اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
السة 4810 أبريل 2020 - 2 برموده 1736 ش     العدد كـــ PDFالعدد 13-14

اخر عدد

عظة أحد المخلع - عظة الأحد ٢٩ مارس ٢٠٢٠م، مذاعة على القنوات الفضائية المصرية

قداسة البابا تواضروس الثانى

10 أبريل 2020 - 2 برموده 1736 ش

نحتفل في كنيستنا القبطية الأرثوذكسية في هذا الأسبوع بالأحد الخامس في آحاد الصوم المقدس أو الصوم الكبير، وهذا الأسبوع الذي نسمّيه "أحد المخلع"، والمقصود به مريض بيت حسدا. أقرأ معكم نص المعجزة التي صنعها السيد المسيح في مدينة أورشليم، من إنجيل معلمنا مار يوحنا الأصحاح الخامس:

«وَبَعْدَ هذَا كَانَ عِيدٌ لِلْيَهُودِ، فَصَعِدَ يَسُوعُ إِلَى أُورُشَلِيمَ. وَفِي أُورُشَلِيمَ عِنْدَ بَابِ الضَّأْنِ بِرْكَةٌ يُقَالُ لَهَا بِالْعِبْرَانِيَّةِ «بَيْتُ حِسْدَا» لَهَا خَمْسَةُ أَرْوِقَةٍ. فِي هذِهِ كَانَ مُضْطَجِعًا جُمْهُورٌ كَثِيرٌ مِنْ مَرْضَى وَعُمْيٍ وَعُرْجٍ وَعُسْمٍ، يَتَوَقَّعُونَ تَحْرِيكَ الْمَاءِ. لأَنَّ مَلاَكًا كَانَ يَنْزِلُ أَحْيَانًا فِي الْبِرْكَةِ وَيُحَرِّكُ الْمَاءَ. فَمَنْ نَزَلَ أَوَّلاً بَعْدَ تَحْرِيكِ الْمَاءِ كَانَ يَبْرَأُ مِنْ أَيِّ مَرَضٍ اعْتَرَاهُ. وَكَانَ هُنَاكَ إِنْسَانٌ بِهِ مَرَضٌ مُنْذُ ثَمَانٍ وَثَلاَثِينَ سَنَةً. هذَا رَآهُ يَسُوعُ مُضْطَجِعًا، وَعَلِمَ أَنَّ لَهُ زَمَانًا كَثِيرًا، فَقَالَ لَهُ: «أَتُرِيدُ أَنْ تَبْرَأَ؟» أَجَابَهُ الْمَرِيضُ:«يَا سَيِّدُ، لَيْسَ لِي إِنْسَانٌ يُلْقِينِي فِي الْبِرْكَةِ مَتَى تَحَرَّكَ الْمَاءُ. بَلْ بَيْنَمَا أَنَا آتٍ، يَنْزِلُ قُدَّامِي آخَرُ». قَالَ لَهُ يَسُوعُ:«قُمِ. احْمِلْ سَرِيرَكَ وَامْشِ». فَحَالاً بَرِئَ الإِنْسَانُ وَحَمَلَ سَرِيرَهُ وَمَشَى. وَكَانَ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ سَبْتٌ. فَقَالَ الْيَهُودُ لِلَّذِي شُفِيَ:«إِنَّهُ سَبْتٌ لاَ يَحِلُّ لَكَ أَنْ تَحْمِلَ سَرِيرَكَ». أَجَابَهُمْ:«إِنَّ الَّذِي أَبْرَأَنِي هُوَ قَالَ لِي: احْمِلْ سَرِيرَكَ وَامْشِ». فَسَأَلُوهُ:«مَنْ هُوَ الإِنْسَانُ الَّذِي قَالَ لَكَ: احْمِلْ سَرِيرَكَ وَامْشِ؟». أَمَّا الَّذِي شُفِيَ فَلَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ مَنْ هُوَ، لأَنَّ يَسُوعَ اعْتَزَلَ، إِذْ كَانَ فِي الْمَوْضِعِ جَمْعٌ. بَعْدَ ذلِكَ وَجَدَهُ يَسُوعُ فِي الْهَيْكَلِ وَقَالَ لَهُ:«هَا أَنْتَ قَدْ بَرِئْتَ، فَلاَ تُخْطِئْ أَيْضًا، لِئَلاَّ يَكُونَ لَكَ أَشَرُّ». فَمَضَى الإِنْسَانُ وَأَخْبَرَ الْيَهُودَ أَنَّ يَسُوعَ هُوَ الَّذِي أَبْرَأَهُ. وَلِهذَا كَانَ الْيَهُودُ يَطْرُدُونَ يَسُوعَ، وَيَطْلُبُونَ أَنْ يَقْتُلُوهُ، لأَنَّهُ عَمِلَ هذَا فِي سَبْتٍ. فَأَجَابَهُمْ يَسُوعُ:«أَبِي يَعْمَلُ حَتَّى الآنَ وَأَنَا أَعْمَلُ». فَمِنْ أَجْلِ هذَا كَانَ الْيَهُودُ يَطْلُبُونَ أَكْثَرَ أَنْ يَقْتُلُوهُ، لأَنَّهُ لَمْ يَنْقُضِ السَّبْتَ فَقَطْ، بَلْ قَالَ أَيْضًا إِنَّ اللهَ أَبُوهُ، مُعَادِلاً نَفْسَهُ بِاللهِ.» (يوحنا5: 1-18).

هذه إحدى معجزات الشفاء التي صنعها السيد المسيح، نحتفل بها في الأسبوع الخامس من الصوم، وكلنا نعرف أن الصوم الكبير مكون من ثماينة آحاد؛ أحد الكنوز، أحد التجربة، أحد الابن الضال، أحد السامرية، أحد المخلع، أحد المولود أعمى، ثم أحد السعف، وأخيرًا أحد القيامة المجيد. ويأتي أحد المخلع في النصف الثاني من الصوم، وله عمله المعجزي الذي صنعه السيد المسيح مع المريض.

القصة باختصار أنه كانت توجد في ضواحي أورشليم بركة بيت حسدا، وكانت مثل أصابع اليد لها خمسة أروقة، وأروقة أي أرصفة. كان المرضى يُطرَحون على الأروقة منتظرين، بحسب نص الإنجيل، أن يأتي ملاك يحرك هذا الماء، ومن ينزل أولًا يُمنَح الشفاء. ومعنى اسم البركة "بيت حسدا" أي "بيت الرحمة". وكان هناك أنواع من المرضى، وكلنا نعلم أن الطب لم يكن متقدمًا في تلك الأيام، ولكن ما حدث أن هذا المريض المطروح بلا أي معين مدة ٣٨ سنة، وهذا المريض -مع كل هذه المدة- صار بلا أحد.. ورغم أن الوقت كان وقت عيد ويوم سبت -أي راحة- لكنه لم يكن لديه فرحة العيد ولا راحة السبت، وكان متروكًا بلا أحد، بلا هدف أو رجاء، وهذا هو حاله، نعتبره ضمن اليأس.

ويأتي إليه السيد المسيح يمرّ بأروقة البركة، وعيشوا معي إحساس هذا المريض.. يأتي إليه السيد المسيح ويسأله سؤالًا ربما لم يخطر ببال إنسان فيقول له: «أَتُرِيدُ أَنْ تَبْرَأَ؟». واضح جدًا أن هذا الإنسان مدة هذه السنين الطويلة له خطية عظيمة، لكنه لم يسأل السؤال للمفلوج، بل لنا كلنا. والسيد المسيح احترم إرادته عندما سأله، فهو كان مفلوجًا فقد الأمل، فدائمًا توجد ما تُسمى إرادة الشفاء، وحضور الإرادة بداية النجاح في أي عمل. رغم أن الصوم الكبير به أسابيع كبيرة لكن الهدف من كل هذا تقوية إرادة الإنسان، فبالإرادة يستطيع أن يقف أمام أيّة خطية، وهنا السيد المسيح وضع الخطة الأولى للشفاء: «أَتُرِيدُ أَنْ تَبْرَأَ؟». ورغم تعاسة هذا الرجل إلا أنه كان يزداد تعاسة لأنه كل مرة يحرك الملاك المياه لا تأتي له فرصة، وكان معزولًا تمامًا، وهذه صفة تقدم لنا صورة حالة الألم التي كان يعاني منها هذا الرجل الذي حاول مدة 38سنة ولم يتحقق لديه الرجاء، لكن كان لديه مثابرة. رغم ألم الإنسان إلا أنه قال للرب يسوع عندما سأله «ليس لي إنسان...»، وهذه إجابة رقيقة بالنسبة لشخص مريض. أريدك أن تعيش مشاعر هذا الإنسان.. كل من يحاول يفشل، ولكن مع مثابرته ورقة إجابته ظهر أن لديه إيمانًا قويًا، رغم أنه لم يتحرك مدة 38سنة وعضلاته يبست، ولكن كان في قمة الإيمان والطاعة، عندما يأتي إليه السيد المسيح يقول له «قم. احمل سريرك وامشِ»، فيقوم الرجل ويتم شفاؤه. تأملوا معي نظرة كل من كانوا في البركة وهم يرونه يمشي. تخيل مدى الاندهاش والقوة، ولاحظ أن السيد المسيح تحدث معه عن الشفاء ولم يتكلم عن المرض، فالسيد المسيح يفتح طاقة رجاء، ويعطينا حديثًا عن الشفاء. ودائمًا نقول عنه إنه: "رجاء من ليس له رجاء.. وعزاء صغيري النفوس".

السيد المسيح صنع معجزة شفاء قوية وواضحة أمام الجميع، وبرغم وضوح المعجزة إلّا أن عقلية اليهود وقفت أن المعجزة تمت يوم سبت، يوم الراحة. أيهما أهم: هذا المريض، أم يوم الشفاء؟! بالتأكيد السيد المسيح أراد أن يتمّم المعجزة يوم السبت ليرفع فكر الإنسان اليهودي من الحرفية للفكر المتسع، لأن الإنسان هو أهم، ولكنهم اقتصروا المعجزة في أنها يوم سبت، يوم تقف فيه الحياة كاملة.. لا يحق لك حمل سريرك في السبت.. ولكن الأهم الشفاء. وهنا نصل للنعمة الأولى.. الصحة وقيمة حياة الإنسان، الستر والصحة. والسيد المسيح بقوله «لا تخطئ لئلا يكون لك أشرّ» لأن الخطية تطرح الإنسان بعيدًاز وهنا ابتدأ اليهود يفكروا في قتل السيد المسيح...

والكنيسة تضع أمامنا هذه المعجزة لأن الله يستطيع أن يشفي كل أحد. وما معنى العمر بدون صحة؟ وهذا الرجل شهد شهادة قوية أمام اليهود. وتأتي هذه المعجزة بين مقابلة ومعجزة.. بين مقابلة السامرية، والأحد القادم معجزة أخرى في يوحنا 9 حيث السيد المسيح خلق عينين لمولود أعمى، ونسمي السيد المسيح "نور العالم"، وأحد السامرية "مخلص العالم". واليوم المسيح "يشفي العالم"... ويمكن الظروف التي نعيشها أن هذا الوباء ينتشر، والعالم كله تدور أخباره حول هذا الفيروس، نصلي أن الله يحمي بلادنا وكل العالم، ولكن ننظر إليه أنه حركة من الله ليستيقظ الإنسان.. نسمع عن حروب، ومجاعات، وتهديدات دول لبعضها، وانتشار الضعفات البشرية مثل الإلحاد، صار العالم يجعل الشر عنوانًا له، وبهذا جعل العالم ينصرف عن الله، لكن أحب أن أضع أمامك كإنسان: كن مطمئنًا، الله ضابط الكل يدير هذا العالم، فهو خالق البشر، وهو لا زال يحب العالم.

ونحن نواجه هذا الفيروس ونشكر الله أن في بلدنا إجراءات قوية وحاسمةن والجميع يعلم أننا نحاول حفظ البلاد من هذا الفيروس، ولديّ رجاء أن السيد المسيح يمدّ يده ويرفع هذا الوباء عن العالم. أعطانا الله أن نفكر بالعقل، وكل البشر لم يعتادوا ظهور وباء بهذا الحجم، ونشكر ربنا أن بلادنا من أوائل الدول التي اتخذت احتياطها، وأشكر كل الأطباء والممرضين لحماية الشعب، والإجراءات التي نأخذها كلنا ونسمعها.. من فضلك اجلس في البيت لأن هذا يكسر دائرة الانتشار، وابتعد عن أي تجمع لأن هذا كفيل بنشر العدوى.. من فضلك اكسر دائرة العدوى، واهتم أن لا تلمس الأسطح، هذا يساعد إلى حد كبير في تقليل نقل العدوى والانتشار.. واستخدم المطهرات بحكنة. وعندما تتواجد مع أي إنسان اجعل مسافة بينك وبين الآخر. وإذا تواجد إنسان لديه إصابة انتبه وكن بعيدًا عن مجال النفس لأي إنسان آخر... وعلى الرغم من انتشار الفيروس إلا أن له اجراءات بسيطة يجب أن نتبعها لمنع انتشاره، فلا يوجد أغلى من الصحة للإنسان، وما الفائدة من وجود مجتمع مريض؟ لا يوجد عمل ولا إنتاج! ونشكر الله أنه يوجد وسائل اتصال حديثة، وأدعو كل الآباء في الكنائس (صحيح غلق الكنائس صعب وقرار جديد علينا، ولكن نتحمّل قليلًا من أجل السلامة والوقاية) ممارسة الافتقاد بهذه الوسائل، وبعض اجتماعات الصلاة والتسبحة.. نشكر ربنا ونطلب من الله أن تمر هذه الفترة ولا تطول. نقول لله: "يا رب إننا في عاصفة، ولكنك أنت هو ميناء الخلاص". لا تنسوا أن بلدنا مباركة «مبارك شعبي مصر»، وتاريخها مبارك، وجغرافيتها مباركة.

الله يحفظكم ويبارك حياتكم وينهي هذه الأزمة سريعًا. نصلي من أجل المسئولين والأطباء أن يقويهم الله. وكل ما نجلس في البيت هذا يساعد. ربنا يبارك الجميع، ويبارك كنائسنا في داخل وخارج مصر. حفظكم الله من كل شر. له كل مجد وكرامة من الآن وإلى الأبد آمين.



  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx