اعتدنا أن نتحدث عن حياة الإنسان بأنها تبدأ بميلاده وتنتهي بوفاته. ولكن الحقيقة أن حياة الإنسان تبدأ قبل ميلاده ولا تنتهي بوفاته.. وحديثنا يتناول متى تبدأ حياة الإنسان؟

بداية حياة الإنسان

١- الكتاب المقدس يحدثنا عن حياة الإنسان وهو في بطن أمه. القديس يوحنا المعمدان امتلأ من الروح القدس وهو جنين في بطن أمه. كما قال الملاك لأبيه زكريا: «من بطن أمه يمتلئ من الروح القدس» (لو١: ١٥)، وقد تحقق ذلك عندما زارت السيدة العذراء إليصابات والتي قالت لها: «فهوذا حين صار صوت سلامك في أذنيّ، أرتكض الجنين بابتهاج في بطني» (لو١: ٤٤). فالجنين يوحنا في بطن أمه هو كائن حيّ يرتكض ويبتهج ويمتلئ من الروح القدس. والقديس بولس يكشف لنا أن الله أفرزه من بطن أمه ودعاه «ولكن لما سُرَّ الله الذي أفرزني من بطن أمي ودعاني بنعمته» (غلا١: ١٥). وشريعة العهد القديم راعت حق الجنين «إذا تخاصم رجال وصدموا امرأة حبلي فسقط ولدها ولم تحصل أذية، يُغرم كما يضع عليه زوج المرأة، ويدفع عن يد القضاة» (خر٢١: ٢٢).

٢- التقدم العلمي في دراسة حياة الجنين في بطن أمه (علم الأجنّة)، أظهر أن الجنين تبدأ حياته بلقاء الحيوان المنوي والبويضة فيما يُعرَف بعملية الإخصاب Fertilization، فتتكون البويضة المُخصَّبة (Zygote) التي تنمو وتتشكّل حتى يصل الجنين إلى الاكتمال ثم يخرج من رحم أمه. خلية الإنسان بها ٤٦ كروموسوم، أو ٢٣ زوجًا، نصفها من الحيوان المنوي والنصف الآخر من البويضة. زوج الكروموسوم رقم ٢٣ قد يكون XX في الأنثى أو XY في الذكر، ولأن كل بويضة بها كروموسوم X، بينما الحيوان المنوي قد يحمل كروموسوم X أو Y، فالذي يحدد جنس الجنين هو الأب وليس الأم. وتحمل الكروموسومات الجينات التي تحدّد صفات الإنسان، أي أن الإنسان يتحدد مثلاً إن كان ذكرًا أو أنثي ليس عندما يُولِد ولا عندما نشاهد أعضاءه وهو جنين بالسونار، ولكن منذ لحظة الإخصاب.

لذا فإن بداية حياة الإنسان هي لحظة الإخصاب وتكوين البويضة المُخصَّبة، وبناء على ذلك:

١- فإن إنهاء حياة الجنين بعد الإخصاب يُعتبر قتلًا لكائن حيّ، ويُعتبر الإجهاض جريمة قتل مهما كان عمر الجنين.

٢- في استخدام وسائل تنظيم الأسرة، أي وسيلة تؤدي إلى قتل البويضة المُخصَّبة (مثل الوسائل التي تمنع التصاق البويضة المُخصَّبة بجدار الرحم) تُعتبَر وسائل غير مقبولة كنسيًا لأنها تقتل كائنًا حيًّا هو البويضة المخصبة.

٣- في علاج العقم عن طريق أطفال الأنابيب، لا يكفي أن يكون الحيوان المنوي من الزوج والبويضة من الزوجة، بل أيضًا معرفة مصير البويضات المُخصَّبة التي لا تُستخدَم، أمر هام كنسيًا، فهي كائنات حية لا يجوز قتلها أو استخدامها في أغراض الأبحاث العلمية.