اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
السة 4926 فبراير 2021 - 19 امشير 1737 ش     العدد كـــ PDFالعدد 7-8

اخر عدد

يصنعن مخدات لرأس (1)

نيافة الانبا يوسف أسقف جنوب الولايات المتحدة الأمريكية

26 فبراير 2021 - 19 امشير 1737 ش

يحدثنا الأصحاح 13 من سفر حزقيال عن أمر الرب له أن يتنبأ على كلٍّ من أنبياء ونبيات إسرائيل الذين يتنبأون من تلقاء ذواتهم دون أن يرسلهم الرب. ومن ضمن ما جلب الويل على تلك النبيات من بنات إسرائيل أنهن كن «يخطن وسائد لكل أوصال الأيدي، ويصنعن مخدات لرأس كل قامة لاصطياد النفوس» (حز13: 18). يذكّرنا ذلك بأمر الرب لشعب بني إسرائيل أن يضعوا علامة على اليد وعصابة بين العينين: «ولتكن هذه الكلمات التي أنا أوصيك بها اليوم على قلبك، وقُصّها على أولادك، وتكلم بها حين تجلس في بيتك، وحين تمشي في الطريق، وحين تنام، وحين تقوم، واربطها علامة على يدك، ولتكن عصائب بين عينيك، واكتبها على قوائم أبواب بيتك وعلى أبوابك» (تث8: 6-9).

كانت علامة اليد وعصابة الجبهة تُعرَف باسم "التفيلين" tefillin. وكان اليهود يصنعونها من جلد حيوان طاهر في شكل صندوق صغير جدًا، واحد يربط على الجبهة، والآخر على الجهة الداخلية من الذراع الأيسر. وكانوا ينقشون حرف الـ"شين" بالعبرية على هذا الصندوق الجلدي الصغير حيث أنه أول حرف في كلمة "شدّاي" وهي أحد أسماء الله وتعني "القدير". وكانوا يصنعون للتفيلين شرائط رفيعة من جلد حيوان طاهر، ويخيطونه بـ12 غرزة من خيط مصنوع من أوردة حيوان طاهر. وكانوا يضعون داخل التفيلين رقائق من جلد طاهر يُكتَب عليها بحبر أسود أربعة نصوص من التوراة تخصّ الفصح وافتداء أبكار إسرائيل وهي: (خر13: 1-10، خر13: 11-16، تث6: 4-9، تث11: 13-21). وكانت هذه النصوص تُكتَب على أربعة رقائق منفصلة توضع في عصابة الجبهة، بينما تُكتب جميعًا بالتوازي على رقاقة واحدة توضع في عصابة اليد.

وكانت عصابة الجبهة توضع بين العينين، ويُربط شريطاها خلف الرأس، ثم ينسدل الشريطان على الكتف إلى الأمام لينتهي طرفاهما عند البطن. أما عصابة اليد فكانت توضع على الجهة الداخلية من الذراع الأيسر فوق تجويف الكوع، ويُربط شريطاها خلف الكوع، ثم يُلفان سبعة مرات حول الذراع، ثم ينتهيان بثلاث لفات حول البنصر الأيسر. وبالتالي، تكون هذه العصابة قريبة من القلب عند ثني الذراع.

وارتداء العصائب كان له طقس خاص. فكان يرتديها الرجل عندما يبلغ سن الثلاثين. وكان يرتديها يوميًا طوال فترة النهار، ويخلعها أثناء النوم بالليل. وبمرور الوقت اقتصر ارتداؤها على الصلوات الصباحية. ولم يكن يرتديها في أيام السبوت، والأعياد، والأهلة لأن تلك المناسبات كانت في حد ذاتها علامات، وبالتالي لم تكن توجد حاجة للعصائب كعلامات. ولم يكن يرتديها أيضًا لا في المقابر، ولا الأماكن غير الطاهرة. 


وكان اليهودي يرتديها وهو واقف، ويُقبّلها بكل وقار قبل ارتدائها وبعد خلعها. وكان يتلو صلاة للبركة تخصّ عصابة الجبهة، وأخرى تخص عصابة اليد اليسرى. وبينما تُلَّف أطراف عصابة اليد ثلاث مرات على البنصر الأيسر كان اليهودي يتلو: «وأخطبكِ لنفسي إلى الأبد. وأخطبكِ لنفسي بالعدل والحق والإحسان والمراحم. أخطبكِ لنفسي بالأمانة فتعرفين الرب» (هو2: 19-20)، ويتلو: «وأما أنتم الملتصقون بالرب فجميعكم أحياء اليوم» (تث4:4) وهو يلف الطرفين سبعة مرات على الذراع الأيسر. أمّا خلعها فكان يتم بترتيب معين، حيث يحل اليهودي البنصر الأيسر أولًا، ثم يخلع عصابة الرأس، ثم يعود ليستكمل خلع عصابة اليد اليسرى.

ولم يكن يُسمَح لليهودي وهو يرتدي العصائب أن يفكر في أي شيء غير مقدس، بل كان يجتهد أن يركز أفكاره في الله، كما لم يكن يُسمَح له بعمل أي شيء غير مقدس بينما هو مرتديها. وكانت تلك العصائب تميّز اليهود كجنس مختار مقدس لله.

ونرى في العهد الجديد أن السيد المسيح وبّخ الكتبة والفريسيين لأنهم: «يُعرِّضون عصائبهم، ويعظّمون أهداب ثيابهم» (مت23: 5). وتعريض العصائب كان بمثابة مبالغة في ادّعاء الفريسيين تكريسهم لله، بينما كانوا مرائين ومملوئين نجاسة.

وبالعودة إلى حزقيال 13، نجد أن بنات إسرائيل اللواتي كُنّ يدَّعين النبوة، كُنّ يخطن عصائب زائفة لليد وللجبهة تُشبه الأحجبة التي تحتوي على تعاويذ سحرية، تعلَّمن صنعها من الشعوب الوثنية التي اختلط بها شعب بني إسرائيل. وبالتالي، كن يكذبن على الشعب بعرافة باطلة وتقليد زائف لعصائب الرب.

ومن العجيب أيضًا، أن سفر الرؤيا يذكر لنا أن سِمَة الوحش تُصنع للجميع «على يدهم اليمنى أو على جبهتهم» (رؤ13: 16). وهذه صورة ثانية للتقليد الزائف الخادع لعصائب الرب التي كانت علامة عهد وتكريس بين الله والإنسان. إنه مسيح كاذب مُزوَّر يحاول تقليد مسيحنا الخَتَن الحقيقي. ولكن كيف للظلمة أن تتشبّه بالنور؟ وكيف للموت أن يدّعي منح عهد حياة؟!

يا لعظمة أسرار الكتاب المقدس! فلنتأمل معًا كيف اعتنى الرب أن يؤكد لنا نحن شعب اقتنائه منذ القدم على محبته الأبدية لنا، مذكِّرًا إيّانا على الدوام بعهد تكريسنا له. إنه الكلمة الذي يلتصق بنا بعهد خطبة أبدي فيقدس الفكر والقلب. إنه الله الثالوث: الآب القدير إيل شدّاي، والابن الكلمة خروف الفصح، والروح القدس العامل في أسرار الكنيسة السبعة!! والآن لا يسعنا إلّا أن نهتف مع الرسول قائلين: «أيّ شكر نستطيع أن نعوِّض إلى الله» (1تس3: 9).




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx