اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
السنة السابعة والأربعون01 نوفمبر 2019 - 21 بابه 1736 ش     العدد كـــ PDFالعدد 41-42

اخر عدد

الحرية الحقيقية

نيافة الأنبا بنيامين أسقف المنوفية

01 نوفمبر 2019 - 21 بابه 1736 ش

الحرية هي الحياة التي نتمناها دائمًا، فالإنسان خلقة الله حُرًّا ويحب الحرية ويسعى إليها دائمًا، لكن أحيانًا يحاول الشيطان أن يُغوي الإنسان ليحب الشر ويهواه ويريده بحريته! وهنا يفقد حريته لأن السيد المسيح قال «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَعْمَلُ الْخَطِيَّةَ هُوَ عَبْدٌ لِلْخَطِيَّةِ» (يو8: 34). لذلك جاء مخلصنا ربنا يسوع المسيح لكي يحرّر الخطاة المُستعبَدين للخطية «إن حرركم الابن فبالحقيقة تصيرون أحرارًا». ولابد أن نعرف أن حرية الإنسان ليست حرية مُطلقة بل لها حدود ولها مسئولية أمام الله والناس، ومن الواضح أن الله أعطى آدم -أصل البشرية- الوصية ليحفظ الحرية التي خُلق بها.

وهذه نقطة مهمة، لأن البعض يعتبر أن الوصية قيد على الحرية، وهذا سبب رفض البعض لله أو إنكار وجوده أو رفض وصيته المقدسة التي هي دليل حب الله للإنسان، لأن الله يريد أن نكون أحرارًا لا عبيدًا. فنجد أن آدم خلقه الله حُرًّا مريدًا، وأوصاه أن يستفيد من الجنَّة التي خلقه فيها، وأوصاه ألّا يأكل من شجرة واحدة ليدلّل بها أنه يحب الله أكثر من الجنَّة لأنها عطية الله له، فكيف يحب الإنسان العطية أكثر من العاطي؟ وكيف يُعَبِّر عن حبه لله العاطي أكثر من حبه للجنة التي وضعه الله فيها ليتمتع بها؟ وليحميه الله من شهوات الجسد وأهواء النفس، ويعطيه حصانة من كل هذا ليعيش في حرية بعيدًا عن عبودية الأهواء والشهوات، لأنه لا يمكن أن يكون الحب من طرفٍ واحدٍ وهو الله دون تجاوب الطرف الآخر وهو الإنسان، لذلك فإن كانت الحرية أمنية الجميع.. لكن الضوابط مهمة لحفظ الحرية من الانحراف والشر. إذًا فالحرية عطية من الله، يحتاج الإنسان أن يمارس ضوابط لحفظ هذه الحرية دائمة وفَعَّالة، لأن المحبة تحاربها الكراهية والقسوة وظلم الآخر، وفي هذا إساءة للحرية وضياع لها من الإنسان، ومثل الكراهية النجاسة والعثرة والعادات الخاطئة والإساءة للآخرين والانفلات في اللسان والأعصاب والفكر والحواس.. الخ وكلها حروب تمنع الحرية وتحولها إلى عبودية.

لذلك فالحرية الحقيقية هي التحرُّر من الذات البشرية التي يستخدمها الشيطان ليفقد الإنسان حريته، فليست الحرية في تنفيذ الرغبات الشريرة بل في التحرر منها والبعد عنها، لأنها قيود بشرية ضد الحرية الحقيقية التي يحصل عليها الإنسان بتنفيذ وصايا الله والخضوع الطوعي للقوانين الحافظة لها: «فاثبتوا إذًا في الحرية التي حررنا المسيح بها ولا ترتبكوا أيضًا بنير العبودية» (غل5: 1).

وذهبي الفم يقول: "انظروا كم من الطرق يقودهم بها بعيدًا عن الخطأ (أي السيد المسيح لليهود)، إن أولئك الذين صاروا أحرارًا في المسيح بعد العبودية السابقة، للإيمان أن يعودوا للعبودية بعيدًا عن النعمة التي حررتهم من عبودية الخطية والناموس. ويؤكد على الثبات في النعمة المحرِّرة التي نالوها بالإيمان بالمسيح، فلا ختان ولا ناموس ولا انحلال في الشر، كل ذلك ضد الذي حررهم من كل هذا «فأنكم إنما دُعيتم للحرية أيها الإخوة غير أنه لا تُصَيِّروُا الحرية فرصة للجسد» (غل5: 13).

ويقول ذهبي الفم: "لقد انكسرت قيودكم بالإيمان بالمسيح الذي رفع عنكم النير بالمعمودية على اسم الثالوث"، «لأننا جميعًا اعتمدنا بروح واحد أيضًا إلى جسد واحد» (1كو12: 13)، «وأما الرب فهو الروح، وحيث روح الرب هناك حرية» (2كو3: 17).




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx