أتى تلاميذ يوحنا المعمدان إلى يسوع قائلين: «لماذا نصوم نحن والفريسيون كثيرًا وأما تلاميذك فلا يصومون؟ فقال لهم يسوع: هل يستطيع بنو العُرس أن يصوموا مادام العريس معهم؟ ستأتي أيام حين يُرفع العريس عنهم فحينئذ يصومون في تلك الأيام» (مت9، لو5).

قال الرب إن تلاميذه سيصومون بعد صعوده عنهم في تلك أيام، وليس ثاني يوم الصعود مباشرةً كما يظن البعض.

وفعلًا بعد صعوده بعشرة أيام حلّ الروح القدس على الرسل وملأهم قوة مواهب، ولكي يضرموا مواهب الروح القدس التي نالوها يوم الخمسين حسب نصيحة بولس الرسول «اِضرم موهبة الله التي فيك» (2تي1: 6). صاموا بعد حلول الروح القدس مباشرةً وأسموه صوم الروح القدس، وصاموه حسب بعض المصادر أربعين يومًا اقتداءً بمعلمهم الصالح ربنا يسوع المسيح الذي صام أربعين يومًا بعد حلول الروح عليه في نهر الأردن (مت4) وأيضًا اقتداءً بموسى وإيليا.

ظلّ اسم عيد الروح القدس كما هو، وتغير اسم الصوم من صوم الروح القدس إلى صوم الرسل، تكريمًا للآباء الرسل الذين بدأوا بصومه.

ربطت الكنيسة نهاية صوم الرسل بعيد استشهاد الرسولين بطرس وبولس في 5 أبيب الموافق 12 يوليو من كل عام فأصبح ثابتًا.

وربطت بداية صوم الرسل بثاني يوم عيد حلول الروح القدس، وعيد حلول الروح مرتبط بعيد القيامة، وعيد القيامة متحرك ومتغير من سنة إلى أخرى، فأصبح بدء صوم الرسل متغيرًا، وبالتالي تتغير مدته من سنة إلى أخرى، وأصبحت مدته تتراوح بين 15 يومًا في بعض السنين كحد أدنى وبين 49 يومًا كحد أقصى في سنين أخرى.

مسألة تحديد مدة صوم الرسل مسألة فلكية تقويمية محضة، مأخوذ بها منذ القرن الثاني في عهد البابا السكندري ديمتريوس الكرّام الذي وضع هو وعلماؤه حساب الأبقطي المعروف.

لا يفوتنا أن نقول إن صوم الرسل هو أقدم صوم في الكنيسة وله بركته وقدسيته.

فلنصم هذا الصوم لكي نسلك بالروح ولا نكمل شهوات الجسد، لأن اهتمام الجسد موت واهتمام الروح حياة وسلام (رو8: 6).

وكل عام وأنتم بخير وسلام.