اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة الخامسة والأربعون10 مارس 2017 - 01 برمهات 1733 ش     العدد كـــ PDFالعدد 9-10

اخر عدد

يوم تأكل منها موتًا تموت

نيافة الأنبا سرابيون أسقف لوس آنجلوس

10 مارس 2017 - 01 برمهات 1733 ش

أوصى الرب الإله آدم قائلًا: «مِنْ جميعِ شَجَرِ الجَنَّةِ تأكُلُ أكلًا، وأمّا شَجَرَةُ مَعرِفَةِ الخَيرِ والشَّرِّ فلا تأكُلْ مِنها، لأنَّكَ يومَ تأكُلُ مِنها موتًا تموتُ» (تك2: 16، 17). عصى آدم وحواء وصية الله وأكلا من الشجرة، ففقدا القداسة والبراءة التي خلقهما عليها الله، وصارا تحت حكم الموت والفساد، وليس هما فقط بل وكل الجنس البشري، كما يقول القديس بولس الرسول « مِنْ أجلِ ذلكَ كأنَّما بإنسانٍ واحِدٍ دَخَلَتِ الخَطيَّةُ إلَى العالَمِ، وبالخَطيَّةِ الموتُ، وهكذا اجتازَ الموتُ إلَى جميعِ النّاسِ، إذ أخطأَ الجميعُ» (رو5: 12). ويوضّح القديس بولس كيف تسلّط الشر والفساد على الجنس البشري نتيجة المعصية «الجميعُ زاغوا وفَسَدوا مَعًا. ليس مَنْ يَعمَلُ صَلاحًا ليس ولا واحِدٌ» (رو3: 12).

القديس مكاريوس في عظته الثانية، يشرح تسلط الشر على النفس البشرية بعد السقوط قائلًا: "هكذا حينما تعدّى آدم وصية الله وأطاع الحية الخبيثة، صار مُباعًا أو باع نفسه للشيطان، فاكتست النفس بكل الخليقة الحسية التي صوّرها الله على صورته الخاصة، فاكتست بنفس الشرير مثل رداء... لهذا السبب تُسمّى النفس "جسد ظلمة الخبيث" طالما أن ظلمة الخطية موجودة فيها. لأنها تحيا لعالم الظلمة الشرير، وهي ممسوكة بشدة هناك. لذلك يسميها الرسول جسد الخطية أو جسد الموت قائلًا «ليبطل جسد الخطية» (رو6:6)، وأيضًا «من ينقذني من جسد هذا الموت؟» (رو7: 24)".

القديس بولس البوشي (القرن 13) يشرح لنا في مقالته عن التجسد مفهوم عبارة «موتًا تموت»: "ذلك أن الله لما خلق أبانا آدم وجعله في الفردوس نهاه أن يأكل من عود المعصية قائلًا "في اليوم الذي تأكل منه موتًا تموت"، لم يمت آدم في ذلك اليوم نفسه بل بعد 930 سنة. وقول الله لا يكون باطلًا، بل كما أن الموت المحسوس افتراق النفس عن الجسم لأن بافتراق الأفضل من الأدنى يكون الموت واقعًا بالأدنى. هكذا نفهم الموت المعقول إنه افتراق روح الله من نفس الانسان وهو أشد الموت وأشنعه... فعند أكله من الشجرة نزع الله منه في ذلك الوقت روح قدسه وفرّقها عن نفسه التي بها كان سبب حياته الأبدية مع الله، وكان متصلًا مع القدرات العقلية الغير متجسدة وحيًّا مع الله دائمًا. فمات بحق ذلك اليوم الموت المعقول لقول الله الصادق "إن في اليوم الذي تأكل منه موتًا تموت". ثم بعد الموت المعقول حَكَم عليه بالموت المحسوس قائلًا له: "إنك تأكل خبزك بعرق جبينك حتى تعود إلى التراب الذي أُخِذت منه، لأنك تراب وإلى التراب تعود" (تك3: 19). فكأن رجاء الحياتين قد انقطع منه جميعًا أعني الحياة الأبدية مع الله والحياة الزمنية أيضًا. فعاش كمثل حياة البهائم، فأُخِذ ذلك المجد والبهاء الذي كان له أولًا ثم مات ورجع إلى ترابه كقول الله. وهكذا نسله من بعده صائرون إلى التراب مثل أبيهم".

الإنسان عندما أكل من الشجرة مات الموت الأبدي بانفصاله عن الله وصار هو ونسله كله تحت حكم الموت والفساد، ولم يقدر الإنسان ببره أن يعود إلى الحياة. فكما يقول القديس بولس البوشي "وكل من أتى من نسله (آدم) من النبيين والصِدِّقيين لم يقدر أحد منهم بالجملة أن يوصِّل إلينا الحياة الأبدية لكونها لم تكن في جوهره، بل هو ماكث تحت هذا الحزن الواحد كمثل كافة البشر، لأن الحياة التي بلا انتهاء لم تكن إلّا للذي بلا ابتداء لكونه خارجًا عن الطريقين، أي الابتداء والانتهاء، فلم يكن كذلك إلا الله الكلمة".


  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx