اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة السابعة والأربعون31 مايو 2019 - 23 بشنس 1735 ش     العدد كـــ PDFالعدد 21-22

اخر عدد

كسابق من اجلنا

القس إبراهيم القمص عازر

31 مايو 2019 - 23 بشنس 1735 ش

لمّا كان الموت هو نصيب البشرية كلها نتيجة خطية آدم الأول، ففي آدم مات الجميع، لذلك جاء الله إلى عالمنا متجسدًا، وصار إنسانًا، واضعًا الحياة كهدف، والموت كوسيلة. مقدِّمًا نفسه كذبيحة على عود الصليب، ليجمع ما بين كونه الذبيحة ومُقدِّمها، أي الكاهن والذبيحة. فيولد في المذود لأنه الذبيحة، ثم يأتي المجوس باللبان لأنه هو الكاهن بل رئيس الكهنة الأعظم. على الصليب يُذبَح، لأنه الحَمَل الذي يُقرَّب ويُقدَّم، ولكن بإرادته وبتدبيره الخاص، لإنه الكاهن أيضًا،الذيأشرف بنفسه على كل تفاصيل تقديم الذبيحة، كما سبق وتنبأ عن تفاصيلها قديمًا. وبينما كان رئيس الكهنة يأخذ الذبيحة سنويًا، متوجهًا نحو قدس الأقداس لكي يقدم كفّارة عن الخطايا، ليظهر أمام الله ليجلب غفرانًا له ولشعبه؛ ولكن لأن الذبيحة مختلفة في طبيعتها، فهي ذبيحة بلا عيب ولا دنس، والدم ليس لتيوس وعجول، ولكن للابن الكلمة المتجسد، فقد دخل ككاهن مرة واحده، مُقدِّمًا ذبيحة نفسه، فأوجد فداءً مستمرًا، وخلاصًا لا ينتهي، وحياة دائمة أيأبدية.

آدم الاول خرج من جنة عدن والبشرية معه، ثم انحدر إلى الجحيم، فجاء الرب يسوع وصعد إلى السماء وأصعدنا معه. لقد كان صعود الرب يسوع (آدم الثاني) على جبل الزيتون، ودخوله إلى السماء، هو الصورة المقابله لنزول آدم الأول(خروجه) من جنة عدن، وانحداره في الجحيم. لذلك كان دخول الرب يسوع إلى السماء دخولًا كهنوتيًا، ملوكيًا، انتصاريًا، لحساب بشريتنا وبطبيعتنا الضعيفة، التي سبق واتحد بها، اتحادًا أبديًا بغير افتراق ولا انفصال. لقد دخل أورشليم الأرضية فيأحد الشعانين، كملك منتصر، وذبيحة مقدسة، وكرئيس كهنة، واضعًا عينه على الهيكل، قاصدًا قدس الأقداس. وتحرك الموكب وقدّم الكاهن الأعظم، الذبيحة على مذبح الصليب. ذُبِح الحمل وسُفِك دمه وفُتِح جنبه. ولأنه بار ومقدس وبلا عيب ولا دنس، فلم تتوقف رحله الخلاص، بل بدأت لتكون حلًا نهائيًا وأبديًا لقضية الإنسان، فقام صاعدًا نحو قدس الأقداس، ولكن ليس حيثما يوجد الخيمة أو الهيكل، ولكن حيث الله ومحضره، إلى المسكن السمائي الأعظم. لقد تخطّى الحواجز الأرضية، والحجاب المادي، مُحطِّمًا كل الحواجز التي صنعها الإنسان بخطيته وزكّاها بعصيانه، ليعيد الإنسان إلى محضر الله. فحيثما توجد الرأس يكون بقية الجسد أيضًا معه. هكذا نحن جسد المسيح وأعضاؤه، صرنا ننتمي للسماء ونطلب مافوق حيث مخلصنا الصالح ورأس كنيستنا.

ولمّا صعد جلس عن اليمين، لقد تمّم الملك مهمته الخلاصية وعاد إلى سمائة منتصرًا وغالبًا، واستقبلته ملائكته، مُقدِّمةً له المجد والكرامة والعظمة والسلطان. فعندما تجسد أخلى نفسه آخذًا صوره العبد، وعندما صعد أظهر مجده الذي أخفاه عن أعيننا، حيث لا نقدر ولا نستطيع أن نعاينه. ولأن فداءه أبدي، وكهنوته دائم، فشفاعته دائمة، وذبيحته مستمرة إلى أن يجيء. السيد المسيح رأس الكنيسة لا يزال حيًّا ويعمل من أجل خلاص كنيسته، مازال خلاصه يسري بين الناس وفي العالم. هو حاضر في كنيسته بالروح القدس من خلال كهنته. الكاهن ليس مسيحًا آخر؛ وإنما هو "سر المسيح"، العلامة المنظورة لحضور المسيح. ولذلك تأتي الذبيحة (ذبيحة الإفخارستيا) في قلب العمل الكهنوتي، وجوهر الحياة المسيحية، وأساس الخلاص الأبدي. ولهذا السبب أسّس السيد المسيح هذا السر في يوم خميس العهد، قبيل موته الكفاري، باعتباره الفصح الجديد والحقيقي الذي سيعبر به الموت عن كل واحد.

لقد صعد المسيح الملك، كسابق من أجلنا، لكي يمارس عمله الكهنوتي الشفاعي في السماء. وهو أيضًا حاضر بكل قوته في كنيسته بالروح القدس، ويمارس عمله الكنسي السرائري.




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx