اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة السابعة والأربعون28 يونيو 2019 - 21 بؤونه 1735 ش     العدد كـــ PDFالعدد 25-26

اخر عدد

«اكْرِزُوا بِالإِنْجِيلِ» (مر16: 15).

القمص بنيامين المحرقي

28 يونيو 2019 - 21 بؤونه 1735 ش

الوصية التي تركها المسيح الهنا، لتلاميذه الأطهار قبيل صعوده، هي الكرازة بالإنجيل.فالكنيسة إذًا مسئولة عن إنارة المجتمع وإرشاده إلى الحق الذي هو المسيح. لكن هناك سمة فريدة ينفرد بها العمل الكرازيّ، وهي: «سر الحكمة»...

الكرازة ليست بالحكمة الأرضيّة:لأن الحكمة الأرضيّة غير مبنية على الحق أو الحقيقة، ولكن على القدرة على التفاخر بالحكمة وعلى استمالة الآخرين، كما يفعل السوفسطائيون. كما أن الحكمة العالمية والفلسفة العقليّةقاصرة عن فهم الحكمة السماوية «لأَنَّهُ إِذْ كَانَ الْعَالَمُ فِي حِكْمَةِ اللهِ لَمْ يَعْرِفِ اللهَ بِالْحِكْمَةِ اسْتَحْسَنَ اللهُ أَنْ يُخَلِّصَ الْمُؤْمِنِينَ بِجَهَالَةِ الْكِرَازَةِ...»(1كو1: 20-24).

وهنا أرجو أن لا يُفهم أنهيجب أن نفتخر بالجهل، ولا أن يُحسب الجهل فضيلة، لكن المطلوب أن نسمو فوق مستوى الحكمة والفلسفة العقليّة.فعندما نختبر حكمة اللَّه، نجدها لا تُقارن بحكمة العالم. فعندما نتذوقها، لا نعود ننشغل بالحكمة الزمنيّة؛بل نستطع أن نتطلع إلىجمال حكمة اللَّه الفائقةالتي بها نقدر أن نتذوق عمله الخلاصيّ.

فالكرازة الحقيقية بالمسيح المصلوب تتطلب، كما يقول معلمنا القديس بولس الرسول: «نَتَكَلَّمُ بِحِكْمَةِ اللهِ فِي سِرٍّ: الْحِكْمَةِ الْمَكْتُومَةِ الَّتِي سَبَقَ اللهُ فَعَيَّنَهَا قَبْلَ الدُّهُورِ لِمَجْدِنَا» (1كو2: 7)،  سر الحكمة المكتومة، وهذا يتطلب استعدادات وإعدادات للخادم الكارز، حتى يستطيع أن يقتني البصيرة الروحيّة الداخليّة، التي بقدر ما يقتنيها ويتعمق فيها، بقدر ما يقتني [سر الحكمة].

الصليب هو محور الكرازة:حيث تتركّز حكمة اللَّه على الصليب الذي هو إعلان الحب الإلهيّ الفائق للإنسان، وهذا ترفضه الحكمة البشرية، لأنه فوق العقل ولكنه ليس ضد العقل. فاليهود يرون في الصليب عثرة، إذ يطلبون ملكًا أرضيًا يهبهم مجدًا أرضيّا. وهو يعلن ويكرز بمَلِك مصلوب، ملكه روحانيّ سمائيّ؛ ورغم ذلك يصرخ بولس الرسول، قائلاً: «حَاشَا لِي أَنْ أَفْتَخِرَ إِلاَّ بِصَلِيبِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي بِهِ قَدْ صُلِبَ الْعَالَمُ لِي وَأَنَا لِلْعَالَمِ» (غلا٦: ١٤)..كما يرون في الصليب ضعفًا، بينما هو غلبة ونصرة لهم، فالسيد المسيح [أظهر بالضعف ما هو أعظم من القوة]. واليونانيون يرون فيه جهالة، فكل أذهانهم معتمدة على الفلسفة البشريّةً. وهذه الفلسفة على العكس تعطل صليب المسيح (كو1: 17).

الكرازة بقوة المسيح القائم: مصدر قوتنا هي توبتنا، فالحكمة السمائية، تكشف لنا خطايانا فنكتشف مواطن ضعفاتنا، فهذا عمل الروح فينا، فإنه «يُبَكِّتُ الْعَالَمَ عَلَى خَطِيَّةٍ»(يو16: 8)، فنلجأ إليه، فيشفينا، فبقدر ما نتحرر من سلطان الخطية علينا، نُخضع أنفسنا لقوة الروح فيعيننا. فبينما تكشف ضعفاتنا، نميت أنفسنا كما يوصينا القديس بولس الرسول: «َأَمِيتُوا اعْضَاءَكُمُ الَّتِي عَلَى الأَرْضِ: الزِّنَا، النَّجَاسَةَ، الْهَوَى، الشَّهْوَةَ الرَّدِيَّةَ، الطَّمَعَ الَّذِي هُوَ عِبَادَةُ الأَوْثَانِ» (كو3: 5)، بالإجمال يموت العالم فينا، فنقوم مع المسيح القائم بقوة قيامته. ففي الوقت الذي تعلن فيه الحكمة السمائية، حالة الموت تقدم لنا قوة القيامة.وهذا ما لا نجده في الحكمة الأرضيّة، فهي تدفع الإنسان أكثر فأكثر إلى الكبرياء، والبر الذاتيّ، والأنانية، وهذا هو موت الإنسانيّة بعينه.




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx