اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
السة 4829 مايو 2020 - 21 بشنس 1736 ش     العدد كـــ PDFالعدد 19-20

اخر عدد

العاشر من مايو

قداسة البابا تواضروس الثانى

29 مايو 2020 - 21 بشنس 1736 ش

في ذاكرة الشعوب والأمم توجد بعض الذكريات التي تحتلّ أيامًا معينة عبر السنين، وتشهد لأحداث هامة أو مناسبات ذات طابع اجتماعي أو ديني أو وطني أو غير ذلك.

وخلال الستين عامًا الماضية، احتلّ يوم 10 مايو ذكريات هامة في تاريخ كنيستنا تصادف أنها حدثت في نفس اليوم ولكن في أعوام مختلفة. وأودّ في هذا المقال أن أتوقف أمام ثلاث مناسبات هامة حدثت في هذا اليوم.

 

يوم 10 مايو 1959م:

كان يوم تجليس القديس البابا كيرلس السادس بطريركًا للكنيسة القبطية (رقم 116)، وكان يومًا مشهودًا خاصة أنه جاء بعد فترة اضطرابات داخلية عاشت فيها الكنيسة في نهاية حبرية المتنيح البابا يوساب (البطريرك 115)، كما أنه خلال الثلاثين عامًا السابقة على هذا التاريخ كان اختيار البابا البطريرك يتم من بين أساقفة الإيبارشيات، وقد حدث هذا لظروف خاصة لا داعي لذكرها، حيث أنه بين البابا كيرلس الخامس (البطريرك 112، 1874-1927) والبابا كيرلس السادس (البطريرك 116، 1959–1971)، تعاقب ثلاثة من الآباء البطاركة على كرسي مار مرقس كانوا أساقفة ومطارنة إيبارشيات قبلًا، وهم: البابا يوأنس التاسع عشر (113)، والبابا مكاريوس الثالث (114)، والبابا يوساب الثاني (115).

ثم جاء اختيار الراهب مينا المتوحد في طاحونة مصر القديمة، والذي كان يصلي ويخدم كل من يلجأ إليه، وصار معروفًا بين الجميع بسبب نُسكه وتقواه. وعندما أُجرِيت الانتخابات بين المرشحين الخمسة لاختيار 3 منهم، حصل هو على أقلّ نسبة من الأصوات بين الثلاثة. ثم جاءت القرعة الهيكلية، واختيار الطفل رفيق باسيلي الطوخي (5 سنوات) الورقة التي حملت اسم الراهب مينا البرموسي ليكون هو البابا كيرلس السادس البطريرك 116. وقضى على الكرسي 12 سنة عامرة بعمل الله مثل: سيامة الأساقفة العموم (بدون إيبارشيات) لأول مرة في تاريخ الكنيسة، وظهور العذراء مريم بالزيتون، وإنشاء الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، وأيضًا بداية تأسيس كنائس قبطية خارج مصر (في الكويت وكندا وأمريكا وأستراليا وإنجلترا).

وجدير بالذكر أن البابا كيرلس السادس قام بسيامة المتنيح الأنبا غريغوريوس، الأسقف العام للبحث العلمي والدراسات اللاهوتية والثقافة القبطية، يوم 10 مايو 1967.

 

يوم 10 مايو 1973م:

في حبرية المتنيح البابا شنوده الثالث، حيث قام بزيارة الفاتيكان ومقابلة البابا بولس السادس، في اول لقاء بين الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والكنيسة الكاثوليكية الرومانية منذ 15 قرنًا من الزمان (منذ مجمع خلقدونية عام 451م)، وكان هذا أول تقارب مباشر بين الأرثوذكس غير الخلقدونيين (Oriental) مع الكاثوليك، وذلك كما حدث عام 1965م حين تقابل البطريرك المسكوني (الكنائس الأرثوذكسية الخلقدونية) مع البابا الروماني أيضًا في أول لقاء مباشر.

وكانت زيارة البابا شنوده للفاتيكان حدثًا كبيرًا، حيث تسلم جزءًا من رفات القديس أثناسيوس الرسولي (البطريرك القبطي رقم 20)، كما أجرى الوفد القبطي برئاسته مباحثات لاهوتية مع الوفد الكاثوليكي برئاسة البابا الروماني، انتهت بتوقيع اتفاق كنسي طويل تم الإعلان عنه في وقتها. وكانت هذه الزيارة تمهيدًا لعقد حوار لاهوتي بين مجموعة الكنائس الأرثوذكسية القديمة مع الكنيسة الكاثوليكية.

وبعد 27 عامًا، ردّ البابا الروماني الزيارة، حيث قام البابا يوحنا بولس الثاني بزيارة مصر، وذلك في عام الألفية (سنة 2000) في زيارة رسمية، وكانت أيضًا اول مرة في التاريخ.

 

10 مايو 2013م:

في حبرية البابا تواضروس الثاني، وبعد تجليسه بنحو ستة أشهر حيث قام بزيارة الفاتيكان في مثل هذا اليوم. وللموضوع قصة إذ أن سفير الفاتيكان الجديد في مصر قام بزيارة تعارف إلى البابا تواضروس يوم 3 أبريل 2013 (وكان ذلك بعد تجليس البابا فرنسيس في روما بحوالي 20 يومًا، إذ تم تجليسه في 13/3/2013)، وأثناء زيارة السفير قدّم دعوة لزيارة الفاتيكان، فقلتُ للسفير إنني أودّ زيارة الفاتيكان، ولكن في يوم مُحدَّد هو 10 مايو 2013، لأن في هذا التاريخ يكون قد مرّ 40 عامًا على زيارة المتنيح البابا شنوده الثالث. فاندهش السفير وقال إن الوقت المتاح قصير لترتيب زيارة رسمية، ولكنه (أي السفير) قال إنه سوف يحاول لأن المعتاد في مثل هذه الزيارات أن يتم الإعداد لها بحوالي 7 أو 8 أشهر قبل إتمامها.

وبعد أيام قليلة أخبرنا السفير أن الفاتيكان وافق على إتمام الزيارة فى التاريخ المطلوب.. وبنعمة المسيح تمت الزيارة مع وفد كبير من عشرة أعضاء مطارنة وأساقفه وكهنة ورهبان وشمامسة، والتي اقترحتُ فيها أن يكون يوم 10 مايو من كل عام "يوم المحبة الأخوية" بين الكنيستين، نتبادل فيه المحبة والتشارُك الروحي، في لقاء يجمع بين أبناء الكنيستين في مصر وفي الخارج، ليكون هذا تقليدًا سنويًا لتأكيد أواصر المحبة الأخوية التي قال عنها الكتاب المقدس فى رسالة بطرس الرسول «ولِهذا عَينِهِ -وأنتُمْ باذِلونَ كُلَّ اجتِهادٍ- قَدِّموا في إيمانِكُمْ فضيلَةً، وفي الفَضيلَةِ مَعرِفَةً، وفي المَعرِفَةِ تعَفُّفًا، وفي التَّعَفُّفِ صَبرًا، وفي الصَّبرِ تقوَى، وفي التَّقوَى مَوَدَّةً أخَويَّةً، وفي المَوَدَّةِ الأخَويَّةِ مَحَبَّةً» (2بطرس1: 5-7). وفي هذا اليوم نتبادل الرسائل والمكالمات الهاتفية، مع الالتقاء مع غبطة بطريرك الكاثوليك في مصر، والأحباء من مطارنة وكهنة ورهبان وراهبات من الكنيستين. ويكون اللقاء بالتبادل عام بعد عام في إحدى الكنائس أو الأديرة المختارة، والتي يتم التوافق عليها.

وبعد أربعة سنوات فقط، قام قداسة البابا فرنسيس على رأس وفد كبير بزيارة محبة إلى مصر عام 2017 لمدة يومين، وكانت فرصة طيبة لإلقاء كلمات المحبة، وإصدار بيان كنسي امتدادًا للبيان الذي صدر قبل أربعين عامًا مع المتنيح البابا شنوده الثالث. وهكذا نمضي في طريق المحبة المسيحية، لنشهد لها فى كل مكان، عالمين أن المحبة الأخوية هي الدليل القوي على أننا أولاد الله.

وهكذا يصير يوم العاشر من مايو يومًا مشهودًا بالذكريات المباركة، والتي يذخر بها تاريخنا المجيد.


  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx