اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
السنة 4831 يناير 2020 - 22 طوبه 1736 ش     العدد كـــ PDFالعدد 3-4

اخر عدد

الاشياء الصغيرة (1)

نيافة الأنبا باخوميوس مطران البحيرة ومطروح وشمال أفريقيا

31 يناير 2020 - 22 طوبه 1736 ش

يذكر سفر صموئيل الأول في الأصحاح السادس عشر قصة اختيار داود الفتي الصغير ومسحه ملكًا على شعب الرب. وقصة اختيار داود ليكون مسيحًا للرب تحمل معاني هامة في حياتنا، فهذا الصبي المنسي المرفوض يختاره الرب مسيحًا له! وكثيرًا ما نستهين بما هو صغير، لكن نحتاج أن نسأل أنفسنا عن: الصغار، والأحداث الصغيرة، والأشياء الصغيرة، والإمكانيات الصغيرة، ما هو موقعها في حياتنا؟ فإن أهملنا كل ماهو صغير، فإنه إن كان للبنيان فإننا نفقد ما هو للبنيان، وإن كان أمرًا صغيرًا معثرًا فإنه قد يهدم ويخلّف خسائر كثيرة، فيسوع الذي قال «دعوا الأولاد يأتون إليّ» (مت19: 14)، هو الذي حذّر أن مَنْ أعثر أحد هؤلاء الصغار، خير له أن يُربَط عنقه بحجر رحي ويُغرَق في البحر.

والكتاب المقدس مليء بأمثلة لاهتمام الله بالأمور الصغيرة:

1- الصغار: استخدم الله العديد من الشخصيات الصغيرة لمجد اسمه.. فاستخدم صموئيل الطفل الصغير في الهيكل رغم وجود كهنة كثيرين (1صم3). واختار إرميا وهو ولد صغير، وقال له «لا تقل إني ولد» (إر1: 7)، ووعده بوعود مشجّعة لم يمنحها لآخر غيره. وكان يوحنا الحبيب من أصغر التلاميذ، لكنه كان دائمًا قريبًا من قلبه. كما كان مار مرقس كاروز الديار المصرية شابًا صغيرًا وقت أحداث البستان والصليب. ورأى بولس الرسول في تيموثاوس الشاب خادمًا نافعًا (أع16). وقبل الكل، اختار الله فتاة صغيرة هي أمنا العذراء، وائتمنها على سر تجسده وهي لا تزال شابة صغيرة. كما يحكي تاريخ الكنيسة عن أثناسيوس، الشاب الصغير الذي فنّد بدعة آريوس وجاههد من أجل الإيمان، وصار أصغر بطاركة الكرسي المرقسي. كذلك كان الأنبا شنوده، والانبا بيشوي حبيب مخلصنا الصالح، والأنبا ميصائيل السائح، من قديسي الكنيسة الذين بدأوا حياة النسك منذ صغرهم... ومن هذا نتعلم أن نهتم بالصغار في بيوتنا وخدماتنا.

2- الأعداد البسيطة: لم يهتم الله بصغار السن فقط بل أيضًا بالأرقام البسيطة.. فأمر الرب جدعون أن يطلق الـ32000 رجل الذين اختارهم، وخلص الشعب بـ300 رجل فقط (قض7). واستخدم خمسة أرغفة وسمكتين ليشبع الخمسة آلاف. وترك الـ99 خروفًا ليبحث عن واحد ضال (مت18: 12)، وعلّم أن السماء تفرح بخاطئ واحد يتوب أكثر من 99 بارًا (لو15: 7)... فالله يرسل لنا رسالة أن لا نهتم بالأرقام الكبيرة في المال أو البشر أو المؤيدين، بل في عمل نعمته في حياة أولاده.

3- القدرات والإمكانيات الصغيرة: فعلى طول صفحات الكتاب المقدس اختار الله رجالًا بسطاء ليستخدمهم في عمله وخلاصه.. فاختار موسى الذي قال: «لست أنا بصاحب كلام» (خر4: 10). واختار اثني عشر تلميذًا وسبعين رسولًا من البسطاء، ليرسلهم إلى كل المسكونة. وأمر تلاميذه أن يجمعوا من الخمس خبزات والسمكتين الفتات المتبقي، فكان اثنتي عشرة قفة (يو6: 13)... وكأنه يعلمنا أن الخادم لا يجب أن يقيس قدراته بما لديه من إمكانيات أو شعبية، ولكن بمقدار اتضاعه أمام الله فيستخدمه. لذلك فعلى الكنيسة أن تَعْلَم أن سرّ قوتها ليس بما لديها من إمكانيات مادية ولا قدرات بشرية ولا معارف ودرجات علمية، بل سر قوة الكنيسة في أن تحافظ على نقاوة إيمانها ونقاوة مؤمنيها، وبهذا فقط يتحقق مجد الرب، فقوة الكنيسة ليست في أشخاص يخدمونها لكن في أشخاص مرتبطين بالإيمان الصحيح فكرًا وسلوكًا.




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx