اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
السنة السابعة والأربعون13 ديسمبر 2019 - 3 كيهك 1736 ش     العدد كـــ PDFالعدد 47-48

اخر عدد

الصوم كعلاج

نيافة الأنبا بنيامين أسقف المنوفية

13 ديسمبر 2019 - 3 كيهك 1736 ش

تكلمنا كثيرًا عن الصوم وكيف أنه تعبير عن محبة الله، وهو الدليل الذي طلبه الله من آدم وحواء إذ أَوْصَى الرَّبُّ الإِلهُ آدَمَ قَائِلًا: «مِنْ جَمِيعِ شَجَرِ الْجَنَّةِ تَأْكُلُ أَكْلًا، وأمّا شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها لأنك يوم تأكل منها موتًا تموت» (تك2: 16-17).. ولكن الصوم يُعتبر علاجًا لخطايا عديدة وخطيرة، نحاول الحديث عنها لكي نُشفى منها بالصوم.

محبة الذات: وهي سبب كل الخطايا، فكلما يتمركز الإنسان حول ذاته كلما يقع في هذه الخطايا مثل الصدام مع الآخرين: لذلك دَعَا الرب يسوع الْجَمْعَ مَعَ تَلاَمِيذِهِ وَقَالَ لَهُمْ: «مَنْ أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعْنِي» (مر8: 34)، وهذا يكشف عن أن محبة الذات ضد حمل الصليب. وأوصانا الرب أيضًا أن نحب الله من كل القلب والنفس والفكر والقدرة، ونحب القريب كأنفسنا، ومن هنا كان الصوم هو نوع من الجهاد ضد الذات للانتصار عليها، فيدخل في فضائل عديدة وهامة، مثل ما يحدث في الغضب: إذ يغضب الإنسان المحب لذاته وكرامته إذا جرح أحد كرامته أو مَسَّهَا من بعيد، ويريد الانتقام ممن يفعل ذلك، وكلما اشتد الغضب اشتد الخصام والانتقام. ومثل البخل أو الشُح: فالذي يحب ذاته يكون أنانيًا يبخل بكل شيء ولا يعطي بل يحب الأخذ.. فالشاب الغني حين طلب الرب يسوع منه أن يبيع ما له ويتبع السيد الرب، مضى حزينًا لأنه كان ذا أموال كثيرة، إذ يميل الأناني إلى الاستحواذ والتجميع لحسابه دون آخر مهما كان هذا الآخر. وكذلك حب العظمة والكبرياء: إذ يريد أن يكبر ولو على حساب غيره ليسود على الجميع بلا استثناء، والعظمة والكبرياء تجعله يحتقر الآخرين ولا يسمع لأحد، بل يخالف ولا يطيع ولا يخضع لأحد. ومن محبة الذات يخرج الزنى أيضًا: بمعنى حب الشهوات الجسدية وحب التلذذ بطريقة تؤذي الروح وتجعل الجسد يتمرد برغباته الشريرة، مما يجعله ينغمس في النجاسة ويعتدي على أجساد أخرى كتعبير عن الشهوات الدفينة والعميقة في قلبه وفكره ونفسه.. ومن يحب ذاته يقع في محبة الامتلاك: ومن هنا يأتي الجشع والسرقة وأخذ ما لا يحق له أخذه، فكل اللصوص محبون لذواتهم، ويتسبّبون في مشاكل كثيرة كنتيجة لأخذ ما لا يخصهم من خير. وينتج أيضًا عن محبة الذات الغيرة والحسد والتنافس الدنيء غير الشريف، مما يجعل الأناني يحب أن يرتفع على حساب غيره ويحقق أحلام اليقظة الخاطئة لأنه عاجز عن النجاح الحقيقي. وحب الذات من أمراض الطفولة: إذ الطفل يحب أن يُدَلَّل أنه وحده دون آخر، لكن كلما ينضج يُشفى بالصوم. ومن أسباب الاعتداء على الآخرين تسلط الذات على صاحبها مما يجعله عدوانيًا في أمور كثيرة.

كل هذه الأمراض الروحية وأكثر منها يُعالج بالصوم الذي يساعد على إنكار الذات، ومن ثَمَّ يدخل في بذل الذات، ويصل إلى محبة الله والبذل والتضحية لأجله، فيتخلص من كل هذه المظاهر التي تتسبب فيها محبة الذات.. لا شك أن الجوع والعطش في الصوم والميطانيات في الصلاة وحب العطاء للفقراء والمحتاجين المرتبطة بالصوم، لذا يقول المتنيح البابا شنوده الثالث: "إذا لم تجد ما تقدمه لهؤلاء - ويقصد الفقراء - فَصُمْ وأعطهم طعامك"، وهذا يربط الصوم بالعطاء والمحبة الباذلة التي تفضّل الآخر على الذات، وتقدم المثل والقدوة لكل العلاجات للضعفات الكثيرة..

من هنا نجد أن الصوم له فؤاد عديدة إيجابية وعلاجية أيضًا لسلبيات عديدة...




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx