اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
السنة السابعة والأربعون27 ديسمبر 2019 - 14 كيهك 1736 ش     العدد كـــ PDFالعدد 49-50

اخر عدد

وَحَاذِينَ أَرْجُلَكُمْ بِاسْتِعْدَادِ إِنْجِيلِ السَّلاَمِ (أف6: 15)

القمص بنيامين المحرقي

27 ديسمبر 2019 - 14 كيهك 1736 ش

حياة المؤمن على الأرض ما هي إلّا رحلة استعداد للأبدية، ففي مجملها حياة توبة. فقد أخفى عنا المسيح إلهنا ساعة مجيئة، لكي ما نكون مستعدين على الدوام «اسْهَرُوا إِذًا لأَنَّكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ مَتَى يَأْتِي رَبُّ الْبَيْتِ أَمَسَاءً أَمْ نِصْفَ اللَّيْلِ أَمْ صِيَاحَ الدِّيكِ أَمْ صَبَاحًا. لِئَلاَّ يَأْتِيَ بَغْتَةً فَيَجِدَكُمْ نِيَامًا» (مر13: 36). وسيأتي الموت فجأة، لذا علينا أن نستعد ولا تغرينا الحياة الأرضية. يقول القديس يوحنا ذهبيّ الفم: ]ليس أضعف من حياة البشر. وأيُّ تعبير يمكن أن نستخدمه للتعبير عن تفاهة هذه الحياة، سيعجز عن إظهار حقيقة هذه التفاهة. فسواء شبَّهتها بالبخار، أو العُشب، أو الحُلم، أو زنابق الحقل، أو بأي اسمٍ كان؛ فهي زائلة وأكثر زوالًا من العدم[.

والكنيسة الملهمة بالروح القدس، تشجع أبناءها على حياة الاستعداد الدائم، وتحول المناسبات والأعياد إلى مناسبة وحثّ على الاستعداد، ومنها صوم الميلاد الذي تعيشه الكنيسة في هذه الأيام:

– صوم الميلاد: الصوم هو فرصة لتركيز اهتمام الإنسان في الروحيات، وتقوية الإرادة لكي نستطيع، حسب ما يوصينا معلمنا القديس بولس الرسول: «اسْلُكُوا بِالرُّوحِ فَلاَ تُكَمِّلُوا شَهْوَةَ الْجَسَدِ» (غلا5: 16). وكما صام موسى النبي أربعين يومًا (خر24: 18)، استعدادًا لكي يتسلم لوحي الشريعة، التي هي كلمة الله، لكي يعرف بنو اسرائيل الله من خلال الوصية المكتوبة. هكذا تصوم الكنيسة صوم الميلاد لكي نؤهل لميلاد الكلمة المتجسد في قلوبنا، وننال معرفة الله الفائقة، فالسيد المسيح بتجسده [أظهر لنا نور الآب وأنعم علينا بمعرفة الروح القدس الحقيقيّةٍ]. فلكي نتمتع وننال بركات التجسد الإلهيّ، لابد أن نستعد بالصوم والتسبيح ولا سيما ترتيب التسابيح في شهر كيهك، وهو معروف بصلواته وطقوسه وألحانه وتسابيحه، التي يُطلق عليها "سبعة وأربعة" وذلك إشارة إلى: سبع ثيؤطوكيات (وهي مدائح وتطويبات خاصة بالسيدة العذراء مريم) وأربعة هوسات (والهوس كلمة قبطية معناها تسبحة).

صوم الميلاد معروف عند جميع الكنائس التقليدية، مع اختلاف مدته. ففي الكنيسة القبطية مدته 43 يومًا، ترجع إلى الأربعين يومًا التي صامها موسى النبى، كي يتسلم الشريعة، مضاف إليها الثلاثة أيام التي صامها الأنبا ابرآم بن زرعة السريانيّ (975-978)، البطريرك 62 من بطاركة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وصام معه الشعب القبطيّ قبل معجزة نقل جبل المقطم، فصار صوم الميلاد في الكنيسة القبطية 43 يومًا.

ونحن نعيش صوم الميلاد، لابد أن نضع في أذهاننا – كما تأمل القديس أغسطينوس - أن رقم 40 يُشير إلى كمال حياتنا الأرضيّة، لذا يليق بالمؤمن أن يقضي كل أيام حياته وهو [على جبل الله، أي في شريعة الله ووصاياه، يتأمل مجد الرب وينعم باللقاء معه وجهًا لوجه. وكما صام موسى الأربعين يومًا هكذا يعيش المؤمن الحقيقي في حياة الزهد كل أيام غربته، ليس من أجل الزهد في ذاته إنما لأجل ارتفاع قلبه لحياة الشركة مع الله].

– البرامون: وهو استعداد (بصوم فوق العادة) للعيد. أي السهر والتيقظ والاستعداد الروحي للعيد، وهو خاص بعيدي الميلاد والغطاس. وقد أمر الآباء الرسل أن يُصام يوم البرامون إلى المساء ولا يؤكل فيه سمك. وفي قداس البرامون تُصلى صلاة السواعي حتى الساعة الثانية عشرة (أو الستار في الأديرة)، ويُصلى بالطقس السنوي. ففى برامون عيد الميلاد الاستعداد لنوال بركات تجسد الكلمة الأزليّ مخلص العالم، وفي برامون الغطاس الاستعداد لاستقبال إستعلان الثالوث القدوس.

يصام البرامون يومًا واحدًا إذا جاء العيد (الميلاد أو الغطاس) يوم سبت. بينما إذا جاء العيد يوم الأحد؛ يكون البرامون يومين هما الجمعة والسبت وذلك لأن السبت لا يُصام إنقطاعيًا. وإذا جاء العيد يوم الاثنين فالبرامون يُصام ثلاثة أيام الجمعة والسبت والأحد؛ لأن السبت والأحد لا يُصام فيهما الصوم انقطاعُا إلى المساء.

وبهذه الأصوام والمصحوبة بالصلوات وأعمال التوبة نستطيع أن نهيئ نفوسنا «بِاسْتِعْدَادِ إِنْجِيلِ السَّلاَمِ» (أف6: 15) ونستقبل مولود المذود.




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx