اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
السنة السابعة والأربعون04 أكتوبر 2019 - 23 توت 1736 ش     العدد كـــ PDFالعدد 37-38

اخر عدد

الليتورجيا ووحدة الكنيسة

نيافة الأنبا بنيامين أسقف المنوفية

04 أكتوبر 2019 - 23 توت 1736 ش

وحدة الكنيسة في الإيمان والطقوس والعمق الروحي هي هدف مقدس نسعى لتحقيقه على أرض الواقع، لأن ما ورد في (1كو10: 16، 17) يطلب ذلك: «كأس البركة التي نباركها أليست هي شركة دم المسيح؟ والخبز الذي نكسره، أليس هو شركة جسد المسيح؟.. فأننا نحن الكثيرون خبز واحد، جسد، واحد لأننا جميعًا نشترك في الخبز الواحد». وهكذا ندرك سر الوحدانية التي تعيشها الكنيسة في سر الإفخارستيا والصلاة بليتورجية القداس، ونحن الكثيرون نصير جسدًا واحدًا للرأس الواحد ربنا يسوع المسيح، وهذه هبة من الله في العهد الجديد، وكما يقول القديس أغسطينوس: "ينشأ سر سلامنا ووحدتنا فوق مذبحه المقدس"، ويؤكد ذلك القديس أمبروسيوس بقوله: "الشعب الذي تطهّر وامتلأ بالمواهب الروحية، يبدأ بالسير نحو الكنيسة ناظرين لمذبحه وهم يقولون: «إلى بيت الرب نذهب، الله يُفرح شبابنا»، وإذ يُسرعون بروح واحد تجاه الوليمة السمائية الواحدة". فكأس البركة سُمِّيت هكذا لأنها تحتوي على دم المسيح الذي أُهرق عَنًاَ على عود الصليب، وحسب النبوة كان اليهود يسمون الكأس الأخيرة في عيد الفصح كأس البركة، وكذلك ما فعله السيد المسيح في تأسيس سر الإفخارستيا يوم خميس العهد «لأن هذا هو دمي الذي للعهد الجديد الذي يُسفك من أجل كثيرين لمغفرة الخطايا» (مت26: 28).

وكلمة شركة باليونانية (koinonia) تعني اتحاد، وإن كُنًا لا ندرك هذا الأمر بعقولنا، لكن كسِرّ حياة نعيشه، ونلمسه في حياتنا كفعل حقيقين ونصير أبناء للآب السماوي من خلال هذه الوحدة. لذلك تقوم الكنيسة يوم العماد بدهن الُمَعمًد بزيت الميرون وتناوله جسد الرب ودمه الأقدسين لتكون له الحياة الحقيقية، وهذا ما أوصى به السيد المسيح بقوله: «الحق الحق أقوله لكم إن لم تأكلوا جسد ابن الإنسان وتشربوا دمه فليس لكم حياه فيكم» (يو6: 53). وفي الليتورجيا نعيش في القداس الانتماء الحقيقي ككنيسة للمسيح القدوس، لنكون أبناء للآب السماوي، وهيكلًا لعمل الروح القدس، وهذا هو سر عضويتنا في الكنيسة المقدسة لأننا نشترك في الذبيحة الواحدة بإيمان مستقيم وقلب واحد، تَنقّي بالتوبة والاعتراف، لنتمتع بسر الخلاص والغفران. ومن هنا فإننا نؤكد على أن نجاح أي خدمة بالكنيسة يتوقف على قدرة كل مَن يخدم على ربط المخدومين بالليتورجيا، وتناولهم في الإفخارستيا بصفة منتظمة من الأسرار المقدسة باستعداد واستحقاق.

حقًا ما أجمل هذه الليتورجيا الرائعة التي ندخل من خلالها إلى شركة معًا ووحدانية قلب، ونسبح الله على عطيته المقدسة إذ نقول في قسمة صوم الرسل: "نُسَبَحَك ونمجدك ونشكرك على هذه النعم العظيمة".. نًصلي معًا ونسجد معًا ونتكلم مسبحين الله بألحان مقدسة وانسكاب حقيقي بالقلب وليس بالجسد فقط. نُمجد ونشكر ونفرح ونتهلل في خدمة القداس الإلهي بالروح والعاطفة والذهن أيضًا. ويقول القديس كيرلس في قداسة: "عند إصعاد الذبيحة على مذبحك المقدس، تضمحل الخطية من أعضائنا بنعمتك. عند نزول مجدك على أسرارك، ترتفع عقولنا لمشاهدة جلالك، وتتحد نفوسنا، وتخلق فينا قلبًا طاهرًا، ويعمل روحك في داخلنا، فتجدّد حواسنا بقوتك ونصير أهلًا لمواهبك".




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx