اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
السنة السابعة والأربعون29 نوفمبر 2019 - 19 هاتور 1736 ش     العدد كـــ PDFالعدد 45-46

اخر عدد

الفرق بين الإيمان والهرطقة

القس إبراهيم القمص عازر

29 نوفمبر 2019 - 19 هاتور 1736 ش

أولًا: الإيمان هو إعلان إلهي، بينما الهرطقة رؤية إنسانية (مشوهة)

وهذا ما أشار إليه الرب يسوع عندما أعلن القديس بطرس عن إجابته للسؤال الشهير «من يقول الناس إني أنا؟». لقد ظنّ القديس بطرس أنه صاحب هذا الاكتشاف الإيماني، فما كان من الرب يسوع إلّا أنه أسرع ليوضح للجميع أنه إعلان وليس اكتشافًا: «طوبَى لكَ ياسِمعانُ بنَ يونا، إنَّ لَحمًا ودَمًا لم يُعلِنْ لكَ، لكن أبي الذي في السماواتِ» (مت16: 13-17). فإيماننا المسيحي عن الله، ليس نتاج أفكار إنسانية، أو محاولات بشرية، ولكن هو إعلان الله عن نفسه. إعلان مصدره الله وحده، ولا علاقة له بالتصورات البشرية. فحقيقة الله في المسيحية، حقيقة إلهية تتجاوز كل التصورات الإنسانية - بما فيها من تشوهات ونقائص - لتعلن لنا صورة الإله الحقيقي. فكلمة اعلان (revelation)، بمعنى يكشف. فالإعلان هو مجرد كشف عن طبيعة الله. كشف لحقيقة الله وطبيعته الأزلية التي لا تتغير.

+بينما الهرطقة رؤية إنسانية مشوهة (الهرطقة هي ابتداع إنساني)

الهرطقة أو البدعة، هي رؤية مختلفة عن الله، واختيار وانتقاء هذه الرؤية بديلًا عن الرؤية الإلهية الكتابية. وبذلك تكون الهرطقة هي اختراع أو ابتداع شيء جديد على غير العادة. والابتداع في الإيمان أمر مرفوض، لأن الإيمان ليس فكرًا بشريًا أو اجتهادًا أنسانيًا. الإيمان ليس ظاهرة بشرية حتى يكتشفها العقل أو يطورها، ولكنه بالحقيقة إعلان إلهي. لذلك يقول معلمنا بولس الرسول عن هؤلاء وعن مصادر تعاليمهم، إنها شهوات (أفكار) خاصة نابعة من عقل الإنسان (2تي 3:4-4). لذلك لا تنطلق مسرتنا في الحديث الله وعلاقته بنا من عقل الإنسان، أو قدرته أو فلسفته، ولكن ممًا يقوله الله عن نفسه.

ثانيًا: يتميز الإيمان بالإجماع الكنسي، بينما الهرطقة هي رأي فردي

الإيمان السليم أو الصحيح يتميز بالإجماع الكنسي أو التقليد الرسولي، فالإيمان هو إيمان الكنيسة كلها، وليس إيمان فرد أو شخص. فهو الإيمان الذي تسلمته الكنيسة (آباؤنا الرسل) من رأسها أي الرب يسوع، ثم أودعته في في التاريخ الكنسي بشهادة جماعية على مر التاريخ، فالإيمان هو ميراث كنسي بشهادة الجماعة الكنسية.

بينما الهرطقة هي رأي فردي: إذا كان الإيمان هو صوت الجماعة الكنسية، فالهرطقة هي رأي فردي، هي استحسان شخصي. بينما الإنسان المسيحي الحقيقي الذي يشعر أنه عضو في الجسد، يسلك كباقي الجسد ويفكر كرأس الجسد «أما نحن فلنا فكر المسيح» (1كو2: 16)، ويكون حريصًا ألّا يخرج عن إجماع الفكر الكنسي والتقليد الرسولي، ويبرهن على صدق عضويته بطاعته، وتوافق فكره الخاص مع فكر المسيح.

3- الإيمان يصبّ في عبادة الكنيسة، بينما تتعارض الهرطقة مع الممارسة الكنسية (الليتورجية)

تتعارض الهرطقة مع الممارسة الكنسية (الليتورجيا الكنسية)، لأن الليتورجيا هي التعبير عن العقيدة. العبادة هي الوجة الآخر للعقيدة، الليتورجيا هي اختبار العقيدة، الليتورجيا هي العقيدة معاشة ومختبرة. وكل عقيدة تصب في ليتورجيا الكنيسة بصيغات وتعبيرات إيمانية، وتنتهي إلى عبادة حيّة وخبرة معاشة واتحاد حقيقي. لذلك كل كلمات الصلوات الليتورجية، سواء القداس الإلهي، أو التسبحة السنوية، أو الخدمات الكنسية لأسرار الكنيسة السبعة، وخدمات غير هذه الأسرار السبعة مثل قداس اللقان وقداس تقديس الزيت وطقس السجدة وغيرها؛ تحوي تسجيلًا دقيقًا للتعليم الروحي والتحديد العقائدي والكنسي للإيمان المسيحي. ولذلك كانت الليتورجيا وستظل، إحدى وسائل الدفاع عن الإيمان.

إذًا الإيمان المسيحي هو إعلان إلهي (الكتاب المقدس)، استودع في الكنيسة بشهادة آبائية على مر التاريخ (التقليد)، اختبرته الكنيسة في عبادتها (الليتورجيا).




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx