قد تتعجب من أن السيد المسيح الذي أشار إلى أصغر الحروف العبرية وهو "اليودا"، وهو نفسه باليونانية وبالقبطية أيضًا، حيث قال: «فإنّي الحَقَّ أقولُ لكُمْ: إلَى أنْ تزولَ السماءُ والأرضُ لا يَزولُ حَرفٌ واحِدٌ أو نُقطَةٌ واحِدَةٌ مِنَ النّاموسِ حتَّى يكونَ الكُلُّ» (مت5: 18).. فهذا الحرف هو مجرد خطّ صغير وفوقه نقطة في العبرية، وهو نفسه "اليوتا" باليونانية. ويُذكَر أن "اليودا" هو أول حرف من اسم الله أهية، أو يهوه، فكلمة يشوع في العبرية هي من مقطعين "يهوه شوع" أي الله يخلص، وهي نفسها في الآرامية "يسوع"، وفي اليونانية إيسوس Ιησούς.
وقد كتب إيرنيؤس عن إيسوس ضد الدوستيين أو الخياليين، وهم أحد الجماعات الغنوسية الذين لم يؤمنوا بيسوع الذي ظهر في الجسد، وحيث أن حرف اليوتا هو رقم ١٠ في اليونانية، لذلك فسر القديس إكليمندس الأسكندري تعبير "القيثارة ذات العشرة أوتار" في المزمور ٣٣ على أنها تشير إلى اسم يسوع، بل أن قوانين المراسيم الرسولية تطوِّب الذين آمنوا باليوتا، يقصد إيسوس – يسوع. وقد استخدمه المسيحيون قديمًا -سواء في الشرق والغرب- للدلالة على اسم المخلص يسوع، وتغنوا بهذا الحرف في تسابيحهم، سواء في صلاة يسوع السهمية، والتي أوصى بها القديس أبو مقار أب جبل شيهيت، أو في ثيؤطوكية الأحد عند مدح السيدة العذراء مريم حيث تقول: "سبق أن دلّتنا على الـ"يوتا"، اسم الخلاص الذي ليسوع المسيح".
واستخدموا هذا الحرف في الفن من خلال رسم زخارف وأشكال صلبان بتقاطع الحرفين معًا، وعمل جدائل زخرفية منه، ليكون التأمل في الصليب مستمرًا كاستمرار الجدلة. وكذلك عمل أشكال للصليب به عبارة عن حرفين متقاطعين بشكل حرف X (حرف الكي)، ثم وضع حرف الروR في الوسط، ليكوِّنا اختصارًا سرّيًا لبداية كلمة خريستوس Χριστóς أي المسيح، وهي نفسها بالقبطي. وبحسب تفسير إكليمندس السكندري في كتابه "المتفرقات"، يقول إنه أستخدم حرف اليوتا I وهو رقم 10، بجوار حرف الإيتا وهو رقم 8، وهما الحرفان الأولان من كلمة إيسوس Ιησούς بالقبطية، فيصبح الحرفان معًا هو رقم ١٨، وهو الرقم السري أو الشفرة الدالة على معطي الحياة عند العبرانيين. ويذكر بعض الباحثين أن الدولة الرومانية بعد عهد قسطنطين الملك، قرّرت سن البلوغ عند الرجل يبدأ من سن الـ١٨، رجوعًا إلى إختصار اسم إيسوس IH، وتيمُّنًا باسم يسوع. وحيث أن الرقمين 10 و8 عددا كمال، لذا يُكتَب الحرفين معًا أحيانا بجوار هالة السيد المسيح في الأيقونة، أو وسط الزخارف الفنية المختلفة، لأنه المخلص الوحيد.
