ولأنه يبارك بيده اليمنى، فإنه يمسك بما يشبه الـ"رولّ" أو الرسالة المطوية بيده اليسرى. والرسالة هنا رمز الحكمة، لأنه أقنوم الحكمة، وكما يقول معلمنا بولس الرسول إنه «قوة الله وحكمة الله»، بل أنه «المذخر فيه كل كنوز الحكمة والعلم» (كو2: 3)، فهو المشرّع الذي جاء من سبط يهوذا صاحب الدستور الجديد. وهو بذاته الرسالة لأنه كلمة الله و«الذي به، ولأجل اسمه، قبلنا نعمة ورسالة، لإطاعة الايمان في جميع الأمم» (رو1: 5). وهو أيضًا المُرسَل المولود من الآب قبل كل الدهور، نور من نور، إله حق من إله حق. فلأجل محبة الله الفائقة لنا، أرسل ابنه الوحيد إلى العالم، لكي نحيا به، ويكون كفارة لخطايانا، ومخلصًا للعالم، هذا هو الممسوح من الآب ليبشّر المساكين، وليشفي منكسري القلوب، ولينادي للمأسورين بالإطلاق، والعمي بالبصر، والمنسحقين للحرية (لو5: 18). إنه مُرسَل لأجل خلاصنا متجسدًا من العذراء مريم، فهذا هو الابن الحبيب، وهو رب الكل (أع10: 36)، الذي أرسله الآب «في شبه جسد الخطية، ولأجل الخطية، دان الخطية في الجسد» (رو8: 3).

والـ"رولّ" يشير أيضًا لوصايا العهد الجديد، التي أتانا بها الرب، وهي روح وحياة، ويؤكد لنا بقوله «الحق الحق أقول لكم، إن من يسمع كلامي ويؤمن بالذي أرسلني، فله حياة أبدية، ولا يأتي إلى دينونة، بل قد انتقل من الموت إلى الحياة» (يو5: 24)، لأنه هو المسيا الذي يخبرنا بكل شيء (يو4: 25). حقًا لقد خصّنا بأسراره، لأنه قد أعطى لنا نحن المُجدَّدين، الأطفال الصغار، معرفة أسرار ملكوت السماوات، حيث يحوي هذا الـ"رولّ"، الحلول المختلفة لمسائل وألغاز العهد القديم، فالعهد الجديد هو المُفسِّر لنبوات العهد القديم.

ويرمز هذا الـ"رولّ" للبشارة المفرحة أو الأخبار الجديدة، حيث جاء يسوع إلى الجليل يكرز ببشارة ملكوت الله (مر1: 14). إن هذه البشارة التي تحققت بعد الوعد الإلهي لأبوينا آدم وحواء، أن نسل المرأة سيسحق رأس الحية، ليعيد الإنسان الساقط إلى صورته الأولى، ليحيا معه إلى الأبد، لأن فداء السيد المسيح لنا كان فداءً أبديًا. وقد جاء في سفر الرؤيا «ثم رأيت ملاكًا آخر طائرًا في وسط السماء معه بشارة أبدية، ليبشّر الساكنين على الأرض وكل أمّة وقبيلة ولسان وشعب» (رؤ14: 6).