اسم المستخدم

 

كلمة المرور

 

    
 
بحث
اللغه
select
السة 4830 أكتوبر 2020 - 20 بابه 1737 ش     العدد كـــ PDFالعدد 41-42

اخر عدد

سقطت سقطت بابل العظيمة (رؤيا18)

القس ابراهيم عازر

30 أكتوبر 2020 - 20 بابه 1737 ش

يذكر سفر الرؤيا مدينة تُدعى «بابل العظيمة»‏ (‏رؤ 17‏)، ويتنبأ عن سقوطها كآخر مرحلة من مراحل نهاية الشر. فمن هي بابل هذه "التي سقوطها هو نهاية الشر والشرير"؟ هل هي بابل التاريخية والتي سقطت قديمًا؟ أم هي بابل الحالية والتي تغيرت ملامحها ومعالمها؟ أم هي كيان سياسي جديد، مرتبط بضد المسيح، سوف يأتي في نهاية الأيام؟

من المعروف أن القديس يوحنا وهو يكتب سفر الرؤيا كان يلجأ لبعض أحداث العهد القديم، فيستخدم تعبيرات وصورًا تاريخية من العهد القديم، أحداث متعلقة بتاريخ شعب الله، محفورة تفاصيلها ونتائجها في ذهن قارئ العهد القديم. وبهذه الطريقة جعل القديس يوحنا المعنى أكثر وضوحًا، إذ ربطه ببعض الصور التي حدثت فعلًا قديمًا، وبهذا أزال بعضًا من الغموض المرتبط بالرمزية الكتابية في ذلك السفر النبوي. وأحد من اشهر هذه الصور الكتابية، هي مدينة بابل.

"بابل" هو الاسم الذي يُطلق على مدينة ضد المسيح في سفر الرؤيا. والتي تلطخت بدماء شهداء المسيحية عبر العصور (رؤيا 17). جاء ذكر بابل أكثر من 200 مرة في العهد القديم. أول اشارة لها، كانت "برج بابل"، هذا البناء الذي يعلن تحدي الإنسان لله، إذ أراد -في غطرسته وكبرياء- أن يكون مساويًا الله (رأس البرج يلمس السماء)، حيث لأول مرة يستخدم الناس الطوب بدلًا من الحجر «وكان لهم الحُمَر مكان الطين» (تك11). لقد استخدموا مواد من صنع الإنسان، وكأنهم يعلنون أنهم لم يعودا يعتمدوا على الله أو يحتاجون إليه أو يكترثون به. فهى إعلان عن التحرر الكامل من الله وسلطانه.

كما أن في بابل قام أول تنظيم للعبادات الوثنية ممتزجة بالزني وخطايا الجسد، كأحد أهم طقوسها. فصارت بابل ترمز لكل نفس متمرده، كل كيان يتحد ضد الله (سياسي، اجتماعي). كل نفس غير أمينة، وخائنة لعريسها، غير منتبهة لزيت مصباحها. بابل هنا إشارة لشعوب وقبائل وأمم تعلن عدم احتياجها لله، وتبني لنفسها وسائل حماية وأمان، لتكون بديلًا عن الله. كما أن بابل في تاريخ الكتاب المقدس، هي عاصمة ثالث الممالك، بعد الإمبراطوريتين المصرية والآشورية.‏ وقد كان لها دور بارز ومحوري في اضطهاد شعب الله. لقد دمَّرت أورشليم عام ٦٠٧ق.م،‏ وأحرقت الهيكل، وعطلت الذبيحة، ثم سَبَت الناجين إلى بابل. عاملت شعب الله بوحشية وقساوة، فأضافت -بجانب تمردها ضد الله، ثم زناها وفسادها- اضطهادها لشعب الله، ومضايقة أولاده، ومحاربة عبادته. لذلك جاء عقاب الله حاسمًا وقويًا. غزت جيوش مادي وفارس مدينة بابل، ودمرتها تمامًا.‏ وصارت المدينة أنقاضًا بعد أن كانت مركزًا للفنون والعلوم. أصبحت خربة وخالية بعد أن كانت رمزًا للجمال والإبداع.‏ انهارت مبانيها وتهدمت هياكلها وانطفأت أنوارها.

وبهذه الصورة يعلن سفر الرؤيا عن نهاية مملكة ضد المسيح والتي يلقّبها بابل العظيمة. والتي تشير لتك الشعوب والجماعات التي صارت ضد الله، أو تجاهلته، ثم في جهلها أتعبت كنيسته. بابل هي تلك النفوس التي اعتمدت على مجدها، وتغنت بقوتها، وافتخرت بإثمها. ثم قالت لله بمعرفتك لا نُسر، وأما صاياك فلا نهتم. بابل هي كل نفس شريرة، وكل جماعة توحدت تحت سلطان إبليس، وصارت لها سمته، واكتست ببهاء العالم ومجده. بابل هي كل نفس خلعت ثوب برها، أو لوّثت بهاء طبيعتها. بابل العظيمة، ستسقط حتمُا، وستصير خرابًا، وسيذبل مجدها وينطفئ بريقها.




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق  
موضوع التعليق  

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx