اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
السة 4929 يناير 2021 - 21 طوبه 1737 ش     العدد كـــ PDFالعدد 3-4

اخر عدد

بر الله

القس ابراهيم عازر

29 يناير 2021 - 21 طوبه 1737 ش

تُعتبر رسالة رومية هي قلب إنجيل القديس بولس، والذي هو بالحقيقة إنجيل الرب يسوع المسيح. الإنجيل الذي بشّر به القديس بولس، ودعا اليه القديس بطرس، وكرز به الرسل والتلاميذ، وتحمله الكنيسة للعالم والخليقة كلها. «وَقَالَ لَهُمُ: اذْهَبُوا إلى الْعَالَمِ أَجْمَعَ وَاكْرِزُوا بِالإنجيل لِلْخَلِيقَةِ كُلِّهَا» (مر16: 15).

برّ الله هو الخبر السار والبشاره المفرحة التي تحملها مسيحيتنا، فمسيحنا القدوس جاء ليسكب برّه علينا، حتى يتبرّر كل من هو في الإيمان به. برّ الله هو قوة خلاصه التي تنسكب فينا، فتخلق فينا طبيعة جديدة وتهبنا حياة جديدة. برّ الله هو قوة دمه المخلّصه التي تحرّرنا من العبودية، وتمكّنّا من أن نحيا حياة تليق بأبناء الله. برّ الله هو عطيته الخلاصية المجانية، لأنها لا تُقدَّر بثمن، ولا يقدر إنسان أن يحوز عليها، إذ لا يملك ما يؤهّله أو يُمَكّنه من امتلاك هذا البرّ. برّ الله هي الوسيله الوحيدة التي بموجبها تنسكب بركات الله نتيجة تغيُّر جذري في موقف الإنسان من مذنب ومُدان إلى ناجح ومقبول. برّ الله هو علاج الإنسان الوحيد بعد أن خسر شركته مع الله في آدم الأول، فجاء آدم الثاني ليعيدنا إلى شركه أكثر بهاء ومجدًا. برّ الله هو سر تبريرنا بعد أن غُفِرت لنا خطايانا، ووُهِبنا طبيعة جديدة، وصار لنا شركة مع روحه القدوس. برّ الله هو سرّ ميراثنا الذي لا يفنى ولا يتدنس ولا يضمحل.

برّ الله هو الذي سعى إليه الإنسان بالناموس في العهد القديم، ولكن للأسف كشف الناموس عورته وعرّاه، فظهر خزيه، فثبّت عقوبته وختم عليه بحكم بالموت، جاء المسيح ليسترنا بثوب برّه وقوّة خلاصه. برّ الله هو طريقنا، هو أن تصير لنا دالّة بلا خوف، أن نخاطب أبانا السماوي، نحادثه كأبناء وأحباء لا كعبيد وأجراء، بل وبالأحرى شركاء للميراث الأبدي والمجد الأبدي، لإنه إن كنّا أبناء فنحن ورثة، وراثون مع المسيح.

برّ الله هو أساس كنيسة المسيح، إذا صارت كنيسته بالروح القدس، تجسيدًا لخلاصه، وتكميلًا لرسالته، وينبوعًا لبرّه وتبريره، إذ فيها نصير في المسيح، نتحد به ونوجد فيه ونحيا من خلاله. في الكنيسة يحوز الخاطئ مركزًا جديدًا، ويُنقَل لحالة مجيدة، إذ يولد من الماء والروح (سر المعمودية)، فيُخلع من الجذر القديم (آدم الأول)، ويُغرَس في الجذر الجديد (آدم الثاني، الرب يسوع)، لذلك بعدها مباشرة تنسكب البركات، نعمه الروح القدس (سر الميرون)، كنز البركات ومعطي الصالحات، إذ يسكنه روح الله القدوس، ليصير هيكلًا جديدًا. ولأن البرّ والخلاص هو حياة وبذرة تُغرَس في الإنسان، لذلك ليحتاج قوة متجدّده مستمرة، قوة المسيح نفسه، لتكمل فينا وبنا، فنأتي الكنيسة ونتغذّى جسد المسيح ودمه الأقدسيين (سر الإفخارستيا). ولأننا نحيا في عالم ساقط، وما زال جسدنا العتيق يتربّص بنا، فنحتاج التوبة ومواجهة نفوسنا ومراجعة أهدافنا (سرّ التوبة والاعتراف). والبرّ الذي نناله يثمر فينا فلا يتوقف عندنا، ولكن يقودنا نحو كنيسة صغيرة يسكب الله فيها من خلالنا برّه (سر الزواج)، ثم يوجهنا نحو خدمة باقي الجسد لكي نحمل لهم سر المسيح الذي اختبرناه وتذوقناه (سر الكهنوت).

لذلك التبرير الحقيقي هو أن نكون في المسيح.. على المستوى الفكري نعرفه ونفهم عمله فينا، على المستوى القلبي نحبه ونتواجد في محضره (العبادة والتسبيح والصلوات)، ثم على المستوى السرائري في الكنيسة (الأسرار الكنسية) نتحد به، ثم على المستوى الحياتي نصير بالحقيقة مسيحيين شاهدين لنعمته وحياته فينا.




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx