اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة الخامسة والأربعون10 مارس 2017 - 01 برمهات 1733 ش     العدد كـــ PDFالعدد 9-10

اخر عدد

صُورة التقوى

مثلث الرحمات البابا شنوده الثالث

10 مارس 2017 - 01 برمهات 1733 ش

موضوع تأملنا في هذا اليوم هو قول القديس بولس الرسول: «لهم صورة التقوى، ولكنهم منكرون قوتها» (2تي3: 5).

فمن هم أولئك الذين لهم صورة التقوى وهم ينكرون قوتها؟

ليسوا هم فقط أولئك الذين ذكرهم الرسول القديس في رسالته الثانية إلى تلميذه تيموثاوس. بل تشمل عبارة "صورة التقوى" الكثير من المؤمنين، شعروا بذلك أو لم يشعروا.

صورة التقوى معناها المظهر الخارجي للتقوى أي البر.

أي البر الذي من الخارج، وليس له وجود حقيقي في قلب الإنسان ولا في إرادته. والمعروف أن قيمة الإنسان في جوهره، وليس في مظهره. والإنسان الذي له صورة التقوى، يجب أن يبدو حسب ما ينبغي أن تكون، وليس حسب ما هو كائن فيه.

في العبــَــادة

+ ففي الصلاة الربية مثلًا نقول "اغفر لنا ذنوبنا، كما نغفر نحن أيضًا للمذنبين إلينا". بينما نحن لا نغفر. ولكننا نأخذ لأنفسنا صورة التقوى، وندّعي أمام الله أننا نغفر لمن أذنب إلينا.

وفي صلاة الشكر، نقول لله "نشكرك على كل حال، ومن أجل كل حال، وفي كل حال". وفي واقع الأمر إننا كثيرًا ما نتضجّر ونتذمّر إن اصابتنا ضيقة أو مرض أو خسارة. ولكننا نأخذ صورة الشاكرين على كل حال. ندّعي ما ينبغي أن يكون، وليس ما هو كائن.

وفي المزمور الخمسين، نقول للرب "خطيتي أمامي في كل حين". ولو كانت خطايانا أمامنا حقًا في كل حين، لكنا نحيا في انسحاق القلب، ولا تكون عندنا كبرياء أو افتخار. ولكنها صورة التقوى.

في الواقع إن الكنيسة رسمت لنا أمثال هذه الصلوات، لتكون لنا بمثابة عظة لنا، نتذكر بها ما يجب علينا أن نفعله، لا أن تكون صورة تقوى، نذكر قوتها في حياتنا..

مثال آخر: نحن الآن في بيت الله، لنا صورة القديسين.

من يرانا، يرى فينا المواظبة على الاجتماعات وعلى الترتيل والصلاة. وفي مناسبات أخرى نواظب على القداسات والتناول. ولكن هل نحن في بيوتنا كما نحن في الكنائس؟ أم هي صورة التقوى؟!

يذكّرنا هذا بأسبوع الآلام، نكون في الكنيسة المجللة بالسواد. وما أن نخرج من الكنيسة، حتى نكون في حال مغاير تمامًا! فأين المشاعر التي كانت لنا أثناء صلوات البصخة؟ أكانت هي أيضًا صورة التقوى؟!

لو كانت لنا – ونحن خارج الكنيسة –مشاعرنا ونحن داخلها، لكنا نأخذ قوة العبادة في ذلك الأسبوع.

+ في الصوم أيضًا، هل لنا صورة التقوى؟

هل نكتفي بمجرد التزامنا بالطعام النباتي، بينما نأكل فيه أطعمة شهية متعددة، لها صورة التقوى في أنها نباتية، ولكن ليست لها القوة التي في ضبط النفس والزهد فيما تشتهيه.. هوذا أمامنا مثال من صوم دانيال النبي إذ يقول «كنت نائحًا ثلاثة أسابيع أيام. لم آكل طعامًا شهيًا، ولم يدخل في فمي لحم ولا خمر، ولم أدّهن..» (دا10: 2، 3).

الســّــلام:

ما أكثر استخدامنا لكلمة السلام: في تحياتنا وفي خطاباتنا، وفي كنائسنا. بل نقول في قداساتنا: "اجعلنا مستحقين كلنا يا سيدنا أن نقبّل بعضنا بعضًا بقبلة مقدسة.." فهل لنا هذا الحب وهذا السلام في معاملاتنا، أم هي صورة التقوى؟ أم نسلّم على بعضنا البعض، وفي القلب ما فيه؟!

وهل عندما يقول أحدنا لشخص آخر "الله يسامحك"، يقولها من كل قلبه، أم بصورة التقوى؟!. وكذلك مطانياتنا: هل تنحني فيها نفوسنا كما تنحني أجسادنا، أم هي صورة التقوى؟

الخدمة:

كم عندنا من الخدام؟ في القاهرة وحدها حوالي ثلاثين ألفًا ولكن هل خدمة كل منهم لها قوتها، أم لها صورة التقوى؟

لو كانت خدمتنا لها قوتها، ما كان يمكن انتشار أصحاب البدع مثل شهود يهوه والسبتيين، وما كانت تستطيع الطوائف الأخرى أن تأخذ من أولادنا. ولوجدنا نهضة حارة في كنيستنا.

أنظروا إلى تلاميذ المسيح كمثال: ظهرت لهم ألسنة منقسمة كأنها من نار، واستقرت على كل واحد منهم. فامتلأ الجميع من الروح القدس (أع2: 3، 4). واشتعلوا بالنار المقدسة، وانتشرت نيرانهم في كل مكان، واشتعل العالم نارًا. إنها الخدمة القوية الملتهبة. وأيضًا الكلمة الحية التي كسيف ذي حدين. خدمة لها قوتها وتأثيرها. قوتها في ذاتها، وتأثيرها على الغير.

خادم واحد كبولس الرسول، كم وكم كان تأثير خدمته.

الإيمَان:

سؤال عميق يقدمه القديس بولس الرسول، يقول فيه: «جربوا أنفسكم: هل أنتم في الإيمان؟ امتحنوا أنفسكم» (2كو13: 5).

كلنا ندّعي أننا مؤمنون. ويبدو أنه إيمان له صورة التقوى!

+ فلنفحص ماذا يقول الكتاب عن الإيمان الحقيقي: يقول إن الإيمان بدون أعمال هو ميت (يع2: 17، 20). ويتحدث الرسول عن «الإيمان العامل بالمحبة» (غل5: 6). وأن الإيمان يجب أن تكون له ثمر «وكل شجرة لا تصنع ثمرًا جيدًا، تُقطع وتلقى في النار» (مت3: 10). فما هو إيمانك؟ ما علاماته وما ثمره؟ أم له صورة التقوى؟

+ أنت تؤمن أن الله موجود في كل مكان. أفما تستحي أن تفعل الخطية قدامه؟! وتؤمن أنه يقرأ الأفكار ويفحص القلوب، ومع ذلك تشتهي بفكرك وقلبك ما هو عكس مشيئته! ثم تقول في المزمور «والشر قدامك صنعت» (مز51: 4). فلماذا إذًا صنعته؟ ما كنت تحسّ بوجود الله آنئذ. إذًا كان إيمانك مجرد صورة للتقوى.

تقول إن الله قادر على كل شيء. ثم تشكّ في إنقاذه لك من ضيقتك وتخاف! كما خاف بطرس الرسول وهو ماشٍ مع الرب على الماء. فقال له الرب «يا قليل الإيمان، لماذا شككت؟» (مت14: 31). حقًا متى وُجِد الشك والخوف، يكون الإيمان في صورة التقوى. لأن المرتل يقول في المزمور «إن سرت في وادي ظل الموت، لا أخاف شرًا، لأنك أنت معي» (مز23).

شخص آخر يجحد الشيطان، ومع ذلك يتبع الشيطان ويطيعه! يقول "اذهب يا شيطان" بلا قوة! وفي محاربته يرشم الصليب، وأيضًا بلاقوة! لأنه في صورة التقوى.

أو إنسان يقول أنه يؤمن بأفضلية السماء (في1: 23)، ومع ذلك يخاف – في مرضه – أن يذهب إلى السماء!

كل إيمان مهتز، هو إيمان له صورة التقوى وينكر قوتها.

+ أنت أيضًا تؤمن أنك ابن الله، وتدعو الله أباك في الصلاة الربية.

فهل أنت تسلك كابن لله، أو تعامل الله كأب؟ أم أن ألفاظ البنوة والأبوة لها عندك صورة التقوى؟! اسمع إذًا ماذا يقوله الكتاب في معنى عبارة البنوة لله:

يقول: «كل من وُلد من الله، لا يخطئ. بل المولود من الله يحفظ نفسه، والشرير لا يمسه» (1يو5: 17). بل يقول أكثر من هذا إنه «لا يستطيع أن يخطئ، لأنه مولود من الله. بهذا أولاد الله ظاهرون» (1يو3: 9، 10). ويقول الرسول أيضًا: «إن علمتم أنه بار هو، فاعلموا أن كل من يفعل البر، هو مولود منه» (1يو2: 29).

بهذه الآيات، وبهذا المقياس، يمكنك أن تعرف هل أنت ابن الله حقًا، أم أنت في صورة التقوى. كل ما تستطيعه هو أن تقول للرب «لست مستحقًا أن أدعى لك ابنًا» (لو15: 21).

وماذا تسمي من لهم صورة التقوى وينكرون قوتها؟

الريَاء:

إنه الرياء كما يسميه رب المجد، وكما حاربه في الكتبة والفريسيين. أولئك الذين قال لهم: «ويل لكم أيها الكتبة والفريسيين المراؤون. لأنكم تشبهون قبورًا مبيضة، تظهر من الخارج جميلة. ومن الداخل مملوءة عظام أموات وكل نجاسة» (مت23: 27).

إن كان الأمر هكذا، فماذا نقول إن كان حتى البياض الذي من الخارج قد سقط أيضًا؟!

إنه المظهر الخارجي الطيب، بعكس الداخل تمامًا.

أمام الناس للإنسان صورة جميلة، وفي حقيقته عكس ذلك.

يحرص على مظهر محترم أمام الناس، وحياته الخاصة السرية مختلفة تمامًا عما يرونه فيه. بل حتى في وقوفه أمام الله، يقول الله: «هذا الشعب يكرمني بشفتيه، وأما قلبه فمبتعد عني بعيدًا» (مر7: 6).

يقول شخص "أنا مسيحي" فهل له رائحة المسيح الزكية (2كو2: 15)؟

وهل له الفضائل المسيحية، أم أنه يُجدف على المسيح بسببه، ويكون عثرة لآخرين! يدّعي الانتساب إلى المسيح بصورة التقوى التي تظهر في رياء لكي تنال مديحًا من الناس. وضميرها في الداخل يبكتها.



  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx