اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
السنة السابعة والأربعون04 أكتوبر 2019 - 23 توت 1736 ش     العدد كـــ PDFالعدد 37-38

اخر عدد

وولد ولدًا على صورته كشبهه

نيافة الانبا يوسف أسقف جنوب الولايات المتحدة الأمريكية

04 أكتوبر 2019 - 23 توت 1736 ش

لما سجل موسى النبي في سفر التكوين أول سلسلة أنساب وكانت لآدم قال: «وعاش آدم مئة وثلاثين سنة، وولد ولدًا على شبهه كصورته، ودعا اسمه شيثًا» (تك5: 3). ومعنى اسم شيث هو: البديل أو العوض، لأن حواء ولدته بعد مقتل هابيل وسمته شيثًا قائلة «لأن الله وضع لي نسلًا آخر عوضًا عن هابيل» (تك4: 25). فقد كانت حواء تنتظر تحقيق وعد الله بولادة المسيا من قايين أو هابيل، ولكن لما خاب رجاؤها بمقتل هابيل وتحوّل قايين إلى قاتل طريد على وجه الأرض، ولدت شيثًا ووضعت رجاءها عليه أن يكون هو المسيا أو أن يأتي المسيا من نسله. وبالفعل أتى المسيح من نسل شيث الذي ذُكِر فس سلسلة أنساب المسيح في (لوقا 3: 38).

لكن الأمر العجيب والملفت للنظر أن الوحي الإلهي في الكتاب المقدس اعتنى بشدة أن يصف شيثًا بأنه «على شبهه كصورته» أي شبه وصورة أبيه آدم. والكلمات المستخدمة هنا هي نفس الكلمات التي اُستُخدِمت لوصف خلقة آدم: «نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا... فخلق الإنسان على صورته. على صورة الله خلقه» (تك1: 26-27). أي أن آدم كان على صورة الله وشبهه، أمّا شيث فكان على صورة آدم أبيه وشبهه بعد السقوط. لماذا يا تُرى اعتنى الكتاب المقدس بتسجيل ذلك الوصف لشيث؟

من المعتاد أن تكون صورة الصورة مطابقة للأصل ما لم يحدث بها أيّة تشوهات. وشيث كان صورة لآدم أي صورة لصورة الله. ولو لم يكن آدم قد أخطأ لما أُفسِدت وتشوهت صورة الله فيه بسبب الخطية، ولما صار نسله على صورته الفاسدة المشوهة، بل على صورة الله ومثاله. لقد كان من المفترض أن يورث آدم بنيه صورة وشبه الله، وليس صورته وشبهه هو التي أفسدتها الخطية.

ينبهنا هذا الأمر إلى ضرورة اعتناء كل أب (روحي أو جسدي) -بل وأيضًا كل أم (روحية أو جسدية)- ألّا يسعى بنرجسيته إلى خلق صورته الشخصية في أبنائه بكل ما تحملها من توجّهات وميول وآراء شخصية، بل ليكن الهدف الأوحد لكل أب أو مرشد أو مربي استعادة الصورة والشبه الإلهي في الأبناء. ولعل هذا ما أراد السيد المسيح التأكيد عليه عندما قال لأمه والقديس يوسف النجار: «لماذا كنتما تطلبانني؟ ألم تعلما أنه ينبغي أن أكون في ما لأبي؟» (لو2: 49). أي ينبغي أن نكون في ما لأبينا السماوي من صورة ومثال. أي منطق وأيّة حكمة في أن نسعى بنرجسية بغيضة لتوريث أبنائنا نسخة من صورتنا التي نئنّ نحن منها بالفعل، بل ونبغض ما فيها من اعوجاج وزيغان عن الحق والنور؟ ليتنا إذًا جميعًا نثبّت أنظارنا على الرب وحده لكي ما إذا ثبتنا في محضره «نتغير إلى تلك الصورة عينها من مجد إلى مجد» (2كو3: 18).




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx