اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
السة 4802 أكتوبر 2020 - 22 توت 1737 ش     العدد كـــ PDFالعدد 37-38

اخر عدد

«احْتَرِزْ وَاهْدَأْ» (إش7 :4) (2)

القمص بنيامين المحرقي

02 أكتوبر 2020 - 22 توت 1737 ش

يعيش الإنسان حياة الجهاد الروحيّ في يقظة «غَيْرَ مُتَكَاسِلِينَ فِي الاِجْتِهَادِ حَارِّينَ فِي الرُّوحِ عَابِدِينَ الرَّبَّ» (رو12 :11)، وهذه اليقظة يجب أن تكون في هدوء. كذلك القديس بولس يوصي بضرورة العمل والاجتهاد لكسب القوت (2تس3 :12) دون أي تشويش أو تكاسل، وأن يكون ذلك في هدوء (1تس4 :11).

اهدأ שָׁקַט:

وصية بمعنى: حافظ على الهدوء، لا تنزعج، منح الراحة (لو23 :56)، سلام، الصمت (نح5 :8). وقد اتصف السيد المسيح بالهدوء، فقيل عنه: «لاَ يُخَاصِمُ وَلاَ يَصِيحُ وَلاَ يَسْمَعُ أَحَدٌ فِي الشَّوَارِعِ صَوْتَهُ» (مت12 :19). ويعتبر القديس بطرس الرسول الهدوء من الصفات التي تزين الروح والإنسان الداخليّ (1بط3 :3)، وهي الروح الذي يدفع بهدوء الاضطراب الناتج عن الآخرين. والهدوء علامة قوة، يقول الرب: «بِالْهُدُوءِ وَالطُّمَأْنِينَةِ تَكُونُ قُوَّتُكُمْ» (إش30 :15)، فالإنسان القوي ثابت لا ينزعج مهما كانت الأمواج حوله، بينما يصيب الضعيف القلق.

الهدوء  ἡσυχάζωنابع عن حياة التسليم والاتكال:

يقول معلمنا القديس بولس الرسول: «سَلَّمْنَا فَصِرْنَا نُحْمَلُ» (أع27 :15)، فالهدوء ينبع عن سلام داخليّ للنفس، وهو: «سَلاَمُ اللهِ الَّذِي يَفُوقُ كُلَّ عَقْلٍ» (في4 :7)، وهو ليس فقط في السعة والرحب، بل كما يقول داود النبي: «إِذَا سِرْتُ فِي وَادِي ظِلِّ الْمَوْتِ لاَ أَخَافُ شَرّاً لأَنَّكَ أَنْتَ مَعِي» (مز23 :4). داود النبي عاش هذا الهدوء، فعلى الرغم من كثرة الحروب في مملكته، إلاَّ أنه كان في سلام وترنم وكتب سفر المزامير. وفي الوقت الذي خاف فيه الجميع من ملاقاة جليات، قال «لاَ يَسْقُطْ قَلْبُ أَحَدٍ بِسَبَبِهِ. عَبْدُكَ يَذْهَبُ وَيُحَارِبُ هَذَا الْفِلِسْطِينِيَّ» (1صم17 :32)، وكان مصدر هدوئه إيمانه أن: «الْحَرْبَ لِلرَّبِّ» (1صم17 :47).

فالإيمان يعطي صاحبة رؤية تفوق قوى الإنسان الطبيعيّ، فقد خاف جيحزي عندما أحاط جيش آرام بمدينة السامرة، بينما أليشع بالإيمان كان يبصر ما لا يبصره جيحزي، فقال له: «لاَ تَخَفْ، لأَنَّ الَّذِينَ مَعَنَا أَكْثَرُ مِنَ الَّذِينَ مَعَهُمْ» (2مل6 :16)، وصلى أليشع؛ «فَفَتَحَ الرَّبُّ عَيْنَيِ الْغُلاَمِ فَأَبْصَرَ، وَإِذَا الْجَبَلُ مَمْلُوءٌ خَيْلاً وَمَرْكَبَاتِ نَارٍ حَوْلَ أَلِيشَعَ» (2مل6 :17).

الصمت من العلامات المميزة للهدوء:

الصمت من الوسائل الهامة في الحياة الروحية، ففيها تتحد النفس بالله، «لأَنَّهُ هَكَذَا قَالَ لِي الرَّبُّ: «إِنِّي أَهْدَأُ وَأَنْظُرُ فِي مَسْكَنِي كَالْحَرِّ الصَّافِي عَلَى الْبَقْلِ كَغَيْمِ النَّدَى فِي حَرِّ الْحَصَادِ» (إش18 :4)، فينعكس سكون الله على الروح فتسكن، وتصير في هدوء عظيم كالحر الصافي وكغيم الندى.

الهدوء من سمات الحياة الرهبانية:

غاية الحياة الرهبانية الانسحاب بالخروج قلبيًا من العالم، وحفظ الحواس هادئة؛ لتنعم النفس بالسكينة للتأمل في الإلهيات، فارتباكات الحياة تفقد النفس قدرتها على التمتع والشبع بالله. جاء في بستان الرهبان عن القديس أرسانيوس معلم أولاد الملوك، أنه عندما أتى إلى الإسقيط، كان يداوم على الصلاة والتضرع إلى الله؛ لكي يرشده إلى ما ينبغى له أن يعمل، وكيف يتدبر؟ فجاءه صوت يقول له: [يا أرسانيوس .. إلزم الهدوء والبعد عن الناس وأصمت وأنت تخلص]. وبهدوئه، صرخ الشيطان: [أحرقتنى أيها الشيخ بكثرة هدوئك واتضاعك].

الإنسان الذي يفكر بهدوء يصل إلى قرارات سليمة مرضية، بينما الذي يفكر في انزعاج، يخطئ كثيرًا في قراراته، ويتكلم كثيرًا ولا يفي في وعوده لأنها تأتي بتسرع وغير مدروسة. فنستطيع أن نقتني حياة الهدوء بالصلاة، كذلك محاولة الجلوس في أماكن هادئة، والتردد على الأديرة للخلوات، والتدريب على حياة الصمت وعدم الكلام إلاَّ للحاجة، كما يقول سليمان الحكيم: «تُفَّاحٌ مِنْ ذَهَبٍ فِي مَصُوغٍ مِنْ فِضَّةٍ كَلِمَةٌ مَقُولَةٌ فِي مَحَلِّهَا» (أم25 :11).




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx