اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
السة 4818 سبتمبر 2020 - 8 توت 1737 ش     العدد كـــ PDFالعدد 35-36

اخر عدد

كنيسة شهداء... وشهداء الكنيسة!!!

الأنبا بيتر أسقف نورث وساوث كارولاينا وكنتاكي والنائب البابوي لولاية فيرجينيا

18 سبتمبر 2020 - 8 توت 1737 ش

- لم يكن "نيرون" الإمبراطور إلّا طاغية غمس فكره ومشاعره في وحل الشر والكراهية، ولم تعرف المسيحية طعمًا أمرّ من مرارة اضطهاده للمسيحين، فقد فاقت في قسوتها كل مراحل الاضطهاد العشر التي أذاقت المسيحيين الأوائل أشد العذابات...

- لقد كره أيضًا المُقرَّبين قبل كراهيته للمسيحين، ووصل به الجنون للذروة عندما قتل أمه (أجريبينا) وزوجته (أوكتافيا) ومعلمه (سينيكا) وأيضآ أخاه... ولم يكن غريبًا ولا عجيبًا في عام 64م -في حريق روما الشهير- أن يعلّق المسيحيين على أعمدة ويشعل فيهم النار لينيروا شوارع روما وميادينها! ولم يكن يعلم أن أجسادهم المشتعلة أنارت عقول البشرية والأجيال، وأشعلت الغيرة المقدسة في قلوب النساء والرجال، و صاروا يندفعون اندفاعًا نحو الآتون والأسود بابتهال...

- إن الاستشهاد في المسيحية هو قمة الحب للشهيد الذي نفّذ وعد رب المجد يسوع بأن: «تكونون لي شهودًا في أورشليم وفي كل اليهودية والسامرة وإلى أقصى الأرض» (أع1: 8).

- لقد اعتبر الشهداء دمهم وحياتهم وأملاكهم ردًّا للجميل والعرفان لمن هو أروع جمالًا من بني البشر جمعاء، لأنه هو الذي سبق وفدى وبذل دمه لكل الشهداء، واحتمل عار الصليب ليقدم مثلًا حيًا للحب المصلوب، ونموذجًا مثاليًا للبذل المسكوب، وخروفًا حوليًا يُذبح عن الخطاة وينوب... لقد لخّص أبونا المتنيح القديس بيشوي كامل هذه العلاقة بين المسيح والشهداء في عبارة عميقة عندما قال: "فوق المذبح: المسيح مذبوح من أجل دميانه، وتحت المذبح دميانه مذبوحة من أجل المسيح".

- إن السيوف المسلولة بكل سطوتها لم تستطع أن توقف غزارة الحب للفادي، لقد صدأت السيوف وانكسر عنفوانها، وانطفأ لمعانها، وما زالت راية المسيحية ترفرف بألوانها وتعزف بألحانها ويسترشدون بإيمانها...

- إن مشهد الشهداء في إسنا وأخميم وليبيا أروع لوحة رسمها الاضطهاد لتجسّد الحب المتبادَل بين من فدى وبذل وسفك دمه على الصليب، وبين من آمن واعترف واستهان بموته من أجل الحبيب...

لقد ماتت النسور الرومانية والذئاب الوثنية، وما زالت أرواح الحملان حية في الأبدية تتمتع بالحياة والمعية. إنهم المفديون الذين غمسوا ثيابهم في دم الحمل، وأتوا من الضيقة العظيمة من كل الأمم وكل القبائل وكل الشعوب، ليقدموا أرواحهم حبًا في شخص الاله الحبيب والمحبوب.

إنها كنيسة الشهداء الجميلة بل والنبيلة، التي انتصرت وسبقتنا للفردوس، وبصلواتهم نُكمل جهادنا وأتعابنا وشهادتنا لمجد القدوس...

لقد جاءنا الإيمان المسيحي طافيًا على دم وأجساد الشهداء، ولم يخافوا سيفًا ولا نارًا ولا جمرًا أو سجنًا، إنما استهانوا بالسيف والنار والجمر والسجن.. لقد عاشوا ما كتبه معلمنا بولس الرسول عن الإيمان إلى النفس الأخير: «من سيفصلنا عن محبة المسيح؟ أشدة أم ضيق أم اضضطهاد أم جوع أم عري أم خطر أم سيف؟» (رو8: 35). لقد استقبلوا الشدة وأعتبروها رحبًا، والضيق واحتسبوه فرجًا، والاضطهاد كان لهم فرحة، والجوع شبعًا، والعري كسوة، والخطر أمانًا، والسيف أمنًا!

إننا فخورون بهذه الكنيسة المجيدة "كنيسة الشهداء"، وفخورون أكثر بـ"شهداء الكنيسة"، فنحن أحفاد العظماء، أولاد الشهداء، نسير على درب من سكنوا السماء.




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx