اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة الخامسة والأربعون24 مارس 2017 - 15 برمهات 1733 ش     العدد كـــ PDFالعدد 11-12

اخر عدد

محبتك الأولى

نيافة الأنبا باخوميوس مطران البحيرة ومطروح وشمال أفريقيا

24 مارس 2017 - 15 برمهات 1733 ش

من أهم تداريب الصوم أن تراجع حياتك وقلبك وروحياتك لتعرف أين أنت من محبتك الأولى التي بدأت بها عشرتك مع الله، ففقدان المحبة الأولى كانت نقطة عتاب راجع بها الله ملاك كنيسة أفسس، فقد مدح الرب أتعابه، وذكر له سبعة أمور زينت حياته بالفضائل (أعماله وتعبه وصبره وبغضته للأشرار واحتماله وصبره وتعبه في العمل والخدمة - رؤ2: 2-3)، إلّا أن كل هذه لم تكن مقبولة أمام الله مع ضعف المحبة الأولى.. فالله يهتم أولًا بالقلب وبمقدار النمو في المحبة أكثر من الانشغال بالخدمة.

والمحبة الأولى في حياة كل منا تحمل لونًا من الجدية والنشاط الذي يدفعه الحب، فنجتهد في التسبيح والحرص علي تكميل ارادة الرب والخدمة والعطاء..الخ، وعندما نفقد المحبة الأولى قد تستمر أنشطتنا الروحية ولكنها تفقد حرارتها الأولى، فتبقى الصلاة ويبقى معها الكسل والفتور، ويبقى الصوم ولكن يبقى معه عدم الحرص الروحي والممارسات النسكية والاقتراب من جسد الرب، وتبقى الخدمة ولكن دون رغبة في العطاء وركون إلى الكسل... وهكذا تتسرب إلى حياتنا الكثير من الخطايا دون أن ندري.

والله لا يرضى بهذه الصورة، لذلك نجده يحدث ملاك كنيسة أفسس في عتاب أن يفحص نفسه هل هو باقٍ على محبته الأولى؟ والعتاب مُوجَّه لنا جميعًا لنراجع حياتنا بروح الاتضاع، والحرص على خلاص النفس، فالذين يتركون محبتهم الأولى مهما كانت خدمتهم يتراجعون في روحياتهم، وهذا أمر يحزن الرب. ألّا أن الله يفتقدهم بحب وعتاب، مناديًا لهم بثلاثة امور «اذكُرْ مِنْ أين سقَطتَ وتُبْ، واعمَلِ الأعمالَ الأولَى» (رؤ2: 5).

1) اُذكر: والتذكر يحمل معنى الفحص والجدية التي يجب أن نهتم بها في حياتنا الروحية، فنحتاج جميعًا أن نفحص حياتنا وتدبير محبتنا لنكتشف تهاوننا في روحياتنا، أو محبتنا للراحة، أو الدخول في علاقات أو صداقات تعطل خلاصنا... الخ.

2) تُب: وعندما تدرك نقطة ضعفك التي بسببها فقدت محبتك الأولى، ارجع إلى الله كما فعل الابن الضال، لأننا في مرات كثيرة نكتشف أخطاءنا لكننا لا نتوب عنها، بل قد نلقي باللوم على الآخرين.. أو ربما نؤجل توبتنا.. أو قد نقع في يأس بسبب تكرار خطايانا وركوننا إلى الضعف.. الخ.

3) اعمل الأعمال الأولى: ولكي نعود لغيرتنا ومحبتنا الأولى نحتاج أن نصنع شيئًا، فكثيرون يكتفون بالمشاعر تجاه الله دون أن يصنعوا شيئًا يغيّر من حياتهم، ولكننا نتعلم من الوصية ومن حياة آبائنا القديسين أننا ينبغي أن نصنع شيئًا. فالرب يسوع يقول «أبي يَعمَلُ حتَّى الآنَ وأنا أعمَلُ» (يو5: 17). وفي حياة كل الآباء كان عليهم أن يصنعوا شيئًا ليعبّروا عن محبتهم للرب، فبطرس ترك سفينته ومضى وراء الرب، وموسى الأسود ترك خطيته وعاش بين الآباء الرهبان، ونحن علينا أن نغلب ضعفنا البشري وأفكارنا الردية وكسلنا وتهاوننا.. ونجتهد لنعود لمحبتنا الأولى.

تذكر أيضًا أن هناك دائما مكافأة سماوية لمن يحتفظ بمحبته الأولى «مَنْ يَغلِبُ فسأُعطيهِ أنْ يأكُلَ مِنْ شَجَرَةِ الحياةِ »(رؤ2: 7)، وهناك أيضًا عقوبة إلهية ان لم نعد لهذه المحبة «وإلّا فإنّي آتيكَ عن قريبٍ وأُزَحزِحُ مَنارَتَكَ...» (رؤ2: 5).

في حياتك الروحية أثناء الصوم، لا تسلك بالاكتفائية وترضى بالممارسات الخالية من الحب، بل انظر إلى القامات التي سبقتك في طريق الملكوت، لذلك جيد أن تهتم بقراءة سير الآباء القديسين، فهي ستعينك في طريق جهادك لتستعيد محبتك وغيرتك الأولى.



  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx