اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
السة 4926 فبراير 2021 - 19 امشير 1737 ش     العدد كـــ PDFالعدد 7-8

اخر عدد

الخادم وروح الأبوة (3)

القس أنطونيوس فهمى - كنيسة القديس جوارجيوس والأنبا أنطونيوس - محرم بك

26 فبراير 2021 - 19 امشير 1737 ش

سبق وتحدثنا عن الخادم وروح الأبوة، ورأينا كم يجب أن يتحلّى الخادم بروح الأبوة، ورأينا كيف أن مصدرها من الله، وتوقفنا عند نموذجين للأبوة مُمثَّلين في شخصية أبينا إبراهيم وداود النبي. ونستكمل الحديث مع:

3) معلمنا بولس الرسول

رأينا كيف أنه قبل أن يقدّم كرازته وتعاليمه، يقدم أبوته التي من خلالها يثق أن تعاليمه ستُقبَل كما فعل مع أهل غلاطية وخاطبهم كأولاده الذين يتمخّض بهم إلى أن يتصور المسيح فيهم (غل4: 19).

ورأيناه مع أهل تسالونيكي يقدم لهم نفسه مثل المرضعة الحانية، حين خاطبهم «هكذا كنّا مترفّقين في وسطكم كما تربّي المرضعة أولادها، هكذا إذ كنّا حانّين إليكم كنّا نرضى أن نعطيكم لا إنجيل الله فقط، بل أنفسنا أيضًا»، ليقدم الرسول نفسه كمرضعة مملوءة حنوًا على أطفالها الصغار بقلب متسع للجميع.

هكذا يحنو الرسول على شعب الله كأولادٍ له، وكأنه الطير الذي يحتضن صغاره، أو بالحري يحمل سمات سيده في حنوه نحو الكنيسة واهتمامه بأمورها.

خلال هذا الحب الأبوي أو الوالدي في الرب كان الرسول يقدم لهم إنجيل الله، لكي يختبروا حب الله العملي خلال الصليب، فيقبلوا البنوة له قبل أن يكونوا أولادًا لبولس.

وهناك مواقف كثيرة وتعاليم في حياة معلمنا بولس تنقل لنا روح الأبوة «فأنكم تذكرون أيها الإخوة تعبنا وكدّنا، إذ كنّا نكرز بإنجيل الله، ونحن عاملون ليلًا ونهارًا، كي لا نثقل على أحد منكم. أنتم شهود الله بطهارة وببرّ وبلا لوم كنّا بينكم أنتم المؤمنين. كما تعلمون كيف كنّا نعظ كل واحد منكم، كالأب لأولاده ونشجعكم، ونشهدكم لكي تسلكوا كما يحق لله الذي دعاكم إلى ملكوته ومجده». خلال هذه الأبوة يجد راحته وفرحه وإكليله في أن يتمتع كل أبنائه بالملكوت والأمجاد الأبدية. وكما يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: "لأنه بالنسبة للمعلم الحكيم، الحياة والراحة والتعزية إنما تكون في نمو تلاميذه".

ومن أروع مواقف معلمنا بولس الرسول مع أنسيموس الذى دعاه «إبني الذي ولدته في قيودي»، ويقدم نفسه كضامن وكشفيع، ويتعهد بقبوله عند صديقة فليمون، ويتودّد بل ويتوسل من أجله «اقبله نظيري... أنا أوفي عنه... الذي كان قبلًا غير نافع لك، ولكنه الآن نافع لك ولي» (فل1: 11).

نتعجب لهذه الأبوة التي حوّلت السارق إلى خادم كارز شاهد للمسيح، إذ اعتبر نفسه مسئولًا ومحاميًا عن خطأ أنسيمس، وتكلم ودافع عوضًا عنه، وضمنه وشهد له بالتوبة والتغيير، وردّه إلى كرامة أكثر من الأولى.

أخي الحبيب.. ما أحوج خدمتنا إلى روح الأبوة التي يحتاجها المخدوم ربما أكثر من كل ما يُقدَّم له.. فاحتياج الأبوة يمثّل صرخة من أعماق المخدوم وسط كل ضغوطه وسقطاته وإحباطه، وكأنه يستميلك ويناديك:

"أحتاج إلى أبوتك ومحبتك واحتمالك وقبولك ومسؤليتك عني..

أحتاج أن أشعر أن لي أبًا يهتم بي ويبحث عني ويطيل أناته عليّ..

أحتاج إلى أب يشجعني رغم إخفاقاتي، ويحتملني رغم تجاوزاتي..

أب يراني أجمل مما أرى نفسي..

أب يقرّب إلى معنى أبوة الله، فأفهم ما أقرأ عنه، وأرى ما سمعته عنه".




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx