعقاب الالهي، فالله لا يسكت عندما يشتهي الإنسان ما لآخرين، فقد أرسل الرب إيليا لأخاب منذرًا إيّاه أن الكلاب التي لحست دم نابوت اليزرعيلي سوف تلحس دمه، وإن كان الله قد أجّل تنفيذ عقوبة أخاب عندما اتضع أمام الرب، إلّا أن العقوبة ظلت باقية حتى لحست الكلاب دمه في ذات المكان الذي قُتِل فيه نابوت.

وكما كان اأخاب مثالًا لاشتهاء ما للقريب، إلّا أن يوحنا المعمدان كان قدوة في رفض هذه الخطية.. فعندما أخبروه أن يسوع يصيِّر تلاميذ أكثر منه، أجاب: «ينبغي أن ذاك يزيد، وأني أنا أنقص»، واستحق لذلك شهادة الرب يسوع عنه أنه «بين المولودين من النساء ليس أعظم من يوحنا المعمدان».

الإنسان الذي يدرّب نفسه ألّا يشتهي ما للآخرين، يدرّب نفسه أن يصلي من أجل أن يزيد الرب نعمته للآخرين، ويصلي أن يرفع الرب عنه كل شهوة لبركة ليست لديه، ويجتهد أن ينال رغباته بعرق جبينه.. كما أن الرب يكافئه أيضًا، فيجعله يتمتع بالقليل الذي يملكه ويرضى بما لديه.




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق  
موضوع التعليق  

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx