اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
السنة السابعة والأربعون15 نوفمبر 2019 - 5 هاتور 1736 ش     العدد كـــ PDFالعدد 43-44

اخر عدد

بمناسة عيد جلوس قداسة البابا تواضروس الثاني أضواء من فكر قداسة البابا تواضروس الثاني

دكتور رسمي عبد الملك

15 نوفمبر 2019 - 5 هاتور 1736 ش

أولًا: النظام والالتزام

كل مؤسسة يلزم لها قانون يحكم تصرفاتها، فمثلًا الكنيسة الاولى كان لها "دسقولية"، وإلى اليوم نحن نعيش عليها. ومن هنا تظهر ضرورة وضع اللوائح المُنظِّمة للأعمال والمسئوليات، والتي تضبط تصرفات الأشخاص بعيدًا عن الهوى أو الاستحسان الشخصي. وقد تبدأ اللوائح شفاهية في مرحلة تجمُّع الخبرات، ولكن بمرور الأعوام، وبعد نضوج المؤسسة أو الهيئة، فإنه يجب أن تُكتَب لكي ما تكون نظامًا في إطار عمل المؤسسة أو الهيئة، مما يزيد من حيويتها وتقدمها، وتحقيق أفضل النتائج المرجوة.

وبصفة عامة، يجب أن يكون النظام والالتزام أساسًا لعمل الكنيسة في كل مجالاتها، وبالتالي شعار عمل كل المؤسسات والهيئات، ليكون كل شيء بترتيب ونظام، ومحددًا بحدود تنظيمية تكفل سلامة الأداء، وشفافية القرار في كل وقت.

ثانيا: البابا وإدارة الوقت:

يقول قداسته: "الزمن هو العطية الفريدة التي يمنحها الله لجميع البشر، بنفس التساوي، كلٌّ منا ينال أربعًا وعشرين ساعة كل يوم، وصارت في حياة البشر عبارات تقليدية ترتبط بالزمن مثل: "ربنا يخليك / ربنا يطول عمرك / كل سنة وأنت طيب / عقبال مائة سنة..."، وقد نقابل شيوخًا في العشرين من عمرهم، وبالمثل شبابًا في السبعين من عمرهم، ومعنى ذلك أن الشيخوخة ليست هي تجاعيد الوجه بل هي تجاعيد العقل، بمعنى أن يلتفت الإنسان إلى كل شيء في حياته فيراه جميلًا، لأنه أحيانًا من سرعة الحياة وعدم التركيز لا نتذوق الجمال، والشاعر يقول: "كن جميلًا، ترَ الوجود جميلًا". الانسان المؤمن يتلامس كل صباح مع الله، ويتأمل جمال اليوم الجديد «هذا هو اليوم الذي صنعه الرب، فلنبتهج ونفرح فيه»، ويقولون: "اليوم هو الغد الذي كنت قلقًا بشأنه"، على هذا الأساس لا يصحّ أن نقول إن "الوقت مضى"، إنما نحن الذين نمضي! أشير عليك أن تدرس كتابك المقدس من جهة الإشارات الزمنية فيه تجد عجبًا، فمثلا سفر الرؤيا يبدأ وينتهي بإشارة زمنية «الوقت قريب» (رؤ١: ٣١؛ ٢٢: ١٠). «عظوا أنفسكم كل يوم، مادام الوقت يُدعى اليوم» (عب٣: ١٣)".

صديقي العزيز "تعلم من ماضيك، وافرح بحاضرك، وترجّى مستقبلك"، وتذكر أن الله «صنع الكل حسنًا في وقته» (جا٣: ١١).

ثالثا: الوطن في وجدانه

"العالم في يد الله، ومصر في قلب الله".. ومن أقواله الوطنية الخالدة: "إننا فخورون أننا وُلِدنا على أرض مصر، ومن يقرأ التاريخ والجغرافيا، وحضارة العالم، يعرف قدرها... الأزهر والكنيسة بمثابة رئتي مصر، وصولجان مصر يقود العالم، ورايتها خفاقة دائمًا، لأنها تنتصر للمبادئ والقيم... التاريخ هو الحياة، والمصريون يضربون أروع مثل في العيش المشترك... مصر وطن فريد بين أوطان العالم، له جذوره، وأصوله، وحضارته تشهد بذلك، وله حاضر حيّ في تفاعلاته ونشاطاته، وله مستقبل مشرق متجدّد ومنطلق، وتاريخه محفوظ... يد علوية تباركه وتحميه «مبارك شعبي مصر»... الكنيسة القبطية كنيسة وطنية، فهي الكنيسة التي تخدم الوطن، وتمارس المواطنة، ولا تتدخل في السياسة، نستطيع أن نطلق عليها "مدرسة حب الوطن"... الأديان تتوافق ولا تتطابق، والمصريون لهم تاريخ طويل في العصور الفرعونية والمسيحية والإسلامية، وثقافة قبول الآخر هي المفتاح للعيش المشترك والتنوع، ومهمتنا أن نربّي الشباب على التنوع، والفرق بين الاختلاف الذي لا غنى عنه والخلاف الذي لا نرجو أن نصل إليه".

وأخيرًا.. ما أجمل العبارات التي قالها أ.د. رئيس جامعة بني سويف، عند منح الجامعة درجة الدكتوراة الفخرية لقداسة البابا في ٣١ مارس ٢٠١٥: "إنك يا قداسة البابا لا تستحق فقط دكتوراه فخرية، بل تستحق تكريمًا من كل مصر، ويكفي موقفكم المشهود لكم، عندما ضرب الاٍرهاب الأسود ضربته الشنيعة في ١٤ أغسطس ٢٠١٣ على أكثر من ستين كنيسة في يوم واحد، انحبست يومها الأنفاس وهي تتطلّع إلى ما سيقوله قداسة البابا تواضروس، وجاء قول قداسته بما تجاوز أقصى آمال أكثر المؤرخين بأمن الوطن، توضّح إلى أي مدى دعمكم للسلم الاجتماعي، والحفاظ على النسيج الوطني، والحفاظ على الأمن الوطني للبلاد. وكانت مقولتكم الشهيرة التي سجّلت فيها مكانتكم في تاريخ العظماء (وقتئذ قلتم): "إذا هُدِمت كل الكنائس سنصلي في المساجد، وإذا هُدِمت كل المساجد سنصلي نحن وإخوتنا المسلمين في الشوارع، فوطن بلا كنائس أفضل من كنائس بلا وطن".

حقًا.. هذه الصورة تؤكد للعالم كله أن بلادنا متماسكة قوية، ليست صنع أحد، لكن طبيعية من يد الله، وأن أثمن ما نملكه كمصريين كلنا (مسيحيين ومسلمين) هو وحدتنا الوطنية على أرض مصر هبة النيل، والتي امتزجت فيها الفرعونية والمسيحية والإسلام، وصار الإنسان المصري متميزًا وغنيًا بالحضارة التي عاش فيها..

نصلي جميعًا من أجل الجميع، قيادة وشعبًا، من أجل بلادنا الحبيبة. ونصلي أن يحفظ الله لنا وعلينا حياة قداسة البابا تواضروس الثاني، معلمًا، وأبًا، وراعيًا، وحاميًا، وحارسًا للإيمان، والوحدة المسيحية والوطنية والإنسانية. وإلى منتهى الأعوام...




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx