اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
السة 4810 أبريل 2020 - 2 برموده 1736 ش     العدد كـــ PDFالعدد 13-14

اخر عدد

علامة الصليب

نيافة الأنبا مارتيروس الأسقف العام

10 أبريل 2020 - 2 برموده 1736 ش

تفاجأت السيدة العذراء مريم بكلام سمعان الشيخ لها أن طفلها سيُقام لعلامة تُقاوم (لو2: 25-35). لعلّها كانت تتسائل: ما هي هذه العلامة؟ لقد أيقنتها بعد ذلك عندما رأت ابنها مُعلَّقًا على الصليب ذي العارضتين المتقابلتين، تلك علامة الخزي والعار، والذي يموت عليه أعتى المجرمين.. لأنه وسط لعنة الجمهور يموت المجرم مُسمَّرًا وعريانًا ومجلودًا أربعين جلدة إلّا واحدة. فعلى مرمى البصر رأت أمه صلبه وموته. وبكت العذراء بحرقة، فهو لم يكن أخفّ جُرمًا من بارباس القاتل الذي نال الإعفاء من جرائمه المخرية من اليهود، لذا أيقنت السيدة العذراء مريم السيف الذي يجوز في نفسها.. إنه ذلك المشهد المريع الذي يمرّ به ابنها على عود الصليب. إن كلمة سيف -في أصلها اليوناني- تعني السيف كبير الحجم، مثل الذي كان جليـات يستخدمه، السيف الحاد الطويل، المخيف، فكانت تحفظ كل هذه الأمور مُتفكِّرة بها في قلبها. وكأُم غُلِب على أمرها أمام من ثقبوا يديه ورجليه، وعلى لباسه ألقوا قرعة.. ولكن عندما قام ابنها منتصرًا على الموت بعد ثلاثة أيام من صلبه، قامت والتصقت بالتلاميذ طيلة الأربعين يومًا، ثم العشرة أيام التالية في العلية وحتى يوم الخمسين.

وبعد أن كانت علامة الصليب علامة عار، أصبحت هي علامة انتصار وغلبة وقوة وحياة. وقام المسيحيون بوضع هذه العلامة مرسومة أمام أعينهم، فيقول معلمنا بولس الرسول: «أيُّها الغَلاطيّونَ الأغبياءُ، مَنْ رَقاكُمْ حتَّى لا تُذعِنوا للحَقِّ؟ أنتُمُ الّذينَ أمامَ عُيونِكُمْ قد رُسِمَ يَسوعُ المَسيحُ بَينَكُمْ مَصلوبًا!» (غل3: 1). لقد تحول الصليب إلى علامة الفخار الأولى عند المسيحيين كما صرّح معلمنا بولس الرسول: «وأمّا مِنْ جِهَتي، فحاشا لي أنْ أفتَخِرَ إلّا بصَليبِ رَبِّنا يَسوعَ المَسيحِ» (غل6: 14). واُستُخدِم الصليب كتعبير موجز عن إنجيل الخلاص كله، لأن الكرازة بالإنجيل صارت ترتكز على الصليب حيث يحمل موت الرب وقيامته. ومن أجل ذلك كان الصليب علامة قوة يرسمه المسيحيون على أجسامهم، وعلامة نصرة يرسمونه أمام عيونهم، وعلامة انتماء وهوية يرسمونه على أيديهم وظهورهم، وينقشونه على خواتمهم ومصوغاتهم ليزينوا به مشغولاتهم. وعاشوه مغزى ومعنى، وتستخدموه إشارة ورمزًا، وكان الأداة الأولى في طقوسهم الليتورجية، والسلاح الأنجح في محارباتهم الروحية، والسند الأقوى في جهاداتهم الحياتية، والعلامة التي تقهر الشياطين وتخيف أجناد الشر، وسياقًا على ذلك يقول القديس مار أفرام السرياني "بدلًا من أن تحمل سلاحًا أو شيئًا يحميك، احمل الصليب واطبع صورته على أعضائك وقلبك، وارسم به ذاتك، لا بتحريك اليد فقط، بل ليكن برسم الذهن والفكر أيضًا. ارسمه في كل مناسبة في دخولك وخروجك، في جلوسك وقيامك، في نومك وفي عملك، ارسمه باسم الآب والابن والروح القدس".



  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx