اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة السابعة والأربعون17 مايو 2019 - 9 بشنس 1735 ش     العدد كـــ PDFالعدد 19-20

اخر عدد

«أَقَامَهُ اللهُ نَاقِضًا أَوْجَاعَ الْمَوْتِ» (أع٢: ٢٤)

القمص بنيامين المحرقي

17 مايو 2019 - 9 بشنس 1735 ش

إن التعبير الذي استخدمه القديس بطرس الرسول، في التعبير عن فاعلية القيامة « نَاقِضًا أَوْجَاعَ الْمَوْتِ»، يحمل دلالات قوية، فقد شبّه الآلام الناجمة عن الموت الناتج عن الخطيئة، بالأوجاع المصاحبة للولادة، فقد حاول الموت أن يغلق على السيد المسيح في أحشائه فلم يفلح. فقد شق السيد المسيح رحم الموت والهاوية وقام بسلطان لاهوته.

كما تحمل الكلمة اليونانية λυσας τας ωδινας του θανατου  معنى يفك أو يحل، وهو تعبير مناسب لفعل الخطيئة التي عندما تسيطر على الإنسان تتملّك عليه وتقيده، فيكون أسيرًا و«عَبْدٌ لِلْخَطِيَّةِ» (يو٨: ٣٤). كما أن هذا التعبير، الذي استخدمه القديس بطرس الرسول بوحي من روح الله القدوس، يتناغم مع نبؤات العهد القديم:

- فجاء في سفر المزامير: «اِكْتَنَفَتْنِي حِبَالُ الْمَوْتِ وَسُيُولُ الْهَلاَكِ أَفْزَعَتْنِي حِبَالُ الْهَاوِيَةِ حَاقَتْ بِي. أَشْرَاكُ الْمَوْتِ انْتَشَبَتْ بِي» (مز١٨: ٤، ٥)، وأيضًا «اكْتَنَفَتْنِي حِبَالُ الْمَوْتِ. أَصَابَتْنِي شَدَائِدُ الْهَاوِيَةِ. كَابَدْتُ ضِيقًا وَحُزْنًا» (مز١١٦: ٣). ففي هـذه النبؤات، يصور داود النبي، الموت بشخص يربط بالحبال، وينصب فخاخه. إذ ظن الموت أنه قادر على فرض سلطانه على السيد المسيح، لكنه حلّ وفك حبال الموت وفخاخه. فقد مات المسيح إلهنا بالحقيقة، إذ انفصلت نفسه عن جسده، لكن لاهوته لم ينفصل قط لا عن جسده ،لا عن روحه، لـذلك هو: «رَئِيسُ الْحَيَاةِ» (أع٣: ١٥). فهو الذي قال: «أَنَا هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ، وَالْحَيُّ. وَكُنْتُ مَيْتًا وَهَا أَنَا حَيٌّ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ. آمِينَ» (رؤ١: ١٧، ١٨).

لقد نزلت نفسه المتحدة بلاهوته إلى الجحيم، فيقول معلمنا القديس بولس الرسول: «إِنَّهُ نَزَلَ أَيْضًا أَوَّلًا إِلَى أَقْسَامِ الأَرْضِ السُّفْلَى» (أف٤: ٩). لا ليُقبض عليها أبديًا، وإنما لكي يحطم متاريسه، لقد بشر الراقدين، بقوة سلطانه وفك قيودهم وحملهم إلى الراحة. لقد نزل السيد المسيح إلي العالم السفلي لتبشير الذين ماتوا علي رجاء وأخذهم معه إلي الفردوس بعد إتمام الفداء. فحسب وعده للص اليمين «اليوم تكون معي في الفردوس» (لو٢٣: ٤٣)، هكذا فتح باب الفردوس في نفس يوم الصلب، ودخل إليه المسيح ومعه اللص اليمين وأبرار العهد القديم الراقدين علي رجاء حيث: «سَبَى سَبْيًا وَأَعْطَى النَّاسَ عَطَأيَا» (أف٤: ٨)

فهو اشترك في موتنا لنشترك نحن معه في قيامته، وهو قام ليقيمنا نحن. فكيف للموت أن يمسك برئيس الحياة؟! فكأن الموت أمر ضعيف أمام من له الحياة في ذاته. لقد حمل رحم الموت بالحياة، فقضت الحياة على الموت. يقول القديس إبيفانيوس أسقف قبرص: [كيف حطم أبواب الجحيم من لم يفتح أبواب العلية، بل دخل حيث كان توما هناك فرآه؟ كيف فتح للبشر أبواب الملكوت مع أنه لم يفتح أبواب القبر ولا أختامه (حين قام)؟ كيف أُحصِي في عداد الموتى، مَن هو حُر فيما بين الأموات؟] (عظة على سبت الفرح).

إن الذي قام «نَاقِضًا أَوْجَاعَ الْمَوْتِ»، جعل القديسين الذين المؤمنين باسمه لا يرهبون الموت. يقول القديس أثناسيوس الرسوليّ: [قديمًا - قبل الظهور الإلهي للمخلص - كان الموت مرعبًا حتى للقديسين، وكان الكل ينوحون على الأموات كأنهم هلكوا. أمّا الآن، وقد أقام المخلص جسده، لم يعد الموت مرعبًا بعد، لأن كل الذين يؤمنون بالمسيح يدوسونه كأنه لا شيء، ويفضلون أن يموتوا عن أن ينكروا ايمانهم بالمسيح. لأنهم يعلمون يقينًا أنهم عندما يموتون لا يهلكون، بل يبدأون الحياة فعلًا، ويصبحون عديمي الفساد بفضل القيامة] (تجسد الكلمة27: 2).




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx