اسم المستخدم

 

كلمة المرور

 

    
 
بحث
اللغه
select
السة 4824 أبريل 2020 - 16 برموده 1736 ش     العدد كـــ PDFالعدد 15-16

اخر عدد

قيامة المخلّص

القمص يوحنا نصيف كاهن كنيسة السيدة العذراء شيكاغو

24 أبريل 2020 - 16 برموده 1736 ش

عندما وقف السيّد المسيح في مواجهة الموت أمام قبر لعازر، أوضح لمرثا بكلّ ثِقَة أنّه هو القيامة والحياة، وأكّد لها أنّه واهب الحياة لكلّ مَن يؤمن به، والحياة التي يعطيها هي حياة لا يغلبها الموت.. «أنا هو القيامة والحياة، مَن آمن بي ولو مات فسيحيا، وكلّ مَن كان حيًّا وآمَن بي فلن يموت إلى الأبد» (يو11: 25-26).

ولم يكُن هذا مجرّد كلام يتلاشى عندما يدخل يسوع بنفسه إلى الموت، بل لقد اقتحم الموت بإرادته.. اقتحمه اقتحامًا بكلّ قوّة، وداسه، وأبطل سلطانه، وقام هادمًا كلّ أوجاعه (أع2: 24).. فأظهر للعالم أنّه بالفِعل رئيس الحياة وقاهر الموت..!

إذن ما يهمّنا بالأكثر، أنّ السيّد المسيح وَهَبَ لكلّ مَن يؤمن بصليبه وقيامته وقوّة دمه الغافر أن ينال قوّة الحياة هذه، وأظهَرَ بهذا أنّه مُحيي النفوس ومخلّص العالم.. وصار المؤمنون به لا يخافون الموت.. وهنا أتذكّر مقولة جميلة لقدس الأب المتنيّح القمص بيشوي كامل (1931-1979م): [إنّ الموت مُخيف ومُرعِب جدًّا، ولكن بقدر ما تمتزج حياتنا بدم الحَمَل بقدر ما يصير عبورنا مُفرِحًا ومحفوفًا بالملائكة] (نبذة رحلة العبور بالدمّ).

في العهد القديم كشف الله أنّ حياة الإنسان هي في دمه (لا17: 11).. وهذا يعني أنّنا عندما نتناول من دمّ المسيح تثبت حياته فينا، وتغلِب كلّ آثار الموت في جسدنا.. فمهما كانت خطايانا، وهي الأشواك التي يدخل من خلالها الموت إلينا، فإنّ دم المسيح يطهّرنا من كلّ خطيّة (1يو1: 7)، ويمحو كلّ آثار الموت ويهبنا حياة جديدة غالبة للموت.. وهذا ما يؤكّده القديس بطرس الرسول؛ أنّ الرب أنقذنا وخلّصنا ليس بثمن رخيص بل بدمه الغالي.. «أَنَّكُمُ افْتُدِيتُمْ لاَ بِأَشْيَاءَ تَفْنَى، بِفِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ.. بَلْ بِدَمٍ كَرِيمٍ، كَمَا مِنْ حَمَل بِلاَ عَيْبٍ وَلاَ دَنَسٍ، دَمِ الْمَسِيحِ..» (1بط1: 18-19).

عندما نتناول من دم المسيح فإنّنا نأخُذ قوّة قيامته، أيْ حياته الغالبة للموت.. ومِن هنا اهتمّت كنيستنا المجيدة بأن يكون سرّ التناول في قلب عبادتها، فبه ينال المؤمنون باستمرار الحياة الإلهيّة فيهم.. فهم يتناولون جسد ودم المسيح الذي مات وقام، فينالون به قوّة موت عن شهوات العالم، وقوّة قيامة وغلبة على كلّ شروره.. وهذه هي قمّة الخبرة الروحيّة التي يعيشها المسيحيّون، ويلخِّصها القديس بولس الرسول في آية خالدة: «لأَعْرِفَهُ، وَقُوَّةَ قِيَامَتِهِ، وَشَرِكَةَ آلاَمِهِ، مُتَشَبِّهًا بِمَوْتِهِ، لَعَلِّي أَبْلُغُ إِلَى قِيَامَةِ الأَمْوَاتِ» (في3: 10-11).

وقيامة الأموات التي يتكلّم عنها الرسول هي الحياة الأبديّة المجيدة التي يشتاق إليها المؤمنون كلّما تناولوا من الأسرار المُحيية، فيأخذون بها قوّة للكرازة بالمسيح المخلّص، المصلوب والقائم، متطلّعين بشغف لمجيئه الثاني المملوء مجدًا.. وهذا ما يؤكّده القديس بولس: «فَإِنَّكُمْ كُلَّمَا أَكَلْتُمْ هذَا الْخُبْزَ وَشَرِبْتُمْ هذِهِ الْكَأْسَ، تُخْبِرُونَ بِمَوْتِ الرَّبِّ إِلَى أَنْ يَجِيءَ» (1كو11: 26).. وهو أيضًا ما نصلّيه في كل قدّاس: "آمين آمين آمين بموتك يارب نبشّر، وبقيامتك المقدّسة وصعودك إلى السموات نعترف، نسبحك نباركك نشكرك يارب، ونتضرّع إليك يا إلهنا".

لقد كُنّا بدون المسيح المخلّص عاجزين، وتحت حكم الموت.. أمّا الآن فإنّه «يعظم انتصارنا بالذي أحبنا» (رو8: 37).

إنّ قيامة المخلّص قد أكّدت لنا عظمة ألوهيّته وقُدرته على الخلاص.. فعندما نثبت فيه، نحيا به إلى الأبد..

طوبي لمن يتناولون على الدوام من شجرة الحياة، هؤلاء ليس للموت الثاني سلطان عليهم (رؤ2، 20)..!


  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق  
موضوع التعليق  

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx