اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة الخامسة والأربعون24 مارس 2017 - 15 برمهات 1733 ش     العدد كـــ PDFالعدد 11-12

اخر عدد

«لَيْسَ لِي إِنْسَانٌ» (يو5: 7)

القمص بنيامين المحرقي

24 مارس 2017 - 15 برمهات 1733 ش

وجّه السيد المسيح سؤالًا إلى مريض بِرْكة بيت حِسْدا: «أتريد أن تبرأ؟» (يو5: 6). فجاءت إجابته: «يا سيد، ليس لي إنسانٌ يُلقيني في البِرْكة متى تحرَّك الماء...» (يو5: 7).

علّق هذا المفلوج شفاءه في البشر، في انتظار إنسانٍ يلقيه في البركة عندما ينزل الملاك، فينال الشفاء. ولكن: «لاَ تَتَّكِلُوا عَلَى الرُّؤَسَاءِ وَلاَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَيْثُ لاَ خَلاَصَ عِنْدَهُ... طُوبَى لِمَنْ إِلَهُ يَعْقُوبَ مُعِينُهُ وَرَجَاؤُهُ عَلَى الرَّبِّ إِلَهِهِ» (مز146: 3- 5).

+ ليس لي إنسان: فالناموس يعجز عن تقديم الشفاء. موسي قدم لشعب الله أسفار الناموس الخمسة ولكنه لم يستطيع أن يدخلهم أرض المعياد، لم يدخلوا إلّا مع يشوع الذي هو رمز ليسوع المسيح .وهكذا يكون حال هذا الرجل المفلوج هو حال البشرية التي لم تستطع أن تنال الخلاص والشفاء إلّا بيسوع المسيح. هدف التجسد الإلهيّ هو شفاء البشرية، نناله بالتوبة والمعمودية والأعمال المتعلقة بالشفاء. فالشفاء الإلهيّ جزء متمّم لعمل المسيح الخلاصي فينا، فالسيد المسيح، هو "شفاؤنا كلنا". ويقول أيضًا القديس مقاريوس الكبير: [يقول الرب مظهرًا ضعف وعقم أطباء العهد القديم «عَلَى كُلِّ حَالٍ تَقُولُونَ لِي هَذَا الْمَثَلَ: أَيُّهَا الطَّبِيبُ اشْفِ نَفْسَكَ. كَمْ سَمِعْنَا أَنَّهُ جَرَى فِي كَفْرِنَاحُومَ فَافْعَلْ ذَلِكَ هُنَا أَيْضًا فِي وَطَنِكَ» (لو4: 23). فكأنه يقول لهم: أنا لست مثل هؤلاء الأطباء الذين لا يستطيعون أن يشفوا نفوسهم. بل أنا هو الطبيب الحقيقي «وَالرَّاعِي الصَّالِحُ يَبْذِلُ نَفْسَهُ عَنِ الْخِرَاف» (يو10: 11). وأنا أقدر أن أشفي كُلَّ مَرَضٍ وَكُلَّ ضَعْفٍ فِي النفس (مت4: 23). أنا هو الحمل الذي بلا عيب، الذي قُدِّمَ مرة، وأنا استطيع أن أشفي أولئك الذين يأتون اليَّ. إن شفاء النفس الحقيقي انما هو من الرب وحده كما قال يوحنا المعمدان «هُوَذَا حَمَلُ اللَّهِ الَّذِي يَرْفَعُ خَطِيَّةَ الْعَالَمِ» (يو1: 29)، أي خطية الشخص الذي يؤمن به ويضع رجاءه فيه ويحبه من كل قلبه] (عظة44: 3).

ليس لي إنسان: فالإنسان يعجز على أن يقدم الشفاء. جاء إلى أيوب الصديق أصدقاؤه للتعزية، فتحدثوا معه بأسلوب جارج مؤلم، مقترن بروح الشماتة (راجع أي4: 7؛ 22: 6، 7؛ 15: 22، 28، 32(، هكذا كانت التعزية البشرية! وقد وصفهم أيوب بقوله: «مُعَزُّونَ مُتْعِبُونَ كُلُّكُمْ!» (أي16: 2)، فلا يمكن أن نجد معزيًا لنا في ضيقاتنا سوي الله الذي هو مصدر الشفاء «الَّذِي يَشْفِي كُلَّ أَمْرَاضِكِ» (مز103: 3).. لذلك لا تنشد الراحة والتعزية في العالم أو في الأصدقاء أو في أمور هذه الحياة، ولا تَسْعَ وراء مباهج العالم ومَرَحَه وتهريجه. فالناس كلهم: «مُعَزُّونَ مُتْعِبُونَ!»، فالتعزية الحقيقية هي في الجلوس عند قدمي المسيح كما فعلت مريم.

+ أحيانًا يسمح الله بأن لا يكون لك إنسان: الله يسمح بحرماننا من السند البشريّ، لأنه: «مَلْعُونٌ الرَّجُلُ الَّذِي يَتَّكِلُ عَلَى الإِنْسَانِ وَيَجْعَلُ الْبَشَرَ ذِرَاعَهُ وَعَنِ الرَّبِّ يَحِيدُ قَلْبُهُ» (إر17: 5)، فعندما نفقد كل سند أرضي، لا نجد سوى السند والشفاء والخبز السمائيّ، والينبوع الحيّ الذي يروي نفوسنا بكل طاقاتها «الاِحْتِمَاءُ بِالرَّبِّ خَيْرٌ مِنَ التَّوَكُّلِ عَلَى الرُّؤَسَاءِ» (مز118: 9).

فمن فوائد الوحدة أنها فرصة مناسبة للخلوة والتأمُّل والصلاة والإبداع، فعندما يسمح الله بتخلي البشر، ليس دون قصد، فالمرض فرصة لمحاسبة النفس، والرجوع إلى الله بالتوبة، والإمساك بالله بكل قوتنا وطاقتنا، لذلك يربط معلمنا يعقوب الرسول الشفاء الروحي بالجسدي في سر مسحة المرضى (يع5: 15).


  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx