اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
السنة السابعة والأربعون29 نوفمبر 2019 - 19 هاتور 1736 ش     العدد كـــ PDFالعدد 45-46

اخر عدد

المعرفة والمكتبة

قداسة البابا تواضروس الثانى

29 نوفمبر 2019 - 19 هاتور 1736 ش

هكذا الوصية في الكتاب المقدس «قد هلك شعبي من عدم المعرفة» (سفر هوشع4: 6)، وهي وصية واضحة جدًا في ضرورة توفير المعرفة لكل جيل وفي كل زمن. ومن هنا اُعتُبِرت المكتبة - أيّة مكتبة - هي المصدر الرئيسي للمعرفة، حتى قيل: "إن بيتًا بلا مكتبة، جسد بلا روح". وقد أنعم علينا المسيح خلال هذا الشهر بافتتاح المكتبة البابوية المركزية في المقر البابوي في دير الأنبا بيشوي بوادي النطرون، وقد اشتركنا والأحبار الأجلاء أعضاء المجمع المقدس في الافتتاح يوم 19/11/2019م، فى احتفالية مبهجة لتأسيس هذا الصرح الكبير، والذي سيكون له أثر فى تحصيل المعرفة ودراستها. ولنا إجابة على بعض الأسئلة التي أُثيرت ومنها:

1) المكتبة تمثل أحد أركان المنظومة التعليمية في كنيستنا، وقد أشرنا لذلك في افتتاحية مجلة الكرازة، العدد 35، 36 بتاريخ 20/9/2019.

2) سُمِّيت "البابوية" لأنها ستحظى بالإشراف المباشر من البابا البطريرك، لتكون بمثابة مركز للبحث والدراسة والتفكير.

3) سُمِّيت "المركزية" لأنها ستكون الوعاء الرئيسي للمعرفة، بجوار عدد كبير من مكتبات الأديرة والكنائس والمراكز الأخرى.

4) قام بتصميم المكتبة أحد المهندسين المصريين المعماريين الشباب، وقد استخدمنا الطراز المعماري اليوناني والذي كان سائدًا وقت تجسد السيد المسيح، ولا ننسى أن العهد الجديد قد كُتِب باللغة اليونانية.

5) قام بتنفيذ المكتبة مهندسون إنشائيون هم اصلًا خدام بالكنيسة وشمامسة، وقد اهتموا بكل صغيرة وكبيرة في كل التفاصيل، حتى تكون في أجمل أيقونة مفرحة لكل من يزورها. وقد أُنشِئت في البرية حيث الهدوء وروح العبادة والجو المناسب للبحث والدراسة.

6) قامت المكتبة على تبرُّعات الكنائس والأديرة والإيبارشيات في مصر وخارج مصر، وبأموال الأقباط المحبّين للمعرفة، وسوف يستمر تقديم الدعم المالي من أموال وتبرعات الأقباط.

7) قام كثير من الأقباط بتقديم كتب كثيرة قديمة وجديدة، كما قام عدد من شبابنا خارج مصر بتقديم كتب وموسوعات بلغات متعددة، كإهداء للمكتبة. ومازالت المكتبة تستقبل إهداءات الكتب من الجميع.

8) قام بعض الأحبار الآجلاء بإهداء أجهزة تساعد في أعمال المكتبة مثل scanners، laptops، smart video projectors، وغيرها...

9) تم الإستعانة بخبرات الأديرة في إدارة المكتبات مثل دير البرموس، دير أبو مقار، ودير مارمينا العجايبي بمريوط.

10) سوف يتم تكوين مجلس للأمناء ومجلس إدارة للمكتبة تحت رئاسة البابا البطريرك، حتى تقوم بأداء مهامها بأفضل صورة.

إن الكنيسة القبطية الارثوذكسية، وهي أقدم كيان شعبي على أرض مصر حيث تأسست في القرن الأول الميلادي على يد القديس مار مرقس الرسول الطاهر والشهيد، والذي نال الشهادة على أرض مدينة الإسكندرية بعدما كرز بالمسيح وأسّس مدرسة الإسكندرية اللاهوتية.

والكنيسة القبطية كنيسة شعبية، ولم تكن كنيسة الملك أو الإمبراطور، وقد اندمجت مع الشعب في كل آلامه وأفراحه وثقافاته ولغته.

كما أنها صارت عبر العصور خزانة أسرار الحضارة المصرية من آداب وعمارة ولغة وفنون وغيرها.

والاهتمام بالحضارة المصرية الغنية يمتد من العصور الفرعونية إلى العصور المسيحية إلى العصور الإسلامية. وقد اهتمت جامعات كثيرة في العالم بهذه الحضارة في كل مراحلها، ومن هنا كان تأسيس المكتبة البابوية المركزية لخدمة الأنشطة المعرفية والأكاديمية والدراسية، خاصة بالحقبة القبطية التي تزدان بها مصر وسط كل حقبات التاريخ. وقد أُنشِئت المكتبة في مهد الرهبنة الذي يعود إلى القرن الرابع الميلادي، وفي جو جاف (الصحراء) لتحفظ ما يوجد داخل المكتبة من كتب تراثية وحديثة وأوراق بحثية متنوعة. وبذلك توفِّر المكتبة مساحة أكاديمية تهيّئ البيئة القبطية التراثية للدراسة والقراءة والبحث لكل المهتمين في القبطيات.

وسوف تعمل المكتبة على رفع الوعي المجتمعي بالحقبة القبطية كونها جزءًا أصيلًا من مكوِّنات وطننا الحبيب مصر، ومن وجدانه الحضاري وتراثه الفكري. كما ستكون مركزًا للتعاون مع جامعات مصرية وغير مصرية وهيئات أكاديمية في دعم الباحثين محليًا وعالميًا اتّباعًا لنموذج مكتبة معهد الآباء الدومينيكان للدراسات الشرقية بالقاهرة.

نأمل أن تكون المكتبة نموذجًا لكيان مصري عربي ناجح ورائد على التفاعل مع مجتمع المعلومات الحديث يخدم الكليات اللاهوتية في كنيستنا داخل وخارج مصر وكذلك معاهدنا الدراسية.

إننا نشكر الله كثيرًا الذي أفرحنا بهذه المكتبة بعد جهد متواصل حوالي ثلاث سنوات رغم العقبات والصعوبات التي صادفتنا، ولكن الله أكمل العمل بأكثر مما كنا نظن وبأفضل مما كنا نتصور... وسوف تفتح المكتبة أبوابها قريبًا في زيارات للتعرُّف على إمكانياتها ومحتوياتها.

ومازالت الوصية قائمة في آخر اسفار الكتاب المقدس «طوبى للذي يقرأ... لأن الوقت قريب» (سفر الرؤيا1: 3).




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx