اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
السنة 4817 يناير 2020 - 8 طوبه 1736 ش     العدد كـــ PDFالعدد 1-2

اخر عدد

ميلاد المسيح المخلص

نيافة الأنبا باخوميوس مطران البحيرة ومطروح وشمال أفريقيا

17 يناير 2020 - 8 طوبه 1736 ش

مع حلول عيد الميلاد المجيد نتذكر دائمًا قصة سقوط الإنسان الأول، آدم أب كل البشرية، وخطيته التي كانت مُوجَّهة ضد الله الغير محدود، وسقوط الإنسان تحت عقوبة الموت وفساد طبيعته المخلوقة على صورة الله. كما نتذكر أيضًا محبة الله الفائقة للإنسان، وكيف أنه لم يشأ أن يهلك الإنسان، بل قد وعد أبانا آدم وزوجته حواء أنه سيخلّص الإنسان بأن يسحق نسل المرأة رأس الحية.

لم يكن ممكنًا أن تنتهي قضية مخالفة الإنسان الأول بموت الإنسان، فهلاك الإنسان يكون ضد صلاح الله ورحمته. كما لم يكن ممكنًا أن تنتهي القضية بغفران الله الكامل للإنسان، فالغفران دون تنفيذ العقوبة هو ضد عدل الله. وكان الحل الوحيد لمخالفة آدم هو أن يحمل آخر عقوبة الموت عن الإنسان.. ولكن مَنْ هو الشخص الذي يمكنه أن يحمل عقوبة الموت عن الإنسان؟ ففي هذا الشحص لابد أن تتوفّر شروط ثلاثة:

1. أن يكون هذا الشخص بلا خطية وغير محتاج للخلاص، لكي يستطيع أن يخلص من هم تحت عقوبة الموت.

2. أن يكون غير محدود، لكي يفدينا من عقوبة خطية اُرتُكبت في حق الله الغير محدود.

3. أن يكون هذا الشخص قادرًا على الخلقة، لكي يستطيع أن يقدم ذاته للموت بإرادته، وأن يكون قادرًا أن يحيينا معه مرة أخرى.

وهذه الصفات الثلاث لا يمكن أن تتوفّر في إنسان بشري عادي، فهي صفات فوق الطبيعة البشرية المحدودة، وليس سوى الله يستطيع أن يخلّص الإنسان ويردّه لرتبته الأولى. فبالله وحده يمكن أن يتحقق وعد الخلاص.. ولكن كيف يمكن للإله الخالق أن يحمل حكم الموت ويموت، فهو غير قابل للموت؟! إلّا أن يتخذ جسدًا به يموت ويحمل فيه عقوبة الموت.

ولكن كيف لله الغير محدود أن يموت؟

وهنا كانت قضية التجسد.. فالله الغير مرئي.. الغير المائت.. كان عليه أن يظهر في الجسد، وبهذا الجسد الإنساني الذي له –جسده الخاص- يخلّص الانسان.. يحمل في هذا الجسد عقوبة الموت.. وبه أيضًا يغلب الموت، فيقوم منتصرًا من الأموات إذ ليس للموت سلطان عليه. ومن هنا فالله عندما وعد آدم أبانا الأول بالخلاص، فإنه قد قَبِل أن يظهر في الهيئة كإنسانـ لكي يخلص الإنسان. وبدأ الله خطته الخلاصية على مدى قرون طويلة.. قصة تحكيها كل أسفار العهد القديم.. فكان الله في قصة العهد القديم يعد البشرية للخلاص من خلال خمسة أمور:

1) النبوات التي تحكي عن شخص المخلص وكل تفاصيل حياته.

2) الأشخاص الرمزيون الذين كانت حياتهم رمزًا لحياة ربنا يسوع المخلص.

3) الأحداث الرمزية مثل حادثة قتل أبكار المصريين وفداء أبكار شعب الله.

4) الوصايا العشر وكانت تمهيدًا للإنسان ليقبل الناموس الجديد الذي سيعلم به المخلص.

5) الشرائع والذبائح، وهي إحدى الطرق التي بها أعد الله ذهن البشرية لقبول المخلص، فالذبائح جميعها تشير لشخص ربنا يسوع المخلص.

تجسد ابن الله:

ومن هنا بدأت قصة الخلاص، إذ تنازل ابن الله الأقنوم الثاني واتخذ لنفسه جسدًا، من سيدتنا وملكتنا كلنا والدة الاله القديسة الطاهرة مريم، وجعله واحدًا مع لاهوته بغير اختلاط ولا امتزاج ولا تغيير.. لكي بهذا الجسد يقبل الموت ويخلص الانسان ويقوم ناقضًا أوجاع الموت.

ففي ملء الزمان ظهر يسوع ابن الله مخلصًا وفاديًا للبشرية، وصار في الهيئة كإنسان كامل، إذ هو كامل في محبته وكامل في عدله. ووُلِد من العذراء مريم بدون زرع بشر.

بالتجسد بدأ الله قصة خلاصنا التي اكتملت بالصليب والقيامة والصعود وإرسال الروح القدس لكيما يسكن فينا نحن المؤمنين. فما دفع الله للتجسد كان محبته العميقة للإنسان وعدله، اللذيي كلّفاه أن يترك عرش مجده ليعيش في العالم كإنسان، ويتألم عنّا في كل حياته وليس على الصليب فقط، بل في ميلاده في مذود حقير، وفي هربه من بطش هيرودس، وفي سفره لأرض مصر، وفي معاناته طوال مدة خدمته الجهارية، وأخيرًا في موته المحيي على الصليب المقدس.

وأمام هذا الحب الذي دفع الله ان يرسل ابنه الوحيد الي العالم من اجل خلاصنا.. ماذا نرد لهذا الإله الذي أحبنا إلّا أن نحفظ وصاياه ونحمل صورته للعالم؟ فالعالم اليوم يبحث عن مخلص.. يبحث عمّن يحمل ذنوبه.. يبحث عن فداء ينقذ البشرية من السقوط في قبضة الشيطان.. وهذه هي رسالتنا: أن نحفظ وصاياه ونحمل اسمه للعالم، لأنه أحبنا.. فتجسد.. وخلصنا.




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx