اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
السنة السابعة والأربعون27 ديسمبر 2019 - 14 كيهك 1736 ش     العدد كـــ PDFالعدد 49-50

اخر عدد

نهاية.. واستنارة

الأنبا تكلا - اسقف دشنا

27 ديسمبر 2019 - 14 كيهك 1736 ش

ونحن نودع عام 2019، يطيب لنا أن نتأمل في تلك النهاية لتستنير عقولنا ونعرف كيف نسلك في عام جديد، نرجو أن يكون متغيرًا في كل شيء لا في الأرقام فقط، بل وفي السلوك والتصرفات والحياة كلها.

(1) في النهاية محبة إلهية: إنها محبة من الله أن يعطينا عدة نهايات لكي لا نُفاجَأ بنهايتنا المحتومة. فيعطينا الله نهاية لكل ثانية ودقيقة وساعة ويوم وشهر وسنة. نهاية السنة من عمرك ونهاية السنة من عمر الأرض. كل هذه النهايات تحذرنا وتنبهنا وتنير عقولنا من ظلمات الجهل والنسيان. وتجعلنا نقف مع أنفسنا ونحاسبها ونعرف مدى استعدادنا لهذه النهاية الموضوعة لكل البشر «وُضِع للناس أن يموتوا مرة ثم بعد ذلك الدينونة» (عب9: 27). لذلك ليتنا ننتبه عند كل نهاية لشخص أو لشيء.

(2) في النهاية حكمة: وهذه الحكمة تقول "إن لكل بداية نهاية". فالأرض وما عليها ستفنى وتنتهي.. لذلك فلا يغرّنا العالم وما فيه من مال أو جمال أو قوة أو ممتلكات. فإن لم نتركه سيتركنا، ولا بد من النهاية.. لذلك علينا أن نستغل هذه الأشياء كوسائل في عمل الخير وخدمته لا عمل الشر ومساعدته. فمن يزرع خيرًا لا بد أن يجني خيرًا في حياته أو حتى بعد مماته. وكما يقول الكتاب المقدس: «الذي يزرعه الإنسان إياه يحصد أيضًا» (غل6: 7). والعجيب أن هذه الحكمة قد تكون مفرحة للبعض ومحزنة للبعض.. فقد تكون مفرحة للمرضى والحزانى والمتألمين، ولكنها تكون محزنة للظالمين والأشرار ومن يتسببون في إتعاب وإضرار الناس.

(3) في النهاية معرفة: وهذه المعرفة هي للوقت أنه قصير مهما طال، وأنه سينتهي ولا يمكن إرجاعه. لذلك هذه المعرفة تجعلنا نمسك في الوقت ولا نضيعه، ونستفيد به بكل ما يمكن الاستفادة. فلا نهدر الوقت بلا فائدة في لهو وشر أو بلا ثمر.. فمن يقضون الوقت بلا عمل مفيد يخسرون كثيرًا.. ومن يحاولون أن يضيعوا الوقت بلا معنى هم يفقدون عمرهم بلا فائدة. ليتنا نعرف هذا لنستفيد من الوقت. إني دائما أقول إن الذين في الجحيم يتمنون أن يعودوا إلى الأرض ولو للحظة ليقدموا توبة لينجوا من النار والدمار، ولكن هيهات. فلماذا إذًا نضيع الوقت في الخطية والشر؟ ألا نتعلم؟!

(4) في النهاية تغيُّر: ليتنا نستفيد من تغير العام بتغيير السلوك أيضًا.. فالمفروض أن نطوي مع العام المنتهي صفحة من الخطايا والشرور لنبدأ توبة صادقة وحياة مستقيمة.. نطوي صفحة من المشاكل والخصام لنبدأ صفحة جديدة من الصلح والسلام. نطوي صفحة الحقد والكراهية لنبدأ صفحة من الحب والحنان والعطف. نطوي صفحة من الفشل واليأس لنبدأ صفحة من التصميم والإصرار على النجاح، ولنتمسك بالأمل والرجاء.. نطوي صفحة ونغلقها بكل ما فيها لنبدأ صفحة جديدة نكتب فيها ما نريد من جديد.

(5) في النهاية استقامة: لا شك أن إحساس الإنسان بالنهاية يعطيه سلوكًا مختلفًا عن الإنسان الذي ينسى هذه الحقيقة. وكما يقول القديس الأنبا أنطونيوس أبو الرهبان "إن من يضع الموت أمامه كل يوم لا يخطئ أبدًا". فإن كانت البداية سيئة فلنحاول تحسين النهاية، وإن كانت البداية غير مثالية فلنحاول أن نجعلها مثالية. لذلك يركز الكتاب المقدس على النهاية ويقول «نهاية أمر خير من بدايته» (جا7: 8). إحساسك بأن النهاية يمكن أن تكون في أي وقت يجعلك في حالة استعداد دائم وانتباه دائم لئلا تأتي النهاية فجأة فتجدك غير مستعد.. فماذا ستكون النتيجة؟

ولكن مع هذا الإحساس تمسك بالفرح والأمل والرجاء في الغد أنه سيكون أفضل، وفي ذاتك أنك ستحقق ما تتمناه، وفي الله القادر على كل شيء والقادر على منحك الفرح الدائم الأبدي.

آمين يا رب سامحنا على ما فعلناه في هذا العام المنقضي، واجعل هذا العام الجديد عامًا مباركًا ومفرحًا للجميع.




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx