اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
السنة السابعة والأربعون13 ديسمبر 2019 - 3 كيهك 1736 ش     العدد كـــ PDFالعدد 47-48

اخر عدد

الاستقامة والتجديد

قداسة البابا تواضروس الثانى

13 ديسمبر 2019 - 3 كيهك 1736 ش

عزيزي القارئ

نحن على مشارف نهاية العام والذي نودعه بحلوه ومُرّه، ونستعد لاستقبال العام الجديد 2020، وهو يعني أننا ننهي خُمس القرن الـ21.. هكذا بسرعة مرت الأيام، وغالبًا في مراجعة النفس نجد أننا ابتعدنا عن الاستقامة في الكلام والعلاقات والمواقف، وكثيرًا ما خانتنا إرادتنا وسقطنا في ضعفات وسهوات وخطايا صنعناها بإرادتنا أو بغير إرادتنا، بمعرفة أو بغير معرفة، في الخفاء أو في العلن. ومن جانب آخر تعرّضنا للملل والضجر والزهق وغير ذلك من الأفعال التي تصيبنا عندما يغيب التجديد من حياتنا.

والعجب أننا نردد مزمور التوبة مرات عديدة كل يوم، سواء في الكنيسة أو في البيت أو أي مكان آخر.. والأعجب أننا نرى أن هذه التوبة تدور في محوريْ الاستقامة والتجديد من خلال الآية: «قَلْبًا نَقِيًّا اخْلُقْ فِيَّ يَا اَللهُ، وَرُوحًا مُسْتَقِيمًا جَدِّده فِي أَحْشَائِي...»

بمعنى أن القلب النقي الذي ننشده يحوي الروح المستقيم ومسيرة التجديد الداخلي.

أنت تحتاج عزيزي القارئ إلى ذلك الروح المستقيم الذي يعمل في كل أفعال الحياة.. والاستقامة في أبسط معانيها هي أن تبعد عن أي انحراف أو اعوجاج أو سوء النيّة، ولا تخدع نفسك ولا تبرّرها، واكتشف الزيف الذي في داخلك.. ومن أشهر مظاهر عدم الاستقامة هو الكذب بكل أشكاله وأنواعه ومبرراته.. كما أن الاستماع للشائعات والأخبار الكاذبة وترويجها شكل من أشكال عدم الاستقامة.

على الجانب الآخر هناك تجديد مسيرة الحياة: «وَرُوحًا مُسْتَقِيمًا جَدِّده فِي أَحْشَائِي»، ويمكن أن نضع خمسة مجالات للتجديد في حياتنا:

1- جدد قلبك بالتوبة.. فما أروع القلب الذي يتجدد بالحقيقة وينقّي داخله من الأمور التي تحرمنا من التفكير في السماويات وفي نصيبنا في الملكوت.. عزيزي: أنت تحتاج جلسة أو أكثر مع نفسك لتراجع مبادئك وتفحص ذاتك وتحدد ضعفات القلب.. احذر من تبرير ذاتك وأعلم أن لك نفسًا واحدة، فإن خسرتها خسرت كل الأشياء، وماذا ينتفع الإنسان على الأرض إن ربح كل شيء واستحوذ على كل شيء وخسر نفسه؟

2- جدد فكرك بالقراءة والدراسة والمعرفة: العالم يتطور بسرعة مذهلة، والتكنولوجيا صارت تلهث وراء الإنسان في كل يوم.. تحتاج أن تجدد عقلك ولا تكتفي بما عرفته أو درسته أو قرأته.. بجوار القراءات الإنجيلية والروحية اليومية، حاول أن تقرأ في المجالات الإنسانية الخصبة، وفي التدبير والتنمية، وفي تحديث كلامك وأحاديثك سواء في حدود الأسرة والعمل أو باتساع الصداقات والزمالات. والكتاب يوصينا «تَغَيَّرُوا عَنْ شَكْلِكُمْ بِتَجْدِيدِ أَذْهَانِكُمْ» (رومية 12)، تجديد الذهن وصية إنجيلية وضرورة حياتية.

3- جدد علاقاتك بالمحبة والود والتعاطف.. عندما تفحص ذاتك ربما تجد أنك أهملت علاقات مع أقرباء أو أحباء أو أصدقاء.. ربما هناك فتور أو برود أو بُعد.. اِبحث عن هؤلاء وجدد العلاقات بالمحبة الفيّاضة التي لا تسقط أبدًا (1كو13: 8). ربما وقعت في خصومات أو قطيعة مع أحد، وزادت الفجوة بينكما، وصارت الحواجز النفسية والعقلية تفصل محبتكم عن بعضكما.. حتى داخل الأسرة جدد حبك نحو زوجتك (أو زوجك)، ونحو أبنائكم وإخوتك.

4- جدد خدمتك ومسئولياتك بالتطوير والإبداع: لقد صارت أساليب الخدمة -بصورة عامة وعلى كل المستويات- في احتياج بالغ للتجديد والتنمية والإضافة والتحسين، وتحتاج الخدمة أن تكون كاملة وشاملة ومبهرة ومتجددة حتى تجد طريقها إلى نفوس وعقول أبنائنا. من الأمثلة المحبطة "اللي نعرفه أحسن من اللي ما نعرفوش" ومثال آخر: "اللي نبات فيه نصبح فيه"، هذه الأمثلة وغيرها تعوق خدمتنا وتصيبها في مقتل. تذكر معي ما قاله بولس الرسول في وصيته لتلميذه تيموثاوس «.. تَمِّمْ خِدْمَتَكَ» (2تيمو 4).

5- جدد صحتك وجسدك بالمشي: لقد اعتبرت الأبحاث الصحية أن أخطر اختراع على حياة الإنسان هو "الكرسي" والذي أصاب الإنسان بقلة الحركة مما أثر على الدورة الدمورية والسمنة والمفاصل وضغط الدم والسكر.. وغيرها... من فضلك اِمشِ كل يوم 2 كيلو مترًا، واستخدم أيّة وسيلة لذلك سواء طبيعية أو آلية.. وكما يقولون: "الحركة بركة". لا تهمل في هذا الواجب، وتخلّى قليلاً عن استخدام السيارة أو وسيلة النقل، والجلوس كثيرًا سواء بالمنزل أو العمل أو الكنيسة أو أثناء الفسحة... صحتك رأسمالك.. اهتم بها وعلَّم الآخرين وشجعهم على نفس الاهتمام.

«قَلْبًا نَقِيًّا اخْلُقْ فِيَّ يَا اَللهُ، وَرُوحًا مُسْتَقِيمًا جَدِّده فِي أَحْشَائِي»




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx