اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
السة 4825 ديسمبر 2020 - 16 كيهك 1737 ش     العدد كـــ PDFالعدد 49-50

اخر عدد

قربان الحطب سنةً فسنةً

نيافة الانبا يوسف أسقف جنوب الولايات المتحدة الأمريكية

25 ديسمبر 2020 - 16 كيهك 1737 ش

لما انتهى نحميا من بناء سور أورشليم بدأ في المناداة بالصوم والتوبة للشعب. وبعد صلاة طويلة تذلَّل فيها أمام الله، قطع ميثاق توبة مع الله وكتبه وختم عليه الرؤساء، والكهنة، واللاويون. أما باقي الشعب فدخلوا في قسم وحلف أن يسيروا في شريعة الله، وأن يحفظوا جميع وصاياه، وأحكامه، وفرائضه (نح10). وبعد ذلك قال نحميا: «وألقينا قُرَعًا على قربان الحطب بين الكهنة واللاويين والشعب لإدخاله إلى بيت إلهنا حسب بيوت آبائنا في أوقات معينة سنة فسنة لأجل إحراقه على مذبح الرب إلهنا كما هو مكتوب في الشريعة» (نح10: 34). والحقيقة أنه لم يرد في أسفار موسى النبي أيّة إشارة عن تقديم قربان حطب لإشعال نار مذبح المُحرَقة. لكن موسى أمر الشعب بتقديم زيت زيتون مرضوض نقي لإيقاد السرج (لا24: 2). وكان ترتيب الحطب على النار مسئولية اللاويين: «ويجعل بنو هارون الكاهن نارًا على المذبح ويرتبون حطبًا على النار» (لا1: 7). وكان لابد أن تكون النار «نار دائمة تتقد على المذبح لا تُطفأ» (لا6: 13).

هذا وقد جعل يشوع الجبعونيين -الذين انتزعوا منه بخداع عهدًا لاستحيائهم- محتطبي حطب ومستقي ماء للجماعة ولمذبح الرب. وبعد ذلك عيّن داود النبي "النثينيم" (المكرسين خدام الهيكل) للخدمة (1أخ9: 2)، وكانت مسئوليتهم إعداد الحطب اللازم لنار المذبح. ولما عاد شعب بني إسرائيل من السبي، لم يرجع عدد كافٍ منهم، فقام نحميا بتوزيع عملهم في جمع الحطب على كل فئات الشعب مُتضمِّنًا الكهنة واللاويين. وقد استخدم نحميا القرعة لتحديد من يقوم بجمع الحطب وإعداده على مدار العام سنةً فسنةً (نح10: 34؛ 13: 31). ومنذ ذلك الحين، كان شعب بني إسرائيل يحتفلون بعيد "حمل الحطب" في شهر آب (أغسطس) في اليوم الأخير من العام بحسب التقويم اليهودي. كان هذا العيد يُحفَظ على مستوى الجماعة، وكان يوم فرح لا يصومون فيه، حيث كان كل الشعب من كل الأسباط يقطعون الحطب ويقدمونه إلى الهيكل في هذا اليوم. وفي بعض المصادر التاريخية، يُشار إلى أن الشعب كان يُصعد أيضًا زيت الزيتون لإيقاد السرج في نفس اليوم وبالتالي كان يسمى "عيد تقدمة الزيت والحطب". عمل الاحتطاب هو بلا شك عمل شاق يقتضي مجهودًا كبيرًا، وربما هذا هو السبب الذي جعل يشوع في البداية يوكل هذا العمل الشاق للجبعونيين كعقوبة لخداعهم إياه.

انظروا معي كيف شقّق إبراهيم حطبًا لمحرقة، ثم أخذه ووضعه على إسحق ابنه وذهبا كلاهما معًا لذبحه. وأنصتوا لإسحق يتساءل متعجبًا: «هوذا النار والحطب ولكن أين الخروف للمحرقة؟»، ثم انظروا كيف رتب إبراهيم الحطب على المذبح الذي بناه ثم وضع اسحق فوق الحطب بعد أن ربطه (تك22: 3-9).

ثم عودوا وأنظروا منظر الشعب الصاعد إلى الهيكل حاملًا حزم حطبه على كتفيه كما إسحق الصاعد على الجبل حاملًا الحطب الموضوع عليه من أبيه.

ثم انظروا ثالثة منظر المسيح الذي «خرج وهو حامل صليبه إلى الموضع الذي يقال له موضع الجمجمة ويقال له بالعبرانية جلجثة» (يو19: 17).

والآن، ونحن على أعتاب نهاية عام وبدء عام جديد، ماذا يمكننا أن نتعلم من عيد "حمل الحطب" هذا الذي كان يحتفل به اليهود في آخر يوم من السنة؟ إننا بالتأكيد مُطالَبون أن نقدم قربان حطب سنةً فسنةً لتبقى نار الروح القدس المُطهِّرة متقدة على مذبح قلوبنا لا تُطفأ. مثلما نحن مُطالَبون أيضًا بتقديم الزيت النقي لإيقاد سرج الاستنارة الدائمة.

فيا روح الله القدوس اُعبر إلينا وأعنّا لئلا نكلّ ونخور في نفوسنا. قوِّنا لكي نكمل جهاد الاحتطاب الشاق، فلا نتراءى أمام الله في نهاية العام فارغين، بل اجعلنا أهلًا أن نأتي إليه حاملين أمامه تقدمة حطب إماتاتنا اليومية على مدار العام، فيشتمها كرائحة سرور في محبوبه يسوع المسيح!!




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx