اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
السنة السابعة والأربعون15 نوفمبر 2019 - 5 هاتور 1736 ش     العدد كـــ PDFالعدد 43-44

اخر عدد

الصلاة الفردية

نيافة الأنبا بنيامين أسقف المنوفية

15 نوفمبر 2019 - 5 هاتور 1736 ش

الصلاة الفردية: تعني كل صلاة تلقائية قلبية صادرة من داخل النفس، وهي صلاة خاصة نحو الله، تمثّل شحنة محبة، سواء كانت في صلوات طقسية، أو روحية من الأجبية، أو طلبة خاصة بحياة الإنسان الروحية أو العملية.. خاصة وأن الصلوات الطقسية التي نترنم بها من الجمال والعمق والرونق حتى أنها تكفي لجميع حاجات النفس إذا أدركنا معانيها والغوص في قوة تأثيرها، لأنه يستحيل على أي شخص بمفرده أن يؤلّف صلاة بهذا الرونق والبهاء من الكلمات والألحان، ولكن الصلوات الطقسية تعبّر عن تعبير الجماعة في الكنيسة، لذلك لها قدسيه جعلت لها أفضلية على أيّة صلوات أخرى.

لكن الصلوات الطقسية لا تغلق الطريق أمام الصلوات الفردية بل تعتمد عليها، سواء بعبارات من الصلوات الطقسية أو عبارات من احتياجاتنا الروحية أو الشخصية أو العملية. فكلها مفروض أن تخرج من القلب والإحساسات الداخلية، إذ تعبر عن حب الإنسان لله بكامل حريته وفقًا لظروفة الخاصة، فقد تكون دعاء أو مناجاة قلبية بدون كلمات «أنّات لا يُنطق بها» (رو8: 26). وهذه خبرة القديسين وسر قوة صلواتهم، أنها صلوات قلبيه قوية مسموعة، بل هي سر قوتهم ونصرتهم على عدو الخير. بل هي دليل الإخلاص القلبي والود الحقيقي بين الإنسان والله كعروس للمسيح. فصراحة الحديث وصدق التعبير وقوة التأثير ودوام فيض المشاعر بلا توقف... الخ.

كل ذلك يجعل من الصلاة القلبية التلقائية المعبّرة مطلوبة ومرغوبة من الله، وملجأ للإنسان يلجأ إليه في كل مراحل عمره وفي كل ظروفه واحتياجاته. هكذا ينبغي أن تكون روح الألفة بيننا وبين خالقنا الحبيب بأن نخاطبه بكلمات نختارها من تلقاء النفس، معبّرة عن حريتنا في حب الله. وبالتالي نفتح آذاننا الداخلية لنسمع ما يريده الله أن يقوله لنا بروحه القدوس الساكن فينا.

لذلك يجب على مَنْ يمارس هذه الصلاة الفردية (القلبية) أن يهرعوا إليها في دالة وألفة وباجتماع سري متواضع مع مخلصهم، غير مهملين ولا مقلِّلين في الوقت نفسه من قدر الصلوات الجماعية أو الطقسية في الكنيسة. بل يمارسون هذه الصلوات الطقسية بطريقة قلبية داخلية عميقة.

نتائج هذه الصلاة:

+ تستطيع مقاومة تيارات ونوازع الخطية بمقاومة فعّالة ومؤثرة ومثمرة. فقد يمارس الإنسان صلوات طقسية من فمه فقط بدون فهم ولا وعي، وهو في الخطية يعيش ويتمرغ في حمأة الخطية، ولا يتأثر بالصلوات الطقسية لأنها لا تعبِّر عن إحساساته الداخلية، بل يشعر أنها مجرد ترديدات وتلاوات لا تمثل توجّهه الداخلي.

ولا شك أن الاعتياد على الخطية لا يأتلف زمنًا طويلًا مع ممارسة الصلاة القلبية، ولكن ممكن أن يجمع الإنسان بين الخطية والصلوات الطقسية من الفم فقط، لماذا لا يحدث هذا مع الصلاة الفردية التي من القلب؟!! لأن الإنسان في هذه الحالة لا مفر أمامه من أحد أمرين:

الأول: أن الخاطئ الذي لا يريد ترك خطيئته يجد نفسه في حاله مزعجة بتفرُّسه في كل يوم بوجه ربه الذي يناجيه، لأنه يحتك به احتكاكًا شخصيًا تغلب عليه الدالة والألفة، ففي هذه الحالة يُفضِّل الانفصال وقطع هذه الصلة، فيترك الصلاة الفردية ويهجرها لأن ممارستها تصبح عبئًا ثقيلًا عليه.

والثاني: هو أن الألم الكاوي الذي يرافق اتصال الخاطئ بقداسه الله المحرقة (في الصلاة التلقائية بكامل حريته)، يجعل هذا الخاطئ يهرب من خطيئته ويفر بعيدًا منها بقوة، كما يفر الإنسان من عقرب سام أو أفعى قاتلة.

وفي كلتا الحالتين فإن الصلاة الفردية تكون مهمتها التأثير الحاد جدًا، فيقذف الخاطئ بخطيئته ويلفظها أو يترك الصلاة لأنها تكويه وتؤثر في مشاعره. المهم أنه سيهرب من الميدان أحد الاثنين: إمّا الخطية أو الصلاة. لابد أن تختفي إحداهما من الميدان. وبالعكس فأنه من السهل أن يشترك في صلاة جماعية وهو محتفظ بخطيئته ومشاعره متبلّدة تجاه الخطية وتجاه الله، فتستمر الخطية في حياته...




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx