اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة السابعة والأربعون26 يوليه 2019 - 19 أبيب 1735 ش     العدد كـــ PDFالعدد 29-30

اخر عدد

التعليم الكنسي

قداسة البابا تواضروس الثانى

26 يوليه 2019 - 19 أبيب 1735 ش

الكنيسة بصورة عامة هي أُمٌّ لنا جميعًا، لها الدور الأكبر كمُعلّمة ومُربّية ومُلهمة في مسيرة حياتنا الأرضية امتدادًا إلى السماء حيث النصيب الصالح.

وهذا الدور التعليمي الذي تقوم به الكنيسة مُستمَد من المسيح المعلم الصالح Good Teacher، الذي كان يعلّم في المجامع (متى 4: 23)، وفي الهيكل (متى 21: 23)، وفي الأعياد (يوحنا 8: 20)، بل وكل يوم (متى 26: 55)، كما أجاب عن العديد من الأسئلة التي وُجِّهت إليه في مناسبات متنوعة. ولذلك لقّبه اليهود بلقب "رابي" أي معلم. وقد أخذ تعليمه عدة أوجه، فتارة يتكلم ويعلم ويتصرف كنبي، وتارة كمُفسِّر للشريعة التي جاء ليشرحها ويكملها (متى 5: 17)، كما أنه كان يعلم بسلطان (متى 13: 54)، وكان تعليمه مذهلاً للسامعيين (مرقس 1: 27)، كما أنه كان جديدًا إذ يخاطب القلوب والأعماق هادفًا إلى خلاص النفوس وتحريرها من الناموسيات والحرفيات والجمود الفكري والقساوة القلبية. وكثيرًا ما اصطدم بالعمى الإرادي عند أولئك الذين يدّعون أنهم يُبْصِرُونَ وهم لاَ يُبْصِرُونَ (يو 9: 39-41).

والتعليم عملية مستمرة تشمل جوانب عديدة، وتبدأ في الأسرة التي هي الوحدة الأولى لبناء أي مجتمع سواء مدني أو ديني. وعملية التعليم يشترك فيها: الأسرة (المؤسسة التربوية الأولى)، والكنيسة (المؤسسة الروحية الأولى)، والمدرسة (المؤسسة المعرفية الأولى)، والأصدقاء (البيئة الاجتماعية الأولى)، والميديا (المؤسسة العالمية الأولى).

ولأن التعليم الكنسي هو عمل الكنيسة الأساسي بين كل ما سبق من عناصر تشارك في بناء الإنسان وتعليمه وتربيته وتنشئته، لذا سوف أقصر حديثي عن الجوانب الرئيسية لمنظومة التعليم الكنسي وهي ثلاثية الأبعاد: المُعلّم – المنهج – المُتعلِّم.

وسوف أحاول بنعمة المسيح الحديث في هذا المقال عن "المعلم" على أن استكمل باقي العناصر في مقالات قادمة.

أولاً: المعلم

وهو الإنسان الذي يقوم بالعملية التعليمية الواجبة، وليس كل إنسان صالحًا أن يكون معلمًا. المعلم يجب أن يكون شخصًا ذا مواصفات خاصة: معرفيًا – روحيًا – أخلاقيًا – كنسيًا – اجتماعيًا. ويجب أن تتوازن هذه العناصر في شخصيته ودراسته وتحصيله المعرفي، فمثلاً لا يكون على قدر عالٍ من المعرفة في أي مجال، وفي نفس الوقت سلوكه الأخلاقي أو الاجتماعي بعيد عن ذلك تمامًا. أو أن يكون كنسيًا وليس روحيًا تائبًا.. وهكذا.

ويمكن أن نصف عدة مستويات في المعلم وكيف يكون:

1- القارئ: وهو الإنسان الذي يقرأ لنفسه أو لآخرين، ويثقّف ذاته سواء في القراءات الدينية بأنواعها أو الثقافية بأنواعها، وربما يكون له مكتبة صغيرة أو متوسطة، كما قد تكون قراءاته عابرة مثلًا في الصحف أو المجلات متنوعة الموضوعات أو على شبكة النت والتجوال بين المواقع دون قصد معين في هذه القراءة.

2- المدرس: وهو الذي له صلاحية التدريس ونقل المعرفة إلى الآخرين بوسائل تربوية سليمة، وينطبق هذا على خادم مدارس الأحد وفصول الشباب، وينطبق على الكاهن أو الأسقف بصور متدرّجة. وبالطبع يحتاج أن يكون قارئًا ودارسًا جيدًا، وقد تتلمذ على آخرين بصورة عميقة، سواء في الاجتماعات أو الدروس أو غير ذلك.

3- الواعظ: وهو الذي عنده مهارة مخاطبة الآخرين في كل المستويات التعليمية أو حتى أصحاب التعليم المحدود أو الغير موجود. وهو يملك معرفة اجتماعية وشعبية تناسب من يكلمهم. وكان في بدايات القرن العشرين عدد كبير من الوعاظ وأثروا الكنيسة جدًا، ولكن مع تنامي مراكز التعليم وظهور وسائل التكنولوجيا الحديثة، قلّ عددهم الآن وصار دورهم محدودًا، ربما في مناسبات الوفاة والعزاء فقط.

4- المحاضر: وهو الشخص صاحب خبرات متميزة في مجال ما، يأتي ليلقي محاضرات علمية عميقة في مجال معرفته، ويقدم هذه المعرفة بأسلوب متقدم معتمدًا على دراساته وأبحاثه وقراءاته الواسعة.

5- الباحث: وهو صاحب الأبحاث الدينية أو الكنسية أو العلمية، وقد حصل على أبحاثه شهادات الماجستير والدكتوراه، ويتميز بالدقة والأمانة العلمية، والتعمق في التحصيل الدراسي، ويمكن أن ينشر أبحاثه دون أن يكون لها آثار سلبية على سلام الكنيسة أو المجتمع، ويكون حكيمًا في كل ما يقوله.

6- المتأمّل: وهو الذي تعمّق وراء النصوص الدراسية سواء كتابية أو آبائية أو كنسية، وصار له تأملات متنوعة ومتوازنة تكشف أعماق الغنى الروحي فيها، وتقديم مثل هذه التأملات يشبع الروح والقلب، ويحتاجها الإنسان في فترات الخلوة والهدوء النفسي وفترات التوبة.

7- الكاتب: وهو الذي يستطيع أن يصيغ معرفته وقراءاته ودراساته في صورة مكتوبة بأسلوب رصين واضح، وليس كل إنسان عنده هذه الموهبة، ويجب أن يكون عارفًا بأصول الكتابة والنحو والصرف والأسلوب واللغة المناسبة. وعادة كل كتاب يقرأه مئات وآلاف من البشر، ويظل قائمًا وحاضرًا على الدوام.




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx