اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
السة 4813 مارس 2020 - 4 برمهات 1736 ش     العدد كـــ PDFالعدد 9-10

اخر عدد

الخادم والظاهرة الصوتية!!

الأنبا بيتر أسقف نورث وساوث كارولاينا وكنتاكي والنائب البابوي لولاية فيرجينيا

13 مارس 2020 - 4 برمهات 1736 ش

+ في نهاية القرن العشرين كان يوجد واعظ شهير جدًا في إنجلترا، وكانت الملكة فيكتوريا فخورة به لدرجة أنها أستدعته يومًا وأخبرته بأنها قررت أن تجعله سفيرًا لها أينما ذهب وكلما تكلم ووعظ.. وكانت المفاجأة أن الواعظ رفض، والتعليل أنها قد قلّلت من مكانته ووظيفته، لإنه يعمل لدى ملك الملوك ورب الأرباب، وتريده أن يعمل لديها... وهنا ازدادت الملكة إعجابًا فوق إعجاب، وفخرًا فوق فخر.. من هنا لابد لنا أن نتوقف "برهة" ونسأل أنفسنا: هل نحن كخدام نشعر بعظم وشأن هذه الخدمة المرموقة: أن نعمل لحساب ملك الملوك ونكون سفراء له؟ كما قال معلمنا بولس الرسول: «نسعى كسفراء عن المسيح» (2كو5: 20).

+ لذا نرى أن هذه هي أعظم وظيفة على الأرض، لأن كل الأعمال التي نعملها هي لفناء، ستزول مع ذوبان الجسد في التراب -ولا يعني هذا أننا غير طموحين، وعلينا أن نمكث في: اللا عمل واللا اجتهاد واللا نجاح لكل ما هو أرضي- إنما نحن نعمل هذه ولا نترك تلك، فقط نسلّط الضوء على سمو العمل الروحي ومكانة الخادم في الأرض والسماء. كم يتمنى الكثيرون هذه الخدمة، وأن يُسجَّل اسمهم في سجلات (خدام الله) أو سفراء ملك الملوك.

+ ولعل أكثر ما يميز الخادم الناري هو الامتلاء، لذلك علينا أن نسأل: من هو الخادم الناري؟ من هو نحميا العهد الجديد؟ وكيف يكون؟ ومن يكون؟ وهل اختيارنا للخدمة هو نهاية المطاف ونهاية المشهد، وفي إنتظار التصفيق الحاد باختيارك خادمًا؟ أم إنها البداية لكي أكون إناءً مختارًا نقيًا تقيًا، يدرك حجم المسئولية وضرورة التبعية وماهية الروحانية؟

+ إن الامتلاء هو ما يميزنا كخدام عن المخدومين، لأنه هو القوت الرئيسي الذي تقتات به الخدمة، فبدونه كيف نجد نموًا وقامة واستقامة للفكر والقلب والمشاعر والعمل؟ فلا بد للخادم أن يمتلئ كي يفيض، ويغتني كي يوزّع ويشبع، كي يؤثر.. إن الخطأ عندما نقف عند نقطة البداية: لقد أصبحتُ خادمًا، ولديّ فصل، وعندي مخدومون، والأصابع تشير في اتجاهي (أستاذ فلان وتاسوني فلانة)، وصار الكشكول الذي في يدي هو العَلم الذي يميزني عن الآخرين، لقد صار لي اسم ولقب وشكل وفصل.. ولم أسأل نفسي: ماذا أعددتُ لهذه الوظيفة العظيمة؟ وربما يظن البعض أنه ليس في حاجة للامتلاء، "فأنا خادم لا أحتاج أن آخذ إنما أعطي قصصًا ودرسًا وفصلًا..."

+ لقد أخبرنا الكتاب في (لو4: 1): «أمّا يسوع فرجع من الأردن ممتلئًا من الروح القدس، وكان يُقتاد بالروح في البرية»، ولم تكن هذه هي المرة الوحيدة التي تكلم فيها عن امتلاء المسيح ناسوتيًا، بل قيل أيضًا: «كان يقضي الليل كله في الصلاة، وكان في النهار يعلم» (لو21: 37). كما قيل عن اسطفانوس (أع6: 5)، وبرنابا أيضًا(أع11). كذلك موسى النبي كان له فترات امتلاء في برية مديان عند جبل حوريب (خر3)، وأيضًا إيليا عند نهر كريت في رأس الكرمل (1مل18).

+ لهذا كله لابد للخادم أن تكون له فترات امتلاء، ووقت يقضيه مع الله ومع نفسه ويرى منحنى حياته: هل هو في ارتفاع أم إنه يهوي للهاوية؟ هل هو خادم ملتهب ناري يصيب أهدافه عندما يتكلم وعندما يرشد، أم أنه –فقط- يحدث صوتًا يدوش ويشوّش على الكنيسة والمخدومين، صوت فقط لا يصيب؟

إنه أمر مخيف أن نصير فقط "ظواهر صوتية" تصدّع رأس المخدومين بدلًا من أن نكون لرؤوسهم ومشاعرهم بلسمًا يريحهم ويهدّئهم ويهديهم...


  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx