اسم المستخدم

 

كلمة المرور

 

    
 
بحث
اللغه
select
السة 4828 فبراير 2020 - 20 امشير 1736 ش     العدد كـــ PDFالعدد 7-8

اخر عدد

ركائز التوبة

نيافة الأنبا بنيامين أسقف المنوفية

28 فبراير 2020 - 20 امشير 1736 ش

التوبة هي يقظة روحية بعد غفلة مع الخطية، والكتاب يخبرنا بذلك حين يقول في: (رو13: 11): «أَنَّهَا الآنَ سَاعَةٌ لِنَسْتَيْقِظَ مِنَ النَّوْمِ، فَإِنَّ خَلاَصَنَا الآنَ أَقْرَبُ مِمَّا كَانَ حِينَ آمَنَّا». وفي اليقظة الروحية رجوع التائب إلى نفسه كما قيل عن الابن الضال «فرجع إلى نفسه وقال: كم من أجير لأبي يفضل عنه الخبز وأنا هنا أهلك جوعًا» (لو15: 17)، وهذا يعني أنه عاد إلى وعيه واستحضر تفكيره إلى قرار صائب يعتمد على إدراك روحي، وهنا يقوم من موت الخطية إلى حياة التوبة (أف2: 5) «ونحن أموات بالخطايا أحيانا مع المسيح، بالنعمة أنتم مُخلَّصون»، وبالتوبة ينتقل من الموت إلى الحياة حسبما قال القديس بولس: «استيقظ أيها النائم وقم من الأموات فيضيء لك المسيح» (أف5: 14).

وركائز التوبة هي:

1- ملكية الله على الإنسان: حتى لا تملك الذات: «توبوا لأنه قد اقترب ملكوت السموات» (مت3: 2). فالتوبة هي نتيجة محبة الله، وبالتالي تنفيذ إرادته في قداسة الإنسان من الداخل، إذ يملك الله البواعث الداخلية وليس مجرد السلوك الخارجي المنضبط ولا المكبوت في الغيظ أو الشهوة أو التمنّي الباطل، وهذا ما أشار إليه القديس بطرس الرسول حين قال: «شركاء الطبيعة الإلهية هاربين من الفساد الذي في العالم» (2بط1: 4)، أيّ التشبُّه بالله في رفض الشر وكراهية الخطية بالهروب من المحاربات الروحية والكثرة من الصلاة.

2- الصلاة: والقديس مار إسحق يقول: "مَنْ يظن أن هناك بابًا للتوبة غير الصلاة فهو مخدوع من الشياطين". وفي الصلاة يرفع الإنسان قلبه كما لو كان يريد أن يعرض ما في قلبه ليراه الله، سواء أفكار أو آمال أو مخاوف أو إيمان أو مشيئات خاصة أو آلام أو شكوى لله من نفسه أو من غيره، مما يفتح القلب للتوبة الحقيقية والقرار القوي، ويظهر من هذا أن التوبة تقوى بالصلاة المملؤة بالحب القلبي لله كمدرسة للتوبة المُجَدِّدة والمضيئة للحياة الحقيقية مع الله، الذي لا يريد موت الخاطئ مثل أن يرجع ويحيا. ويقول القديس موسى الأسود: "الذي يتهاون في عفّة جسده يخجل في صلاته".

3- الصوم: وهو فضيلة روحية وليس مجرد علاقة بالأكل أو الجوع أو العطش، ولكن يسمو الصائم فوق شهوات الطعام لحساب الشبع الروحي، وتقوية الروح لجذب الجسد، فتخلّصه من أثقاله وشهواته ورغباته المادية لينجذب إلى فوق، ليتفق الجسد مع الروح حتى يقضي أوقات روحية حقيقية تؤثر على الفكر والحواس والغرائز، فيتوب عن محبة الماديات وينال من صلاح الله ومحبته، فيبتعد عن كل معطِّل يحول دون نمو الصائم في النعمة والقامة الروحية، والتلذُّذ بالتأملات، والفرح بالمقدسات، بعيدًا عن الملاذ الجسدية المُحرَّمة. وسيظل الصوم وسيلة قوية للتوبة مثلما حدث مع أهل نينوى، والملكة أستير والشعب، ودانيال والثلاثة فتية، وكل الصائمين بقوة للتخلُّص من حب الذات ويسلك في إنكار الذات والسمو بكل الطاقات لحساب الروح للنصرة على شهوات الجسد والغضب وحب الانتقام والكبرياء والانزعاج السريع والعنف... الخ.


  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق  
موضوع التعليق  

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx