اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
السة 4807 أغسطس 2020 - 1 مسرى 1736 ش     العدد كـــ PDFالعدد 29-30

اخر عدد

امتحان إيمانكم (يع 1: 3)

القمص بنيامين المحرقي

07 أغسطس 2020 - 1 مسرى 1736 ش

كلمة امتحان: تأتي في اللغة اليونانية πειρασμός، بمعنى تجربة ناجمة عن ضيقات من الخارج، مثل «مَطْرُودِينَ مِنْ أَجْلِ الْبِرِّ» (مت5:10)، امتحان يهدف إلى غاية، محاولة، يُجرّب شخصٌ ما أي يقيس قوته. كذلك كلمة δοκίμιον وتأخذ معنى عملة أصيلة غير زائفة، نقية من كل زغل أو شوائب. فعندما تحقّق التجربة هدفها من تقدم طبيعيّ، يسمح بها الله لغرض نافع وصالح، يؤدي إلى التنقية والتطهير، مثل تجربة أبينا إبراهيم (تك22). كذلك لم يطرد الله الأمم الذين في أرض فلسطين، عندما جاء بنة إسرائيل «لِيَمْتَحِنَ بِهِمْ إِسْرَائِيلَ» (قض3:1).

ما هو الإيمان؟ الإيمان هو «الثِّقَةُ بِمَا يُرْجَى وَالإِيقَانُ بِأُمُورٍ لاَ تُرَى» (عب11:1)، وهو شيء معنوي مرتبط بالنفس ارتباطًا كيانيًا. ولكننا نجد الكتاب المقدس يعبّر عنه كأنه شيء مرئي، فالذين حملوا المفلوج قيل عنهم: «فَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ إِيمَانَهُمْ» (مت9:2)، كما يضع درجات للإيمان: عدم الإيمان (مت13:58)، إيمان قليل (مت6:30؛ 8:26،14،31)، إيمان مثل حبة الخردل (مت17:20)، إيمان عظيم (مت15:28). فما هو مقياس الإيمان؟

مقياس الإيمان هو الأعمال: فالإيمان ليس مجرد فكر إطلاقًا، ولكنه حياتيّ، فإذا كنت تؤمن بوجود الله، هذا جيد، ولكن هل ممكن بعد ذلك أن تتجنّب القلق، وتعيش السلام والطمأنينة، لكون الله يدبّر مجرى حياتك؟

في التجربة، علينا أن نكفّ عن التفكير بصورة سلبية: يحاول الكثيرون أن يكون كل رد فعلهم موجهًا لتبرير موقفهم، وآخرون يدخلون في كآبة وحزن قد يؤذي النفس، ويستسلم فيه الإنسان بخنوع. بينما يوصينا يعقوب الرسول «اِحْسِبُوهُ كُلَّ فَرَحٍ يَا إِخْوَتِي حِينَمَا تَقَعُونَ فِي تَجَارِبَ مُتَنَّوِعَةٍ» (يع1:2). ليتنا نبحث عن الهدف المرجو من التجربة، ونفكر بصورة إيجابية. لماذا سمح الله بالتجربة؟ نتقبّلها بفرح وبشكر لا بحزنٍ وتذمر. يقول القديس أثناسيوس الرسوليّ: [لنفرح عالمين أن خلاصنا يحدث في وقت الألم، لأن مخلصنا لم يخلصنا بغير ألم، بل تألم من أجلنا مبطلًا الموت، لهذا أخبرنا قائلًا: «في العالم سيكون لكم ضيق»، وهو لم يقل هذا لكل إنسان بل للذين يخدمونه خدمة صالحة بجهاد وإيمان، أي الذين يعيشون بالتقوى].

نُمتحَن فنجاهد، ننتصر فنُكافَأ: نُمتَحن فنجاهد، لكي نهزم التجارب، فينصحنا سليمان الحكيم، قائلًا: «إِنِ ارْتَخَيْتَ فِي يَوْمِ الضِّيقِ؛ ضَاقَتْ قُوَّتُكَ» (أم24:10)، نُمتَحن، فنصير أكثر نقاءً، وننمو ونسير أكثر نحو الهدف الذي حسب إرادة الله، فإن «الذهب يُمحَّص في النار، والمرضيين من الناس يُمحَّصون في آتون الاتضاع» (سي2:5)، فالشخص الذي يجاهد في التجربة، يصير أقوى وأكثر نقاء، هكذا قال أيوب الصديق: «إِذَا جَرَّبَنِي أَخْرُجُ كَالذَّهَبِ» (أي23:10). ننتصر فنُكافَأ: «لأَنَّ خِفَّةَ ضِيقَتِنَا الْوَقْتِيَّةَ تُنْشِئُ لَنَا أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ ثِقَلَ مَجْدٍ أَبَدِيًّا» (2كو4:17)، و«مَنْ يَغْلِبُ فَسَأُعْطِيهِ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ شَجَرَةِ الْحَيَاةِ الَّتِي فِي وَسَطِ فِرْدَوْسِ اللهِ» (رؤ2:7)، فأبناء الملكوت: «هُمُ الَّذِينَ أَتُوا مِنَ الضِّيقَةِ الْعَظِيمَةِ، وَقَدْ غَسَّلُوا ثِيَابَهُمْ وَبَيَّضُوهَا فِي دَمِ الْحَمَلِ» (رؤ7:14)، هم الذين دخلوا من الباب الضيق (مت7:13). الصوم تكثر فيه التجارب، لذا لنكثر من تجاوبنا مع النعمة، لكي نسمع «أَنْتُمُ الَّذِينَ ثَبَتُوا مَعِي فِي تَجَارِبِي» (لو22:28).




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx