اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
السنة 4817 يناير 2020 - 8 طوبه 1736 ش     العدد كـــ PDFالعدد 1-2

اخر عدد

إعادة صورة الله للانسان (رؤية تربوية)

دكتور رسمي عبد الملك

17 يناير 2020 - 8 طوبه 1736 ش

جاء السيد المسيح له المجد، مُحدِّدًا الرسالة والهدف لتجسده بكل وضوح: «جئت ليكون لهم حياة أفضل»، جئت لتغيير الإنسان والسمو به كما أردت عندما خلقته "على صورتي"، فلقد خلق الله آدم من تراب فأصبح إنسانًا، ثم خلق حواء من ضلع آدم دون اتحاد جسدي، وبدون آدم.. ووُلِد السيد المسيح من "حواء الجديدة" العذراء مريم، أيضًا بدون زرع بشر، بل حبلت بالروح القدس حبلًا بلا دنس، «والكلمة صار جسدًا، وحل بيننا»، جاء طالبًا أن يسكن في الإنسان، هيكله الذي صنعه، وليصبح مستقرًا لروحه القدوس (روحك القدوس جدِّده في أحشائي). جاء معلنًا أن الناموس بموسى أُعطِي، وأما النعمة والحق فبيسوع المسيح صارا. جاء ليذكّر الإنسان أنه تراب بدون نسمة الله، فجاء يسوع المسيح كإنسان بمنهج عهد جديد، عهد التواضع والبساطة، عموديْ المحبة الحقيقية التي بلا رتوش، التي تبذل نفسها من أجل إنقاذ أحبائها وخلاصهم، «هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية»، "الحياة الأفضل"، لذلك أرانا صورة جديدة في تواضع أصحاب الرسالات الإنسانية عظماء العالم، بصورة مجيئه العجيب:

+ أخلى ذاته بالتواضع آخذًا صورة عبد.

+ اختار عند مولده قرية صغيرة (قرية بيت لحم).

+ اختار فتاة فقيرة بسيطة يتيمة الأبوين.

+ عندما فتش هيرودس عنه اختار الهروب إلى مصر (ولم يظهر قوته العظيمة التي ظهرت بوضوح في العهد القديم عندما أراد أن يعلن نفسه للشعب، عندما شق البحر، وأوقف الشمس في جبعون، فأراهم مجده وعظمته وقوته وسيادته وسلطانه).

+ وقف كخاطئ في طابور الخطأة، وبكل تواضع يطلب من يوحنا المعمدان أن يسمح له أن يتعمّد في نهر الاْردن.

+ رفض أن يبهر بقوته وبالمعجزات إبليس عندما جاء ليجربه.

+ وضع نفسه تحت حكم الإنسان مستسلمًا منذ أن قُبِض عليه، وحوكم، وأُهين، وضُرِب، وصُلِب، ومات.

وهكذا، اختار أن يلتحف بالتواضع، ولنتذوق طعم الحب الاختياري وليس الإجباري، حتى أسلم نفسه لأجلنا، وقيل عنه الحمل المذبوح وليس الأسد القوي.. يا لها من صورة نادرة، بل فريدة، لعظمة الحب.. جاء هذا المولود الوحيد في صورة مولده في تاريخ البشرية كلها منذ خلق الله العالم، جاء إنسانًا ليسمو ويرتفع بالإنسان، ويعيد صياغته كإنسان على صورته مرة أخرى.

إذًا ما الدروس المستفادة بعد أن عاش المسيح بالجسد معنا، وتحمّل كل ما تحمل لخلاص نفوسنا؟ دعنا نفكر معًا:

+ إدراك واعٍ لقيمة النفس البشرية التي جاء المسيح من أجل خلاصها، والتي تساوي قيمتها العالم كله بل أكثر «فماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه؟».

+ أن نطلب من الله مخلص البشرية باسم يسوع المسيح المساندة والمعونة كي نسير في طريق الخلاص الذي جاء من أجله، وأن يمنحنا ذهنًا جديدًا حتى نتغير إلى الأفضل خلال أيام غربتنا على الارض «تغيروا عن شكلكم. بتجديد أذهانكم» (رو١٢).

+ استبدال قلوبنا بقلوب نقية، وأرواح مستقيمة، «قلبًا نقيًا اخلق فيّ يا الله، وروحًا مستقيمًا جدده في أحشائي».

+ أن نهتم ببثّ المحبة والود والتعاطف مع الجميع دون تمييز، فرابح النفوس حكيم، والمحبة لاتسقط أبدًا.

+ «ليكن كل شيء بلياقة وحسب ترتيب» (١كو١٤: ٤٠)، نهتم بوقتنا بإدارة ناجحة، فهو مجموع عمرنا على الأرض، والذي سنقدم عنه حسابًا عن هذه الوكالة.

+ نحترس من فخ الذات إذا لم نسلك بالتواضع، وكل مالنا أنه من فضل قوة الله لا منّا (٢كو٤: ٥).

+ لا ننسى أن تسبح الرب "المحسن إلينا"، لأنه سترنا، وأعاننا، وحفظنا، وقبلنا إليه، وأشفق علينا، وعضدنا، وأتى بِنَا إلى هذه الساعة.

+ نتجنّب بكل حذر الاعوجاج، وسوء النية، وخداع النفس، والنفاق، والكذب بكل أشكاله وأنواعه ومبرراته، وعدم استقامة كلامنا، وتبرير ذواتنا.

وأخيرًا.. تذكر أننا نسعى كسفراء عن المسيح، كأن الله يعظ بِنَا (٢كو٥: ٢٠)، فنسمو بدوافعنا، بحيث نؤكد للبشر جميعًا أننا على صورة الله السامية التي تعلو فوق كل الأحقاد والخصومات، وتذكر أن صورة الله هي الآب المحب فالله محبة.




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx