اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
السة 4810 أبريل 2020 - 2 برموده 1736 ش     العدد كـــ PDFالعدد 13-14

اخر عدد

«مِنْ أَفْوَاهِ الأَطْفَالِ وَالرُّضَّعِ هَيَّأْتَ تَسْبِيحًا» (مت21: 18)

القمص بنيامين المحرقي

10 أبريل 2020 - 2 برموده 1736 ش

بدلًا من أن يشترك رؤساء الكهنة والكتبة مع الجموع في استقبال المسيا، فهم العارفون أو بالحري يدّعون معرفة الكتب.. لكن كانت ذواتهم وكبرياؤهم حائلًا دون ذاك، ليس هذا فقط، بل أعلنوا استياءهم من صراخ الأولاد، وقالوا للملك المسيا: «أَتَسْمَعُ مَا يَقُولُ هَؤُلاَءِ؟». وبهذ أعلنوا أن ما سبق داود وكتبه بخصوص ابن الله، قد تحقّق فعلًا في شخص المسيح، كاشفين عن مدى جهلهم بالكتب المقدسة وعدم معرفتهم لتدبير الله، فعيونهم لا تبصر، وآذانهم لا تسمع (مر8: 18)، فذكّرهم المسيح إلهنا، بقول داود في المزامير: «مِنْ أَفْوَاهِ الأَطْفَالِ وَالرُّضَّعِ أَسَّسْتَ حَمْدًا» (مز8: 2).

عجز معلمو الناموس، عن تسبيحك، وصرخ الأطفال والرضعان، قائلين: «أُوصَنَّا لاِبْنِ دَاوُدَ! مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ! أُوصَنَّا فِي الأَعَالِي!».

لقد اهتم المسيح مخلصنا بالكلِّ على مخلتف أطيافهم، ومنهم الأطفال، فعندما قُدِّم إليه أولاد لكي يضَع يديه عليهم ويباركهم، فانتهرهم التلاميذ، أما يسوع فقال لهم: «دَعُوا الأَوْلاَدَ يَأْتُونَ إِلَيَّ وَلاَ تَمْنَعُوهُمْ لأَنَّ لِمِثْلِ هَؤُلاَءِ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ» (مت19: 14). لذا رتّبت الكنيسة أن ينال الأطفال المعمودية والميرون والإفخارستيا منذ الصغر، ولا تحرمهم من هذه النعمة، فقد رسم الله في العهد القديم أن يُختتن الطفل في اليوم الثامن، ويدخل في رعوية شعب الله. كما رتبت الكنيسة رتبة الإبصالتيس (المرتل)، وهي رتبة تُمنح غالبًا للأطفال، لكي يرتبطوا بالكنيسة ويعيشوا طقوسها وصلواتها وألحانها، وفي سيامتهم يصلي الأب الأسقف، قائلًا: [هب لهم أن يرتلوا بفهم تسابيح روحانية. وليستحقوا أن يبتدئوا بالإيمان ويتعبّدوا لك بالعقل والطهارة. قدّسهم، باركهم، املأهم من مخافتك، احرسهم بقوتك الملائكيّة].

أما نحن، يُوصينا المسيح الفاديً: «إِنْ لَمْ تَرْجِعُوا وَتَصِيرُوا مِثْلَ الأَوْلاَدِ فَلَنْ تَدْخُلُوا مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ» (مت18: 3)، وهذا يتحقق من خلال سرّ المعمودية، الميلاد الثاني، الذي يهب لنا حياة البساطة التي للأطفال، فنكون: «أَطْفَالًا فِي الْمَسِيحِ» (1كو3: 1)، وننال الاستنارة التي بها نستطيع أن نعاين ما لا يستطيع أعظم الفلاسفة الأرضيين أن يدركوه. لأننا ببساطة الأطفال واتضاعهم، وبالإيمان ننال هذه الحكمة التي «أَخْفَيْتَ هَذِهِ عَنِ الْحُكَمَاءِ وَالْفُهَمَاءِ وَأَعْلَنْتَهَا لِلأَطْفَالِ» (مت11: 25).

بالمعمودية نولد ونرضع «اللَّبَنَ الْعَقْلِيَّ الْعَدِيمَ الْغِشِّ لِكَيْ تَنْمُوا بِهِ» (1بط2: 2)، وهذا يدعونا إلى تسبيح الله لا بألسنتنا فقط، بل وبكل كياننا. نأخذ كأس الخلاص، وباسم الرب ندعو صارخين: «أُوصَنَّا لاِبْنِ دَاوُدَ! مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ! أُوصَنَّا فِي الأَعَالِي!».

 

الأطفال لا يعملون شيئًا من ذواتهم بل يستندون إلى آبائهم: هكذا في تسبيحنا نستند إلى عمل الروح، «لأَنَّنَا لَسْنَا نَعْلَمُ مَا نُصَلِّي لأَجْلِهِ كَمَا يَنْبَغِي. وَلَكِنَّ الرُّوحَ نَفْسَهُ يَشْفَعُ فِينَا بِأَنَّاتٍ لاَ يُنْطَقُ بِهَا» (رو8: 26)، «مِنْ أَفْوَاهِ الأَطْفَالِ وَالرُّضَّعِ هَيَّأْتَ تَسْبِيحًا» (مت21: 16)، هيّأت: (κατηρτίσω) بمعنى يجهّز أو يزوِّد بصورة  كاملة، وعلى ذلك يجعله كاملًا أو يرفعه  إلى مستوى الكمال. لقد زوّدتهم ووهبتهم كمال التسبيح. يكمل الله التسبيح بمنح قوة في أفواه الأطفال والرضع. فتخرج القوة العظيمة من أضعف الآنية، فيتعظم الله لأن قوته تكمل.

«أُوصَنَّا لاِبْنِ دَاوُدَ! مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ! أُوصَنَّا فِي الأَعَالِي!» تسبحة جديرة بأفواه الأطفال الذين يتعلمون من الصغر لغة السماء، مَغْرُوسِينَ فِي بَيْتِ الرَّبِّ فِي دِيَارِ إِلَهِنَا يُزْهِرُونَ (مز92: 13).



  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx