اسم المستخدم

 

كلمة المرور

 

    
 
بحث
اللغه
select
السة 4830 أكتوبر 2020 - 20 بابه 1737 ش     العدد كـــ PDFالعدد 41-42

اخر عدد

أستاذ وتلميذ وزميل

قداسة البابا تواضروس الثانى

30 أكتوبر 2020 - 20 بابه 1737 ش

تقدم لنا شخصيات الكتاب المقدس نماذج إنسانية متنوعة، تحمل صفات وسمات يمكن أن تكون نبراسًا عبر الأجيال لمن يريد أن يحيا حياة سليمة، من بين هذه الشخصيات هناك ثلاثة أسماء ظهرت معًا على مسرح التاريخ في بداية الكنيسة المسيحية في القرن الأول الميلادي. ورغم التفاوت الكبير بين هذه الشخصيات ومكانتها ودورها الإنساني الذي يمكن ان نتعلم منه الكثير والكثير، إلّا أنها تقدم لنا ثلاثة نماذج إنسانية يمكن أن نقتني فضائلهم ونسلك في حياتنا كما سلكوا ونجحوا...

الأول الأستاذ وهو غمالائيل أفضل معلم للناموس في التاريخ اليهودي.

معني اسمه "جمال الدين" أو "مكافأة الله"، وهو حاخام يهودي، عضو في مجلس السنهدريم، وهو فريسي، وأحد كبار المعلمين اليهود في القرن الأول الميلادي.

كما كان أحد أساتذة بولس الرسول العظام في دراسة الشريعة اليهودية (أعمال22: 3). وقد كان اليهود غاضبين من انتشار المسيحية كعبادة جديدة، وتآمروا لقتل أتباعها الذين يضلّون آخرين بحسب فكرهم. أمّا غمالائيل فقد وقف ضد هذا الفكر السائد وقتها وحذرهم «.. إن كان هذا الرأي أو هذا العمل من الناس فسوف ينتقض، وإن كان من الله فلا تقدرون أن تنقضوه لئلا توجدوا محاربين لله أيضًا» (أعمال5: 38).

وبذلك كان أول شخص من اليهود يطالب برفع القيود عن رسل المسيح والكفّ عن اضطهادهم، وحجته أن عمل الرسل إن كان إنسانيًا فهو سيسقط بطبيعة الحال ويفشل، أمّا إذا كان عملًا إلهيًا فمن حق الرسل أن يستمروا وينجحوا لأن مقاومة ارادة الله شر (أعمال5: 34-39).

لقد كان هذا الرجل إنسانًا عالمًا في القانون، وذا قدر كبير من الاحترام، كما كان لديه الشجاعة أن يعلن رأيه ويعبّر عنه، ولم يكن متسرعًا في الحكم عمّا يقوم به الآباء الرسل.

إن الصفة الأساسية في هذا الرجل هي الشجاعة المتسمة بالحكمة ودون تسرُّع أو تهوُّر، وهي صفة يحتاجها كل إنسان ليكسب احترام الجميع، ويكون صادقًا مع نفسه، ولا يسقط في خطايا التهوُّر والتسرُّع.

الثاني: التلميذ؛ وهو بولس الرسول، أحد تلاميذ غمالائيل المعروفين بالغيرة والحماس ليهوديته، وقد اضطهد المسيحيين دون هوادة. ومن المدهش أنه بينما امتنع أستاذه عن الحكم على المؤمنين واضطهادهم، قفز هو وطاردهم بلا رحمة في أورشليم وخارجها!

لقد كان شاول الطرسوسي صارمًا كفريسي يهودي متشدد، وكان العلم الذي تعلّمه سببًا في مفاهيم عقلية متطرّفة قادته إلى سلوك عنيف ضد المسيحيين، وكان عدم تسامحه قائمًا على إحساسه القوي "أنا على حق وأنت على خطأ"، ولذلك رفض التفكير في وجود أي احتمال -ولو بعيد- أن يكون هو خطأ، فاضطهد المؤمنين بقسوة، وألقى الكثير منهم في السجن بأعداد متزايدة.. أما هم -المؤمنون- فكانوا يصلّون من أجله وليس ضده، وبذلك تمّموا وصية السيد المسيح «أحبوا أعداءكم. باركوا لاعنيكم. أحسنوا إلى مبغضيكم. وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم» (متى5: 44).

وفي طريقه إلى دمشق قابل الرب يسوع الذي سأله «لماذا تضطهدني؟»، وهنا اعتبر السيد المسيح أن ما فعله شاول من اضطهادات موجّهة إلى المسيح شخصيًا، وكأن غمالائيل كان صادقًا حين قال إنه يحارب الله نفسه.

أمّا شاول فقد تحوّل وتغيّر وتجدّد وصار بولس الرسول، لأنه فتح قلبه أمام محبة المسيح ورحمته، ونال حياة جديدة، بصيرة جديدة، مهمه جديدة، وصار عملاق الكرازة، صاحب أجمل أنشودة عن المحبة في (1كورنثوس13).

الثالث: برنابا؛ زميل الدراسة مع بولس الرسول:

ومعنى اسمه ابن الوعظ / ابن التعزية / ابن التشجيع.

وقد عاش طفولته في قبرص، ونشأ في أسرة أرستقراطية تجمع بين الثقافة اليونانية والحرية الوثنية والتربية اليهودية، وقد تلقى العلم والدين في أورشليم عند غمالائيل، وهناك التقى به شاول الطرسوسي، فتتلمذا معًا كما يقول القديس يوحنا ذهبي الفم.

بلا شك اكتسب شاول الطرسوسى مقدارًا كبيرًا من الخبرة والحب بسبب علاقة الزمالة مع برنابا، وبينما كان التلاميذ حذرين متشكِّكين من شاول، مدّ برنابا يده ليشجعه ويضمه إليهم. فكان لبرنابا الفضل الأكبر في تقديم بولس الرسول إلى بقية التلاميذ. وهذه مخاطرة كبيرة خاصة مع ما هو معروف عن تاريخ شاول الطرسوسي العنيف، ولكن برنابا كان يخاطر بدافع الرحمة والعطف والتشجيع في محبة الله.

وفي موقف آخر حين اعترض بولس الرسول على برنابا في مصاحبة مار مرقس في الرحلة الثانية لبولس الرسول، ولكن برنابا أصرّ أن يعطي مار مرقس فرصة ثانية... وقد كان إذًا، اصطحب بولس الرسول سيلا معه، وأخذ برنابا الرسول (أحد السبعين رسولًا) مار مرقس معه.

لقد تصرف برنابا بسبب ثقته في الله القادر أن يستخدم كل إنسان في خدمته. أو بصورة أخرى أن برنابا لم ينظر إلى كيف كان هذا الشخص؟ أي إلى ماضيه أو ضعفاته أو سلبياته (مثل بولس الرسول أو مار مرقس الرسول)، بل نظر كيف يمكن أن تعمل نعمة الله ورحمته وتستخدم الإنسان ليكون ناجحًا وفعّالًا. لم ينظر إلى الوراء، بل نظر إلى المستقبل.

وهكذا نتعلم من هذه الشخصيات الثلاث...

غمالانيل المُعلّم: رجل الشجاعة والإقناع الهادئ، بلا أي تسرُّع أو تهوُّر.

بولس الرسول: رجل التجاوب مع نعمه الله رغم ماضيه السلبي بلا رجعة أو سقطة.

برنابا الرسول: رجل التشجيع، وصاحب مدرسة الفرصة الثانية بلا تردُّد أو يأس.




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق  
موضوع التعليق  

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx