كان إبراهيم وسارة شيخين متقدمين في الأيام (تك 18: 11-14)، ورغم أنهما شيخان مملوءان حكمة كما قال أوريجانوس، ولم يضيعا يومًا واحدًا من حياتهما بلا ثمر روحي، فكان تقدم الأيام لهما مزيدًا من التقدم في النعمة لا الشيخوخة، وسمعت سارة بالوعد، فضحكت في باطنها، قائلة: «أبعد فنائي، يكون لي تنعم وسيدي قد شاخ؟!! فقال الرب: هل يستحيل على الرب شيء؟!، لماذا ضحكتِ؟!».. وفعلاً أنجبا إسحق، الذي وهبهما نعمة تفوق حدود الطبيعة، ويتأكدان أن الله إله المستحيلات!!.
مسيحنا يسمع، ويرى، ويراقب، موجود معنا في الضيقة، بشرط وحيد أن تسلم للرب طريقك وتتكل عليه، وهو يجري. ضع رجاءك فيه بإيمان قوي وتذكر قول داود: "لا أخاف من ربوات الجموع المحيطين بي، القائمين عليّ، حتى أن سرت في وادي ظل الموت، لا أخاف شرًا لأني واثق وعندي رجاء بأن الله معي، وأن عصاك وعكازك هما يعزيانني"، «يحاربونك ولا يقدرون عليك، لأني أنا معك، يقول الرب لأنقذك» (إرميا 1)، فقط انتظر الرب، تقوَّ وليتشدد قلبك، وانتظر الرب. وتذكر:
الثلاثة فتية في أتون النار، وكيف حفظتهم نعمة الله، فلم تكن للنار قوة على أجسامهم، وشعرة من رؤوسهم لم تحترق (دا 3: 27).
دانيال في جب الأسود، قال «إلهي أرسل ملاكه، فسد أفواه الأسود» (دا 6: 20).
لوط، وكيف أمسكه الملاكان بيده، وأخرجاه، ووضعاه خارج المدينة، «أهرب لحياتك، لا تنظر إلى ورائك»، وعندما نظرت زوجته للوراء مخالفة أمر الله، تركها الله لذهنها المرفوض، وصارت عمود ملح.
داود، ونجاته من بطش جليات الجبار والانتصار عليه، فكيف يتصور عقل أن (حصاة في مقلاع) تسقط هذا الجبار المسلح، المنتفخ والمتكبر، لكن نعمة الله ويده فوق المستحيلات، أنت تأتي برمح وسيف، وأنا آتيك باسم رب الجنود الموجود معي.
موسى النبي، ما كان يقدر أن يقف وحده أمام فرعون، ومركباته وفرسانه، وفي وقت كان فيه جميع الناس منزعجين، والبحر أمامهم، وفرعون خلفهم بمركباته، واعتمد على نعمة الله، وقال موسى كلمته: «الرب يقاتل عنكم، وأنتم تصمتون» (خروج 14:14).
يونان، وقصة عدم طاعته لله وإلقائه في بطن الحوت، وكيف رب المستحيلات أخرجه خارجًا.
مشورة (أخيتوفل)، وكيف استجاب الرب لداود عندما صرخ إليه، "يا رب أبطل مشورة أخيتوفل"، ورغم تأزم الأمور جدًا أمام داود، وأصبحت مستحيلة، ولكن الله لا يستحيل عليه شيء!! فقد أبطل هذه المشورة، فلم يأخذ أبشالوم بمشورته، بل أخذ بمشورة (حوشاي الأركي)، فمضى (أخيتوفل) وخنق نفسه (2صم 15: 31).
نقل الجبل المقطم، «إن كان لكم إيمان مثل حبة خردل تقولون لهذا الجبل انتقل من هنا إلى هناك، فينتقل، ولا يكون شيء غير ممكن لديكم» (مت 17: 20)، حقًا يا رب غير المستطاع عند الناس مستطاع عند الله.
بولس الرسول، وكيف تحول شاول الطرسوسي الذي كان يضطهد الكنيسة بعمق، ويسطو على الكنائس، ويدخل البيوت، ويجر رجالاً ونساءً، ويدخلهم إلى السجن، ويأتيه صوت رب المستحيلات: «صعب عليك أن ترفس مناخس».
مريم المجدلية، التي بها سبعة شياطين تتحول إلى كارزة، وتبشر الرسل بالقيامة المجيدة.
حقًا يا رب أنت رجاء من ليس له رجاء، ومعين من ليس له معين، وإن قيامتك من الأموات تؤكد أنه لا يوجد شيء صعب، أو مستحيل أمامك، دست الموت منتصرًا، بل وضعت في أفواهنا عبارة التحدي أمام أقصى موقف ليس له حل وهو (الموت): أين شوكتك يا موت؟؟! أين غلبتك يا هاوية؟؟!
علمتنا القيامة أنه فعلاً لا يوجد مستحيل، بالنعمة كل شيء يصير ممكنًا في المسيحية التي نزعت من قلوبنا وعقولنا اليأس والفشل، ومنحتنا الرجاء والفرح والاتجاه نحو المثاليات، وقوة الاحتمال في الاستشهاد، وتأكدنا أن الله يهتم بنا، وهو قوي قادر على كل شيء، وعلى كل أحد، وعلى كل منافق متسلق على أكتاف الآخرين... تأكد أنك مع الله الذي ليس أمامه مستحيل. بعد القيامة لا خوف، لا قلق، لا تهزنا العذابات أو الآلام، ولا مؤامرات أهل الشر (تخرج روحهم فيعودون إلى ترابهم)، فلنتكل على اسم الرب ونستند فقط عليه، وسنعود منتصرين وبقوة أعظم، قوة القيامة..
