اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة السابعة والأربعون12 يوليه 2019 - 5 أبيب 1735 ش     العدد كـــ PDFالعدد 27-28

اخر عدد

سوف تري أعظم من هذا

نيافة الأنبا باخوميوس مطران البحيرة ومطروح وشمال أفريقيا

12 يوليه 2019 - 5 أبيب 1735 ش

في تذكار احتفالنا بعيد آبائنا الرسل الأطهار، الذين فتنوا المسكونة كلها بكرازتهم البسيطة السلمية، أتذكر مقابلات الرب يسوع الأولى مع تلاميذه ومواقف اختياره لهم. ومن أعظم هذه المقابلات مقابلة الرب لنثنائيل (يو1: 43-51)، فقد دعا الرب فيلبس، وفيلبس دعا نثنائيل قائلًا: «قد وجدنا المسيا»، إلّا أن نثنائيل تعجب وقال: «أمن الناصرة يمكن أن يخرج شيء صالح؟»، فأجابه فيلبس: «تعالَ وانظر».. وعندما قبل نثنائيل الدعوة وتقابل مع يسوع، قال له الرب: «قبل أن دعاك فيلبس وأنت تحت التينة رأيتك». وهنا تغير فكر نثنائيل واستجاب لدعوة يسوع، فقد أدرك ان يسوع يعرف الغيب، وآمن أنه الإله الحقيقي، وهنا أجابه يسوع: «... سوف ترى أعظم من هذا». فماذا تُعلّمنا هذه المقابلة الغريبة التي بدأت بفكر معترض أو رافض من جهة نثنائيل؟

+ هذه القصة هي قصتنا جميعًا، فغالبًا ما تبدأ علاقتنا بالرب بعلاقة سطحية، ربما نكون فيها معاندين أو رافضين لرؤية الرب.. ولكن نثنائيل يعلّمنا أن الإنسان الحكيم والأمين على خلاص نفسه لا يعاند، فعناد الإنسان يحرمه من بركات عظيمة، وارتباط الانسان بذهن رافض غير مقبول يجعلنا نخسر الكثير. فماذا لو رفض نثنائيل أن يذهب ليرى يسوع؟ لكن نثنائيل استطاع أن يتخلّى عن فكره الشخصي وعقله الرافض.

+ الجيد في نثنائيل أنه فيما هو ذاهب لمقابلة الرب وهو يحمل داخله تساؤلات كثيرة، إلّا أنه كان يحمل أيضًا في قلبه نوعًا من تسليم لمشيئة الله. وعندما رأى في يسوع اهتمامًا خاصًا به، ومعرفة حقيقية فاحصة لشخصه، وحبًّا حقيقيًا له؛ تأثر التلميذ ولم يكابر أو يعاند، ولم يعد لفكره الأول الرافض، بل أعلن إيمانه.

+ الإنسان يحتاج أن يتنازل عن فكره وعن عناده، وأن يذهب ليقابل الرب، وأن يقبله عندئذ إلهًا وملكًا على قلبه.. وحينئذ يستطيع أن يرى أعظم من هذا.. فيقضي كل عمره تلميذًا للرب وكارزًا باسمه.. ويختبر عظائم الرب في حياته.

+ في مرات كثيرة يرفض البعض فرص الدخول إلى الكنيسة أو الاهتمام بقراءة أو دراسة الكتاب المقدس، وقد يفضّل البعض الانشغال الزائد بالعالم وهمومه فنخسر الكثير، فنحن نستطيع أن نختبر أعمال الرب في حياتنا وقيادته لنا من مجد إلى مجد، فقط عندما نتنازل عن فكرنا الشخصي وشهواتنا العالمية، ونسرع لمقابلة الرب، وعندها سنرى ما هو أعظم من كل شهوات العالم واهتماماته.

+ وهكذا اختبر الربَّ جميعُ رجاله على مرّ الزمان.. فهكذا فعل نحميا عندما تخلّى عن مكانته في أرض السبي كساقي للملك، وذهب ليرمّم أسوار أورشليم المتهدمة.. فقد أراه الرب ما هو أعظم من هذا، فشاهد نحميا بناء الأسوار وعودة الشعب بقلب تائب إلى الرب. وهكذا عاش بولس الرسول الذي تنازل عن عناده وقبل دعوة الرب على ابواب مدينة دمشق، وقبل الرب مخلصًا حقيقيًا، فرأى ما هو أعظم من هذا إذ صار رسولًا للأمم، وكرز في كل العالم. وهكذا عاش مار جرجس وكل الشهداء، إذ قبلوا الإيمان وثبتوا عليه، فخسروا حياتهم على الأرض، لكنهم رأوا ما هو أعظم من هذا إذ صارت دماؤهم بذارًا للإيمان، وربحوا الأكاليل السماوية، وصاروا أمثلة للمؤمنين في كل زمان، وشفعاء لنا في السماء...

لتكن كلمات الرب يسوع لنثنائيل «سوف ترى أعظم من هذا»، دستورًا لحياتنا، فنقبل كل تعب أو خسارة، ونتخلّى عن عنادنا وكبريائنا. ولتكن هذه الكلمات هي إيماننا عند كل فَقد أن الرب سيعوّضنا بما هو أعظم. وليصر وعد الرب هذا أعظم تعزية لنا في كل الصعوبات التي نجنازها في الحياة، واثقين أننا ما دُمنا مع الرب فسنرى بالرجاء ما هو أعظم في رحلة حياتنا.




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx