اسم المستخدم

 

كلمة المرور

 

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة السابعة والأربعون03 مايو 2019 - 25 برمودة 1735 ش     العدد كـــ PDFالعدد 17-18

اخر عدد

رئيس الحياة

القس إبراهيم القمص عازر

03 مايو 2019 - 25 برمودة 1735 ش

في ميلاد الرب يسوع نصفه بأنه "رئيس السلام"، حيث ترنمت الملائكة «المجد لله في الأعالي، وعلى الأرض السلام». وفي قيامته نصفه بأنه "رئيس الحياة" «ورئيس الحياة قتلتموه...» (أع3: 15). فالمسيح مات، ولكنه بالحقيقة قام. نحن نؤمن بموت المسيح، لكن ليس بمسيح لم يزل ميتًا. وحقًا نؤمن بصليب المسيح، ولكن ليس بمسيح لم يزل مصلوبًا. وفي سفر الرؤيا يتكلم إلهنا الحي مخاطبًا يوحنا الرائي قائلًا «كنت ميتًا وها أنا حيّ»، ليكون المائت القائم. رآه يوحنا كخروف مذبوح ولكنه قائم. هو المذبوح الحي. لذللك اختار الصليب ليموت واقفًا "قائمًا".

حقًا لقد جاء الرب يسوع  ليموت... لم يدفعه أحد نحو الموت، بل هو بإرادته وبحسب تدبيره الأزلي، جاء وعاش بيننا كإنسان، لكي يقدم نفسه كذبيحة عن خلاص العالم، ومات مصلوبًا. لقد كان الصليب هو وسيلة موته. هكذا دبّر وقرر واختار، ثم سبق وأنبأ. وبصلبه تمم إرادته وحقق مشئيته. لقد كان موت الصليب، موضوع سروره وينبوع فرحه. لذلك كان صليب المسيح يخيّم على حياته، ويرسم خطواته من ميلاده وحتى بعد قيامته. فلم يكن غريبًا أن يكون ميلاده في مذود وسط الذبائح. أمّا عمله فهو نجار،  ليصنع بيدية الطاهرتين الصليب الذي يموت عليه. ورسالته للجموع السائرة خلفه حمل الصليب، فالتلميذ الحقيقي هو من يحمل صليبه بفرح وشكر. هو الراعي الصالح الذي يبذل نفسه عن الخراف. لقد سعى نحو الصليب بكل فرح وحب، بل وبنفسه، صنع طريق الصليب، فلم يمنع يهوذا من تسليمه، لم يهرب أو يختبئ، اعترف وأقر ولم ينكر أنه هو المسيح الذي سيأتي على سحاب السماء. لم يقم بأيّة معجزات طوال فترة محاكمته، ولم يظهر قوة لاهوته ومجد طبيعته. لم يقبل مساومات بيلاطس ولا استجاب لفضول هيرودس. قبل الإهانه، واحتمل الألم. ثم رفُع على الصليب. ليطفر فرحًا «قد أُكمِل». وعندما قام، احتفظ بعلامات صليبه، علامات حبه. فهو عاش ليموت.

ولكنه مات لكي يحيا... فموته لم يكن النهاية، لأنه قام في اليوم الثالث. فالموت لم يصمد أمام قوة الحياة التي فيه. وفي خدمته جذب الرب يسوع  الانتباه لهذه الحقيقة. فحَبّة الحنطة إن لم تمت فلن تأتي بثمر كثير. فالحياة تولد من الموت. وأعلن مرارًا وتكرارًا بأنه هو القيامة والحياة، وكل من آمن به لن يموت. ولعازر أقوى شاهد على تللك الحقيقة. لقد كانت حياته أقوى من الموت، نوره أقوى من الظلمة، برارته أقوى من الخطية. هو الحياة، وعندما جاء الموت لبيتلعه، أماتت الحياة الموت، فكان هو الطعام الذي أكل آكله. لقد داس الموت، وأماته بحياته. فموت المسيح لم يكن موتًا للحياة، ولكن حياة للموت. القيامة جعلت موته ذبيحة وليس استشهادًا، قوة وليس ضعفًا، مجدًا وليس خزيًا، فخرًا وليس عارًا، رجاءً وليس مرثاة، عزاءً وليس مأساة. لقد قام الرب يسوع، ليكون حيًا وحاضرًا وموجودًا دائمًا وسط المناير السبع، ويمسك كواكبها السبعة بيمينه. قام الرب يسوع، لتصير حياته هي العطية الثمينة التي استودعها في الكنيسة بالروح القدس. قام الرب يسوع لتصير قيامته، سر عزائنا وينبوع فرحنا. هو باكورة الراقدين، وقبره الفارغ، هو سر قيامتنا كلنا، لميرث لا يفنى ولا يتدنس ولا يضمحل. بقيامته صار الموت ربحًا للساهرين، وشهوة المستعدين. مسيحنا  ليس مسيح التاريخ، بل هو فوق التاريخ، هو الإله الأزلي الذي به كُوِّن العالم، وهو الإله الأبدي الذي سينقضي إليه الزمان. وهو الكلمة المتجسد الذي مات وقام ليربط الزمن بالأبد، والسماء بالأرض.




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق  
موضوع التعليق  

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx